العمل يسرد قصة حقيقية عن منطقة متنازع عليها وصورنا تحت تهديد الحرب
الفيلم لمسني لأنه يتشابه مع ما نعيشه حاليًا في منطقتنا وقيام العدو بأخذ أرضنا
العالم بحاجة لرؤية أفلامنا ولا ننتج أفلامًا تجارية أو تحريكًا للأموال
رشح الأردن الفيلم التسجيلي "حلوة يا أرضي"؛ لتمثيل المملكة رسميًا في الدورة الـ97 لحفل جوائز الأوسكار، والذي يسرد قصة حقيقية صورت أحداثها في منطقة متنازع عليها ما بين أرمينيا وأذربيجان وهي إقليم كاراباخ، ليقدم العمل وجهًا آخر للحياة في هذه المنطقة التي تحوطها الحرب والنزاعات، ويكشف عن قصة إنسانية بطلها طفل يدعى "فريج".
تقول صانعة الأفلام الأردنية ومنتجة العمل، عزة حوراني، عن فيلمها "حلوة يا أرضي"، في حوارها مع موقع "القاهرة الإخبارية": "إن العمل شديد الخصوصية؛ لأنه يحكي عن منطقة مُعسكرة، حيث إن الأطفال يتعلمون دروسًا عسكرية وكيف يحملون السلاح ويتعاملون مع الحرب، واخترت هذه المنطقة المتنازع عليها، ليرى العالم ما يحدث فيها، حيث تعيش صراعًا دائمًا وتهديدًا مستمرًا باندلاع الحرب بين طرفي النزاع".
تابعت: "قصة الفيلم تبدأ مع فريج وهو طفل يبلغ من العمر 11 عامًا، ولد في هذه المنطقة، ونرى ما يحدث معه عندما يكبر ويعيش في أجواء من الصراعات والحرب وتغير شخصيته البريئة وعقليته ليقوم بالإمساك بالسلاح في عمر صغير والعيش في حالة من الحرب".
يعود العمل في بعض أحداثه بالزمن لحوالي 16 عامًا، من خلال "فلاش باك" لأحداث حقيقية صورت وتم مزجها ضمن الفيلم، إذ تقول "حوراني": "الفيلم يبدأ بأرشيف لعرس جماعي حدث في عام 2008 كان هدفه أن يجمع 700 زوج وزوجة لينجبوا أطفالًا يكونون هم جنود المستقبل، والطفل "فريج" هو أحد نتاج هذا الزواج، فعندما فكرنا في الفيلم ذهبنا لهذه القرى وقابلنا الأهالي بعد 10 سنين من العرس الجماعي، وكان فريج واحدًا من الأطفال، الذي تتمحور حوله الأحداث".
اختارت "عزة" هذا الفيلم لتقدمه للجمهور، وتكشف عن سبب ذلك قائلة: "أنا فلسطينية أردنية، ففكرة الفيلم والصراع الذي يعيشه أهل المنطقة هناك تتشابه مع ما نعيشه حاليًا، وهو شيء يخصني جدًا ويشبه الزعزعة التي تحدث في المنطقة، والخوف من أن يقوم العدو في أي لحظة بأخذ أرضي وأرض الغير عنوة، فهذا الأمر لمسني ويمس أي عربي يعيش بهذه الحالة".
ثمة تحديات وصعوبات كثيرة مرت عزة بها أثناء تنفيذ العمل، فتقول عنها: "صعوبات كثيرة واجهتنا أثناء تنفيذ هذا المشروع، أولها أننا في منطقة متنازع عليها، حيث زرنا المنطقة لمدة 4 أو 5 سنوات ما بين البحث والتصوير، وفي سبتمبر عام 2020 اندلعت حرب بين طرفي النزاع، واضطرت المخرجة للسفر لاستكمال التصوير تحت وطأة الحرب، وكان هناك تهديد حقيقي للحياة، وصعوبة في الوصول للمنطقة أثناء الحرب، والتصوير مع أهل المنطقة الأصليين قبل أن يأخذها الطرف الثاني، فضلًا عن صعوبات أخرى متعلقة بالتمويل والإنتاج المشترك وهي أمور لا تخلو من أي فيلم، ومن حسن الحظ أننا عثرنا على إنتاج مشترك مع أيرلندا وفرنسا، وبحكم أنني مخرجة أردنية استطعنا أن نحصل على تمويل أردني من صندوق دعم الأفلام، وعمل المونتاج في الأردن".
تصف خطوة ترشيح الفيلم للأوسكار بأنها عظيمة للغاية، لتقول عن ذلك: "تقديم فيلم وثائقي يحكي عن نزاعات وطفل يعيش حالة الحرب، وترشيحه للأوسكار أمر في غاية الأهمية، حيث كان هدفنا أن تصل قصة الفيلم لأكبر عدد من الجمهور ونعرف العالم على هذه المنطقة، وأن نعطيها الفرصة لكي تثبت وجودها في الخريطة قبل أن تتلاشى، إذ إنه بعد 4 سنوات من انتهاء التصوير، وبعد حرب مريرة تم تسليم المنطقة المتنازع عليها إلى أذربيجان".
تضيف: "أرى خطوة ترشيح الفيلم للأوسكار عظيمة، وبالتأكيد وسام شرف وفخر قيام الأردن بترشيح الفيلم لأوسكار؛ لأنه يثبت أن القصص التي ترشحها الدولة لا تعني أن القصة تخص الأردن فقط ولكن الفيلم يحكي عن منطقة نزاعها متشابه مع النزاعات التي تحدث في منطقتنا، بالإضافة إلى أن فكرة الفيلم وسرديته ليست سياسية، ولكن اجتماعية سواء قصة الطفل أو التطور الذي يعيشه من عمر 11 عامًا إلى 15 عامًا، فنحن نعيش حالته كحالة إنسانية، فالفيلم في النهاية هو إنساني، ومن المهم أن يرشح الأردن هذا العمل باعتباره فيلمًا وثائقيًا تسجيليًا، فكان مهمًا جدًا إثبات أهمية الفيلم الوثائقي وقوته".
استطاع الأردن أن يلفت الانتباه عالميًا بمشاركته في المهرجانات الدولية، لتعلق عزة على ذلك قائلة: "أنا صانعة أفلام أردنية منذ أكثر من 15 عامًا، فالسينما الأردنية لفتت الأنظار لها، وهذا نفتخر به، وعندما نقوم بعمل فيلم أردني لا نقدمه كفيلم تجاري ولكن باعتباره قصة وشخصية العالم يحتاج لرؤيتها وليس مجرد تحريك أموال، إنما إثبات وجود على خريطة السينما العالمية، أكرر فخري بالتواجد في صناعة السينما".
تختتم حوارها بالقول: "فخورة أيضًا بالتطور الذي تشهده الهيئة الملكية الأردنية للأفلام والتي تكبر، وقد بدأت مشواري معها من بداية الأفلام الروائية الطويلة قبل التسجيلية، وأرى أن السبب وراء رغبتنا في عمل أفلام هو أن نحكي قصصنا وحكاياتنا، ويكون هناك دافع أعلى من الدافع التجاري، وأشعر أن هناك مستقبلًا كبيرًا للأفلام الأردنية في الأوسكار بعد أن قمنا العام الماضي بتقديم فيلم "إن شاء الله ولد" والذي يخوض قصة إنسانية بحتة، وفيلم "حلوة يا أرضي" عن منطقة متنازع عليها، والأعوام المقبلة ستكون لدينا قصص أكثر نقدمها للأوسكار والعالم".