الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تكتيك الشاويش.. الاحتلال يستخدم الفلسطينيين دروعا بشرية في غزة

  • مشاركة :
post-title
جيش الاحتلال الإسرائيلي مع أحد المحتجزين كدروع بشرية

القاهرة الإخبارية - أحمد أنور

وثّقت صحيفة "الجارديان" البريطانية جرائم الحرب التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة، التي تجاوزت عامها الأول، بعد أن جمعت روايات الفلسطينيين الذين أكدوا استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي المدنيين العزّل دروعًا بشرية في غزة.

وأكد المعتقلون، في رواياتهم، أن جيش الاحتلال استخدمهم وأرسلهم إلى منازل وأنفاق غير مستكشفة قبل أن يقتحمها الجنود، في انتهاك لاتفاقيات جنيف.

أحد ضحايا جيش الاحتلال.. هو رامز السكافي، البالغ من العمر 30 عامًا، الذي أحرقوا منزل عائلته في شمال غزة، ثم فصلوه عن عائلته واحتجزوه، وقال إنهم كانوا يخططون لمهمة معينة له.

دروع بشرية في الشجاعية

في الأيام الحادية عشرة التالية في أوائل يوليو الماضي، قال الفلسطيني رامز السكافي إنه أُرسل إلى منزل تلو الآخر في منطقة منزله، الشجاعية، تحت مراقبة حراسه العسكريين الإسرائيليين. ووفقًا للرواية التي أدلى بها لصحيفة الجارديان، فقد حوّلوه إلى درع بشرية ضد الأفخاخ ومسلحي حماس.

ووفقًا للمبلّغين الذين تحدثوا إلى مجموعة المحاربين القدامى المنشقة Breaking The Silence (BTS)، فإن هذه الممارسة منتشرة على نطاق واسع.

إجبار واعتداء

قال السكافي: "حاولت مقاومة طلبهم، لكنهم بدأوا في ضربي وأخبرني الضابط أنه ليس من اختياري وعليّ أن أفعل ما يريدونه، وأخبرني أن مهمتي ستكون تفتيش المنازل وإخبارهم بمعلومات عن أصحاب المنازل، وبعد ضغوط شديدة، لم يتبق لي أي خيار".

كان "السكافي" واحدًا من ثلاثة فلسطينيين أجرت صحيفة الجارديان مقابلات معهم قالوا إنهم استُخْدِموا من قِبل وحدات من جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأرسلتهم بعيدًا عن الجنود الإسرائيليين إلى منازل وأنفاق غير مستكشفة في غزة.

جيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدم المدنيين كدروع بشرية
"الشاويش".. الدورع البشرية

وجمع تحقيق أجرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في أغسطس الماضي شهادات من جنود إسرائيليين قالوا إن الفلسطينيين الذين استُخْدِموا كدروع كانوا يُعرفون باسم "الشاويش"، وهي كلمة من أصل تركي تعني "رقيب"، وأشار الجنود إلى أن هذا تكتيك مؤسسي وافق عليه كبار الضباط.

وقال "السكافي" إنه في عدة مناسبات أثناء اعتقاله، أُجبر على حمل طائرات صغيرة بدون طيار رباعية المراوح إلى داخل المنازل التي يتم تفتيشها حتى يتمكن الإسرائيليون من رؤية ما بداخلها من خلال الكاميرات المدمجة في الطائرات بدون طيار.

وقال السكافي: "بعد أن انتهيت من تصوير المنازل من الداخل وغادرت، دخلوا وبدأوا في تدميرها".

تقييد بالسلاسل

وتابع" "كل يوم، بعد أن انتهوا مني، اعتادوا على ربط يدي وتغطية عيني، ولم يخلعوا السلاسل إلا عندما كانوا يقدمون لي الطعام أو عندما سُمح لي بالذهاب إلى الحمام".

قال "السكافي" إنه في اليوم السادس من استخدامه لتطهير المنازل في الشجاعية، تعرّض خاطفوه من جيش الاحتلال الإسرائيلي لإطلاق نار من مسلح من حماس، ما أدى إلى تبادل لإطلاق النار ومواجهة استمرت من الظهر حتى ذلك المساء.

سنقتل هذا المدني

وأضاف: "خلال تلك الفترة استخدموني كدرع بشرية، وكنت في المنتصف، وقالوا للمقاتل المقاوم: "سلم نفسك، أو سنقتل هذا المدني".

وقال السكافي إن جيش الاحتلال الإسرائيلي نجح في النهاية في قتل عنصر حماس الوحيد، وأجبروه على دخول المنزل الذي كان المسلح يستخدمه كموقع قناص وتصوير الجثة بهاتف محمول.

وأوضح أن وحدة جيش الاحتلال الإسرائيلي التي استخدمته كانت غاضبة منه لأن موقع القناص كان في منزل تم إرساله لتفتيشه في وقت سابق من اليوم، واتهم السكافي بالمساعدة في إخفاء وجود المسلح.

جيش الاحتلال الإسرائيلي مع أحد المحتجزين كدروع بشرية
اختطاف من الممرات الإنسانية

وفي حادثة أخرى، حصلت صحيفة الجارديان على تفاصيلها من أصدقاء الإسرائيلي المتورط، استولى "شاويش" فلسطيني على بندقية جندي إسرائيلي، وأطلق النار على قدم الجندي، قبل أن يُقتل الفلسطيني على يد جنود آخرين في الوحدة.

