رغم الخسائر الفادحة التي تعرّض لها قطاع غزة بعد عام من العدوان، طال هذا الدمار دولة الاحتلال الإسرائيلي أيضًا، ما بين مئات القتلى وآلاف النازحين واستمرار قضية المحتجزين، وارتباك سياسي داخلي، فيما يواجه الاقتصاد الإسرائيلي إحدى أكبر أزماته منذ عام 1948.
ومنذ عام، شنَّ الاحتلال الإسرائيلي هجومًا عنيفًا على قطاع غزة، إثر عملية "طوفان الأقصى" التي جاءت ردًا على سلسلة الاعتداءات التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات، لا سيما المسجد الأقصى، بجانب استمرار المستوطنين في قتل وتهجير الأهالي من منازلهم بالضفة الغربية تحت حماية قوات الأمن.
8 جبهات
وعلى عكس الجهود الدولية الرامية لوقف إطلاق النار، لا تزال الحرب مستمرة وتتسع رقعتها خلال الأسابيع الأخيرة، لتشمل الجبهة الشمالية مع لبنان، بجانب ما يوصف بـ"الحرب الإسرائيلية- الإيرانية الأولى"، ووفقًا لمركز "مدار" الفلسطيني المتخصص في الشأن الإسرئيلي، تخوض إسرائيل الآن حربًا في 7 جبهات بداية من قطاع غزة ولبنان، وسورية، والعراق، وإيران، واليمن، والضفة الغربية، وفي مقاله المنشور بـ"فورين أفيرز" شدّد الباحث الإسرائيلي أساف أوريون على أن هناك جبهة ثامنة أخطر تتعلق بالصراع الإسرائيلي الداخلي، متوقعين أن تكون حربًا متعددة الأعوام.
دمار ونازحون
وبحسب الأرقام الإسرائيلية المعلنة، أوقعت الحرب آلاف القتلى والجرحى في إسرائيل، وأكثر من 100 محتجز في قطاع غزة، و100 ألف نازح في مستوطنات المنطقة الجنوبية، كما قُتل خلال العام الماضي، وذلك بخلاف الخسائر العسكرية، التي تضمنت نحو 730 جنديًا إسرائيليًا، وجرح 4640 منذ اندلاع الصراع في غزة.
وبسبب الحرب مع لبنان تم إخلاء مستوطنات المنطقة الشمالية التي تعرضت لدمار كبير، كما أن الحرب أصابت عشرات الآلاف من الإسرائيليين بإصابات نفسية، بجانب زيادة العبء على جنود تشكيلات الاحتياط الذين تجاوزت أيام خدمتهم الاحتياطية لأول مرة في تاريخ إسرائيل 200 يوم.
السياحة والاقتصاد
كما يواجه الاقتصاد الإسرائيلي إحدى أكبر أزماته، وفقًا للتقرير، بعد انهيار العديد من المرافق الاقتصادية، التي ترتب عليها تداعيات جمّة من أبرزها تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل من طرف الشركات الدولية، وبحسب القناة الـ13 الإسرائيلية، كشفت بيانات الجهاز المركزي للإحصاء في إسرائيل، عن تراجع النمو الاقتصادي على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2024.
وأظهر تقرير صادر من المكتب المركزي للإحصاء في إسرائيل أن عدد السياح الأجانب الذين زاروا إسرائيل انخفض بنسبة 73.2% على أساس سنوي، من 2.83 مليون إلى 757.100 في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي قبل بدء الصراع الجاري.
كما انخفضت حركة الركاب عبر مطار تل أبيب الدولي الرئيسي بنسبة 42.92% وأظهر تقرير صادر عن هيئة مطارات إسرائيل 10.85 مليون مسافر دولي مروا عبر مطار تل أبيب الدولي بانخفاض عن 19.01 مليون خلال الفترة نفسها من عام 2023.
حرب طويلة
ولم تفلح إسرائيل في خطتها المتعلقة بخلق فراغ داخل حزب الله اللبناني، وفقًا للمحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، الذي أكد أنه سرعان ما ملأ هذا الفراغ عشرات المستشارين الموجودين في لبنان التابعين للحرس الثوري، الذين يقدمون المساعدة إلى حزب الله في حربه ضد إسرائيل.
وبالرغم من أن إسرائيل لديها تفوق جوّي بارز، فضلًا عن قدراتها الاستخباراتية، إلا أنه برأي المحللين العسكريين، فقد تمكن حزب الله من إقامة منظومة أنفاق طويلة ومتشعبة في مناطق كثيرة من لبنان ولا سيما في المناطق الجبلية، وكل ذلك يعزّز من قدرته على خوض حرب طويلة الأمد.