بين الأوضاع الإنسانية المروعة التي يعيشها سكان قطاع غزة وخروج الكنيست الإسرائيلي بقرار وقف عمل وكالة الأونروا، يخرج العالم عن صمته ليندد بالقرار الذي اتخذه الكنيست بشأن منع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من العمل، وشهدت جلسة مجلس الأمن الدولي، اليوم الثلاثاء، نقاشات مفتوحة حول التطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية والتحديات المستمرة نتيجة التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر في غزة، وخلال الجلسة، دعت الدول إلى إعادة السلام والاستقرار وحثت إسرائيل على وقف الهجمات ومعالجة الأوضاع الإنسانية داخل قطاع غزة.
رفض أمريكي
أعربت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية ليندا توماس جرينفيلد، عن مخاوفها بشأن تنفيذ التشريع الإسرائيلي بإيقاف عمل منظمة الأونروا داخل قطاع غزة.
وأضافت خلال كلمتها بجلسة مجلس الأمن في اجتماعه الدوري حول الوضع في الشرق الأوسط بما فيه القضية الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، أنه ما من بديل للأونروا عندما يتعلق الأمر بإيصال الغذاء وغيره من المساعدات المنقذة للحياة في غزة.
ومضت قائلة: "يجب على إسرائيل والأمم المتحدة التحدث مع بعضهما البعض لمعالجة المخاوف التي أدت إلى التشريع في الكنيست ولضمان أن تفي الأونروا بولايتها الحاسمة، وإعادة بناء الثقة في مهمتها والمئات من الموظفين غير المرتبطين بحماس".
وكررت ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه يجب على إسرائيل أن تجري عملياتها في غزة بطريقة تحمي المدنيين وتلتزم بالقانون الدولي، وأشارت إلى أنّ الجهود التي تبذلها الحكومة الإسرائيلية لتسهيل المساعدات الإنسانية موضع تقدير، لكن يجب القيام بالمزيد.
الأمم المتحدة
في الجلسة، قال المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلند: "إننا دخلنا العام الثاني من النزاع المروع، والمنطقة على شفا تصعيد خطير آخر، وأعمال العنف في الأراضي الفلسطينية والمنطقة بشكل عام ما زالت مستمرة، وأمس ضربت القوات الإسرائيلية في غزة مبنى في بيت لاهيا، ما أدى إلى مقتل 90 فلسطينيًا على الأقل منهم 25 طفلًا على الأقل، وهذه الضربة حلقة أخرى في سلسلة أعمال العنف الدموية في غزة".
وأضاف: "أننا نشهد كابوسًا إنسانيًا مروعًا، يتطور بسرعة تمنعنا من تسوية مستدامة"، لافتا إلى أنه "خلال وجوده في غزة شاهد ما يتخطى الخيال من حجم الدمار الكبير الذي تسببت فيه الحرب على السكان، من تدمير لمبانٍ سكنية وطرقات ومستشفيات ومدارس، والآلاف الذين يعيشون في مخيمات لا مكان لهم يلجؤون إليه مع اقتراب فصل الشتاء".
وتابع: "نحن في المرحلة الأخطر في الشرق الأوسط منذ عقود، ويجب أن يبذل كل منا الجهود لتخفيف التصعيد في المنطقة وإنشاء مسار نحو السلام والاستقرار ووقف إطلاق النار فورًا"، داعيًا كل الأطراف إلى الانخراط بشكل بنّاء في الجهود الدبلوماسية الملحة لتخفيف التصعيد وتفادي حلقة مفرغة من الموت والدمار، مطالبًا بعدم السماح بتوقف عمل الأونروا وتقويضه.
فلسطين
واتصالًا مع هذا، قال المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، السفير رياض منصور، إن جيش الاحتلال يُخضع السكان للقصف والحصار وخطر التجويع، وهذه السياسات والممارسات للحكومة في شمال غزة ستؤدي إلى إفراغ شمال غزة من كل الفلسطينيين، ونحن نواجه ما قد يرتقي إلى جرائم حرب.
وأضاف أن وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية استنتجت من جانبها خلال جلسة أخيرة لمجلس الأمن أن سكان شمال غزة يواجهون خطر الموت بأكملهم، مئات الآلاف من الفلسطينيين معرضون للموت الفوري، ويواجهون عقوبة الإعدام لأنهم يرفضون أن يغادروا أراضيهم.
وأضاف مندوب فلسطين أن إسرائيل مستمرة في ارتكاب الجرائم الإنسانية ضد الفلسطينيين بقطاع غزة، مشيرًا إلى أن العدوان الإسرائيلي تسبب في مقتل العدد الأكبر من الكوادر الصحفية والطبية وموظفي الأمم المتحدة.
ولفت مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن، إلى أن دول العالم أدانت قرار إسرائيل بحظر أنشطة الأونروا، لكن تل أبيب مستمرة في التحريض ضد الأونروا، وأن إسرائيل مستمرة في جرائمها بسبب عدم تحرك العالم عمليًا ضد جرائمها، ويجب التوصل لوقف فوري غير مشروط لإطلاق النار بقطاع غزة.
روسيا
من جانبه، قال ممثل الاتحاد الروسي في الأمم المتحدة، إن الأزمة الإنسانية تتفاقم بشكل يومي في شمال غزة، حيث يتعرض اللاجئون والنازحون لهجمات مستمرة، كان آخرها في بيت لاهيا، حيث قُتل 49 شخصًا وأصيب أكثر من 80 بجروح.
وأشار إلى أن عدد النازحين والمشردين في ازدياد بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر، الذي لا تقتصر آثاره على غزة فقط، بل تمتد لتشمل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، حيث تتعرض المناطق لهجمات متكررة من المستوطنين.
وأضاف أن العمليات العسكرية الإسرائيلية أسفرت عن تغيير جذري في طبيعة الصراع، إذ تم حرمان المدنيين من إنسانيتهم، وتجاوزت الانتهاكات الإسرائيلية حدود غزة، مع مقتل 310 من العاملين في المجال الإنساني، بينهم 231 من موظفي وكالة "الأونروا".
وأشار المسؤول الروسي إلى أن "الأونروا" تلعب دورًا محوريًا في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، ليس فقط في قطاع غزة بل أيضًا في الضفة الغربية ولبنان والأردن وسوريا.
وأكد أن القرار الإسرائيلي الأخير في الكنيست يهدف إلى تفكيك هذه الوكالة ومنعها من العمل، ما سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية ويهدد بمضاعفة معاناة الفلسطينيين.
بريطانيا
ودعا ممثل المملكة المتحدة إلى ضرورة اغتنام الفرصة لتحقيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن الأوضاع الإنسانية هناك مروعة، خاصة في شمال القطاع، حيث يعاني السكان نقصا حادا في الغذاء والمساعدات الأساسية.
وأعرب عن قلقه العميق إزاء الأضرار الكبيرة التي لحقت بالبنية التحتية المدنية، وندرة الإمدادات الطبية والغذائية والمياه.
وطالب إسرائيل بالالتزام بالقانون الدولي، والسماح بدخول المساعدات بكميات كافية، وضمان سلامة الأطفال وتطعيمهم بشكل آمن.
وأكد أن محاولات تقويض عمل وكالة "الأونروا" غير مقبولة، فهي تمثل شريان حياة للآلاف من المدنيين.
كما حثَّ المجتمع الدولي ومجلس الأمن على العمل نحو حل الدولتين، لضمان السلام والاستقرار في المنطقة.