تشير الشهادات التي أدلى بها المبلّغون عن المخالفات للمجموعة الإسرائيلية المنشقة BTS إلى أن استخدام الدروع البشرية منتشر على نطاق واسع.

وقال ناداف فايمان، قناص سابق في جيش الدفاع الإسرائيلي ومدير منظمة BTS حاليًا: "ما نفهمه، إن هذا كان بروتوكولًا واسع الاستخدام، وهذا يعني أن هناك مئات الفلسطينيين في غزة الذين تم استخدامهم كدروع بشرية".

ويقول "فايمان" إن "الفلسطينيين يُختطفون من الممرات الإنسانية داخل غزة، ثم يُنقلون إلى وحدات مختلفة داخل غزة، (وحدات مشاة نظامية وليس قوات خاصة) ثم يُستخدَموا كدروع بشرية لتمشيط الأنفاق والمنازل.. وفي بعض الحالات، يحملون كاميرا "جو برو" على صدورهم أو رؤوسهم، وفي أغلب الحالات، يُكبَّلون بالأصفاد قبل نقلهم إلى نفق أو منزل لتمشيطه، وهم يرتدون زي جيش الدفاع الإسرائيلي".

ارتداء الزي العسكري للاحتلال

إن ارتداء الزي العسكري الإسرائيلي يشكل مصدر عار خاص للمعتقلين الفلسطينيين، وقال الثلاثة الذين أجرت صحيفة الجارديان مقابلات معهم إنهم نجحوا في مقاومة الضغوط التي مورست عليهم لارتداء الزي العسكري الإسرائيلي.

إجبار على تفتيش المنازل

وقال إسماعيل الصوالحي (30 عامًا) حداد ومزارع من مخيم جباليا شمال غزة: "كانوا يأخذوننا معهم في المهمات، ويرسلونني إلى المنازل أمامهم للتأكد من سلامتها، ثم يدخلون من خلفنا، وبعد خروجهم كانوا يفجرون المنزل خلفهم".

تم اعتقال "الصوالحي" بالقرب من معبر كرم أبو سالم في الجنوب في يوليو الماضي وأُجبر على العمل كدرع بشرية لوحدة تابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي لمدة 12 يومًا من عمليات التطهير في رفح الفلسطينية.

وقال: "كان الجنود يحمون أنفسهم بنا طوال الوقت حتى لا يهاجمهم المقاومون، كنا مثل الألعاب في أيديهم".

جيش الاحتلال الإسرائيلي
 جهاز تعقب في اليد

وخوفًا من الانتقام.. قال رجل يبلغ من العمر 35 عامًا من بيت لاهيا في شمال غزة، عرّف عن نفسه باسم أبو سعيد فقط، لكن صحيفة الجارديان تأكدت من هويته، بأنه اعتُقل في فبراير الماضي واستخدم كدرع بشرية لمدة أربع ساعات.

وقال: "وضع جنود الاحتلال جهاز تتبع على يدي وقالوا لي إذا حاولت الهرب فسوف نطلق النار عليك وسنعرف مكانك، وطلبوا مني أن أطرق أبواب أربعة منازل ومدرستين وأطلب من الناس المغادرة أولاً النساء والأطفال ثم الرجال".

وتابع: "في إحدى المدارس كان الوضع خطيرًا للغاية، صرخت على الجميع في المدرسة للمغادرة بهدوء، لكن في تلك اللحظة كان هناك إطلاق نار كثيف من قِبل جيش الاحتلال واعتقدت أنني سأموت".

وفي نهاية اليوم، تم إزالة جهاز التعقب، وطُلِبَ من أبو سعيد مغادرة المنطقة وهو يلوح بالعلم الأبيض الذي تم تزويده به.

انتهاك للقانون الدولي

ويعد استخدام السجناء كدروع بشرية هو انتهاك واضح لاتفاقيات جنيف ومحظور صراحة بموجب القانون الإسرائيلي، روغم تلك الروايات الموثقة نفى جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه يستخدم تكتيك "الشاويش".

وتتفق الشهادات التي جمعتها صحيفة الجارديان من المعتقلين الفلسطينيين السابقين إلى حد كبير مع التقارير التي نشرتها هآرتس.

في عام 2002، أصدرت المحكمة العليا في إسرائيل أمرًا قضائيًا يحظر على جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدام ما كان يعرف باسم "إجراء الجار"، واحتجاز فلسطيني في منطقة مضطربة، وأمرت المعتقل بطرق أبواب جيرانه والإشراف على إخلاء منازلهم.

وفي عام 2010 تم تخفيض رتبة رقيبين في جيش الدفاع الإسرائيلي لإجبارهما طفلًا فلسطينيًا يبلغ من العمر تسع سنوات على فتح عدد من الحقائب المشتبه في احتوائها على متفجرات.

نفي الاحتلال رغم التأكيدات

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان له: "تحظر الأوامر والتوجيهات الصادرة عن جيش الدفاع الإسرائيلي استخدام المدنيين الغزيين الذين يتم أسرهم في الميدان في مهام عسكرية تعرضهم للخطر. وقد تم توضيح البروتوكولات والأوامر للقوات على الأرض"، مضيفًا أن الادعاءات المبلغ عنها "تم إرسالها لفحصها من قبل السلطات المختصة".