الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

موقف ماكرون يشق الصف الأوروبي.. انقسام حاد حول دعم إسرائيل

  • مشاركة :
post-title
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

أثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عاصفة سياسية بدعوته لوقف تسليم الأسلحة المستخدمة من قبل إسرائيل في عدوانها على غزة، ما كشف عن انقسام عميق في المواقف الدولية والأوروبية تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، فيما فتح هذا الموقف الجريء من ماكرون الباب لتساؤلات جوهرية حول مدى تغير الموقف الغربي تجاه هذا الصراع المستمر.

صدمة في تل أبيب وانقسام في أوروبا

وفقًا لصحيفة "بوليتيكو"، أثارت تصريحات ماكرون ردود فعل غاضبة من الجانب الإسرائيلي، إذ شن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هجومًا حادًا على الرئيس الفرنسي في بيان مصور، قائلًا بغضب: "العار عليهم".

هذا الرد العنيف يكشف عن مدى اعتماد إسرائيل على الدعم العسكري الغربي وخوفها من أي تغيير في الموقف الدولي.

على الصعيد الأوروبي، برز الانقسام جليًا، ففي لندن، الحليف التقليدي لفرنسا، جاء الرد مخالفًا لموقف ماكرون، إذ صرح وزير الدفاع البريطاني جون هيلي لقناة "سكاي نيوز" قائلًا: "لا، نحن نعمل بنظام مختلف"، ما يعكس استمرار التحيز الغربي لصالح إسرائيل.

ومع ذلك، فإن موقف ماكرون ليس معزولًا تمامًا.

في فبراير الماضي، أصدرت محكمة هولندية حكمًا يلزم الحكومة الهولندية بوقف شحنات مكونات طائرات F-35 المقاتلة إلى إسرائيل؛ بسبب استمرار عدوانها على غزة، مما يمثل خطوة مهمة نحو مساءلة إسرائيل عن جرائمها.

صراع داخلي في فرنسا

على الصعيد الداخلي الفرنسي، واجه ماكرون انتقادات حادة حتى من داخل حزبه، إذ عبرت ياييل براون-بيفيه، رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية والمنتمية لحزب ماكرون "النهضة"، عن معارضتها لموقف الرئيس قائلة: "يجب عدم نزع سلاح إسرائيل".

هذه المعارضة الداخلية تكشف عن عمق تغلغل اللوبي الإسرائيلي في السياسة الفرنسية والأوروبية بشكل عام.

رغم ذلك، فإن جرأة ماكرون في اتخاذ هذا الموقف؛ رغم المعارضة الداخلية تشير إلى تحول محتمل في الرأي العام الفرنسي والأوروبي تجاه القضية الفلسطينية.

سياق تاريخي متوتر

لفهم أهمية موقف ماكرون، يجب وضعه في سياقه التاريخي، إذ إن فرنسا، التي تضم جالية يهودية كبيرة وأيضًا أقلية مسلمة كبيرة، تجد نفسها دائمًا في موقف حساس عندما يتعلق الأمر بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

هذا التنوع الديموجرافي يضع ماكرون أمام تحدٍ كبير في الموازنة بين الضغوط الداخلية والمسؤولية الأخلاقية تجاه الضحايا الفلسطينيين.

توقيت حساس وتداعيات إنسانية

جاءت تصريحات ماكرون في وقت بالغ الحساسية، حيث تستمر إسرائيل في عدوانها على غزة منذ أكثر من عام، مخلفة أكثر من 40 ألف شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء.

هذه الخسائر الفادحة في الأرواح المدنية الفلسطينية تضع الحكومات الغربية أمام مسؤولية أخلاقية كبيرة، فاستمرار تدفق الأسلحة الغربية إلى إسرائيل يجعل هذه الحكومات متواطئة في الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.

صدى عالمي

دعوة ماكرون لفرض حظر على الأسلحة، تأتي في سياق تصاعد الأصوات الدولية المطالبة بمحاسبة إسرائيل، إذ سبق أن أطلقت منظمات حقوقية دولية ونواب من حزب العمال البريطاني والنواب اليساريين الفرنسيين، بالإضافة إلى سياسيين بارزين مثل السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز، دعوات مماثلة.

هذا التوافق المتزايد بين أصوات مختلفة حول العالم، يشير إلى تحول محتمل في الرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية.

تحذيرات أممية

في يونيو الماضي، حذّر خبراء الأمم المتحدة من أن الدول والشركات التي ترسل أسلحة إلى إسرائيل قد تخاطر بـ "التواطؤ في جرائم دولية، بما في ذلك احتمال الإبادة الجماعية"، وهذا التحذير الأممي يضع دعوة ماكرون في سياق قانوني وأخلاقي أوسع، ويؤكد على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تدفق الأسلحة إلى إسرائيل.