الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مدعومة بأسعار النفط.. حكومات البلدان الغنية تتجه إلى اليسار في 2023

  • مشاركة :
post-title
فوز اليساري لولا دا سيلفا برئاسة البرازيل 2023

القاهرة الإخبارية - محمد البلاسي

 في عام 1979، أدت زيادة أسعار النفط، التي أعقبت عقدًا من الركود التضخمي، إلى الابتعاد عن التعاون بين الدولة والشركات الكبيرة ورجال الأعمال، لتحقيق دور أكبر للأسواق والمشروعات الخاصة، فهل يمكن أن يكون عام 2023 مماثلًا في ظل ارتفاع أسعار الطاقة وزيادة التضخم عالميًا، مع حروب وأزمات وأحد أكثر الأوبئة فتكًا في التاريخ.

بعد التحولات السياسية الواسعة في البلدان الغنية، من المتوقع أن تتحرك السياسة إلى اليسار، وربما يكون ذلك رد فعل على حكومات يمين الوسط التي هيمنت على الحكومات في البلدان الغنية خلال العقد الماضي، وترى مجلة "إيكونومست" البريطانية أن هذا يحدث بالفعل، ففي عام 2022، خلال اجتماع لمجموعة الدول السبع G7، كان يجلس بجوار الرئيس الأمريكي جو بايدن خمسة قادة آخرين من يسار الوسط، وهم قادة كندا وفرنسا وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، وفي المقابل، عندما التقى باراك أوباما، سلف بايدن الديمقراطي، نظرائه في عام 2010، جاءوا جميعًا من اليمين أو يمين الوسط.

الرئيس الأمريكي رونالد ريجان ورئيسة وزراء بريطانيا مارجريت تاتشر

الرأي العام يتحول إلى اليسار في البلدان الغنية

ولكن يبدو أن الرأي العام يتحول إلى اليسار في الديمقراطيات الغنية، ففي الولايات المتحدة، انخفضت نسبة المستجيبين للاستطلاعات التي أجراها مركز "بيو" للأبحاث، والذين قالوا إن البنوك كان لها تأثير إيجابي على الاقتصاد من 49٪ في عام 2019 إلى 40٪ بعد ثلاث سنوات، وكان الانخفاض أكبر بالنسبة لمؤيدي شركات التكنولوجيا والشركات الكبيرة، ويبدو هذا تحولًا عن الاعتقاد الذي ساد الثمانينيات بأن الشركات الكبيرة ستحل العديد من مشاكل العالم.

2023 نقطة تحول لليسار

إن المشاعر المعادية للشركات الكبرى ليست سوى البداية، فقد قال نصف المشاركين أو أكثر في استطلاع لمركز "بيو" في كل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا إن اقتصاداتهم بحاجة إلى تغيير كبير أو إصلاح شامل، ووصف غالبية المطالبين بإصلاح أكبر، أنفسهم بأنهم من اليسار، وعليه، فإن احتمالية أن يمثل عام 2023 نوعًا من نقطة التحول مدعومًا بنوع التحولات التي تؤدي إلى تغيير واسع النطاق.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماركون ونظيره الأمريكي جو بايدن

ترجمة الأفكار إلى سياسات وقوانين

ومع ذلك، يبقى ترجمة ذلك من خلال السياسة أمر مختلف، ولكي يحدث ذلك، لا يكفي تغير معتقدات الرأي العام أو التحولات الاقتصادية، فقد كانت نقاط التحول في الماضي ممكنة، لأن الأحزاب السياسية تبنت معتقدات جديدة، وكانت قادرة على تقديم التنازلات اللازمة لوضع الأفكار موضع التنفيذ، وليس من الواضح إن كانت الأحزاب السياسية اليسارية لديها التفويضات أو السلطة أو الإرادة للقيام بذلك الآن.

لقد حققت مارجريت تاتشر في بريطانيا ورونالد ريجان، في الولايات المتحدة، انتصارات سياسية ساحقة في الثمانينيات، لكن مثل هذه النتائج الحاسمة أصبحت نادرة، وبين 1980 و1996 ربح الفائز بالرئاسة الأمريكية التصويت الشعبي بفارق عشر نقاط تقريبًا، ومن عام 2000 إلى عام 2020 كان الهامش أقل من 2.6 نقطة، ويواجه جو بايدن مشكلة إضافية تتمثل في إدارة حكومة منقسمة، بعد النتائج الأخيرة للانتخابات النصفية، وفي بريطانيا، فازت الأحزاب التي شكلت الحكومات المتعاقبة من عام 1945 وحتى عام 1960 بنحو 48٪ من الأصوات، ومنذ عام 2010، كانت حصة الفائزين أقل من 40٪.

يعني ما سبق، انخفاض نسبة إقبال الناخبين بشكل حاد في معظم الديمقراطيات الغنية، وهنا يتضح أنه لا يمكن للأحزاب الاعتماد على تفويضات شعبية كبيرة، وحتى لو حدث ذلك، لن يدوم ذلك طويلًا، وفي أبريل 2022، تغلب إيمانويل ماكرون على مارين لوبان بنسبة 59٪ إلى 41٪، وفي الانتخابات التشريعية بعد شهرين، خسر حزبه أغلبيته وفاز التجمع الوطني "حزب لوبان" بمقاعد جديدة أكثر من أي حزب آخر، وحدث لماكرون ما حدث لبايدن وهو حكومة منقسمة أضعفت من سلطاته.