اعتبر خبراء سياسيون رفض المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب إجراء مناظرة أخرى قبل الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر المقبل، قد يكون بمثابة هدية لغريمته الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس، وفق ما ذكرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية.
وكتب ترامب في منشور على منصته " تروث سوشيال"، أمس الأول الخميس، أنه لن يناظر هاريس مرة أخرى، بعد المناظرة التي أجريت بينهما، مساء الثلاثاء الماضي بتوقيت شرق الولايات المتحدة، ومنحت استطلاعات الرأي الفوز للمرشحة الديمقراطية.
وتنافس المرشحان حول قضايا من بينها الاقتصاد والهجرة والإجهاض، لكن هاريس نجحت في نهاية المطاف في إثارة غضب ترامب من خلال السخرية من مشاكله القانونية وحجم مسيرات حملته الانتخابية.
وفي الوقت نفسه، دعت حملة هاريس إلى إجراء مناظرة ثانية بعد وقت قصير من انتهاء المناظرة الأولى، وهو العرض الذي رفضه ترامب، واعتبره المحللون بمثابة هدية لغريمته الديمقراطية.
ونقلت "نيوزويك" عن آرون كال، مدير برنامج المناظرة في جامعة ميتشيجان، إن ترامب ربما يقدم لهاريس السيناريو المثالي. وأوضح كال أن " السيناريو المثالي قد يكون أن تدعو إلى المناظرة ولا يقوم ترامب بذلك. وهذا كان دائما أفضل الحلول. يمكنها أن تظهر أنها مناظرة واثقة من نفسها ولا تجد أي مشكلة في إجراء مناظرة أخرى. وهذا يجعلها تبدو قوية ورئاسية، في حين يتعارض مع شعار القوة الذي يتبناه ترامب".
وقال كال إنه من غير المرجح أن تتمكن هاريس من "تكرار" استراتيجيتها بالكامل من المناظرة الأولى أو "القيام بعمل أفضل"، مضيفًا أنه فوجئ بالسرعة التي دعت بها الحملة إلى مواجهة أخرى.
وأضاف كال إن "مناظرة أخرى قد تشكل أيضا تحديا لوجستيًا لهاريس. فقد أمضت المرشحة الديمقراطية الأسبوع السابق للمناظرة في الاستعداد، بدلًا من القيام بجولة في الولايات الرئيسية المتأرجحة والتواصل مع الناخبين، الذين يقول الكثير منهم إنهم ما زالوا يريدون رؤية وسماع المزيد عن هاريس".
وتابع إن "المناظرة التي تجرى في وقت أقرب إلى يوم الانتخابات قد يتطلب من هاريس التضحية بالوقت المخصص للحملة الانتخابية أو المخاطرة بأن تكون أقل استعدادًا على المسرح".
وقالت تاتيشي نتيتا، أستاذة العلوم السياسية بجامعة ماساتشوستس في أمهرست، والتي تشرف أيضًا على عملية استطلاع الرأي بالمؤسسة، لنيوزويك، إن عدم إجراء مناظرة ثانية هو أمر "مربح لكلا المرشحين".
بالنسبة لترامب، وفق نتيتا، فإن المناظرة الثانية قد تنتهي إلى تكرار ما حدث يوم الثلاثاء الماضي، ولن يكون من المنطقي استراتيجيًا بالنسبة له "أن يضع نفسه في موقف محرج للمرة الثانية، ويعزز إمكانية أن تكون هاريس مرشحة رئاسية قادرة".
وأضافت نتيتا أن الخطر الذي يواجه هاريس هو أنها قد لا ترقى إلى مستوى "التوقعات العالية للغاية" التي أوجدها أدائها في المناظرة الأولى.
وفي مناظرة ثانية، قد تواجه هاريس أيضا أسئلة أكثر كثافة من المنسقين حول تفاصيل سياساتها، وفقا لما قاله جرانت ديفيس ريهير، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيراكيوز، لنيوزويك، مضيفا أنه من الأفضل لهاريس أن تترك المناظرة الأولى تقف بمفردها وتبقى في أذهان الناخبين.
وقال ريهير "قد يكون هناك المزيد من الجهود من جانب المنسقين للحصول على إجابات محددة منها حول سياساتها الخاصة، والتي كانت مفقودة، ومن المرجح أن يكون ترامب أفضل في الضغط عليها بشأن التفاصيل".
وأضاف: "كان أداء ترامب في المناظرة الأولى كارثيًا، وأعتقد أنه يعرف ذلك أيضًا. وإذا كانت هناك مناظرة ثانية كان فيها أكثر انضباطًا وأقل اختلالًا وأكثر قدرة على تركيز الانتباه على الغموض الكبير المحيط بخطط هاريس للمستقبل، ولماذا غيرت مواقفها بشكل كبير منذ عام 2020، ولماذا لن تلعب لصالح الجناح الأكثر ليبرالية في الحزب، فإن ذلك من شأنه أن يساعد المرشح الجمهوري".
وفي الوقت نفسه، أشار كال إلى أن المشرفين على مناظرة أخرى قد يكونون أقل استعدادا للتحقق من صحة بعض الادعاءات الكاذبة التي أدلى بها ترامب أثناء المناظرة حول الإجهاض والمهاجرين في سبرينجفيلد بولاية أوهايو الذين يأكلون حيوانات الناس الأليفة.
وقد يقوم ترامب أيضًا بعمل أفضل في المناظرات المستقبلية لربط خصمه بإدارة بايدن غير الشعبية، وهي الفرصة التي يقول كثيرون إن ترامب فشل في الاستفادة منها يوم الثلاثاء.
وأظهر استطلاع سريع أجرته شبكة "سي. إن. إن" أن 63% من المشاركين قالوا إن هاريس فازت في تلك المناظرة، مقارنة بـ 37% اعتقدوا أن ترامب فاز، وهو تناقض صارخ مع مناظرة ترامب ضد الرئيس جو بايدن في يونيو، عندما اعتقد معظم المشاهدين أن الرئيس السابق قد فاز.
ويبدو أن استطلاعات الرأي المبكرة التي أعقبت المناظرة تؤكد ذلك. فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/ إبسوس بين 1405 ناخب مسجل، من الأربعاء إلى الخميس، أن هاريس تتقدم بفارق خمس نقاط على ترامب (47% مقابل 42%)، بزيادة نقطة واحدة عن الشهر الماضي.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "مورنينج كونسلت" وشمل 3317 ناخبا محتملا الأربعاء الماضي، أن هاريس تتقدم بخمس نقاط مئوية بعد المناظرة (50 %مقابل 45 %)، وهي أيضًا أعلى بنقطة واحدة من مستواها قبل المناظرة.
وكشف استطلاع جديد في الرأي أجراه مركز "بروليفيك" البحثي، أن الجمهوريون يشعرون بالتوتر بعد المناظرة الرئاسية بين ترامب وهاريس.
وحسب الاستطلاع، قال 86% من الجمهوريين إنهم ما زالوا يخططون للتصويت لصالح ترامب، لكن 40% اعترفوا بأنهم قلقون بعد أدائه.
وحسب نيوزويك، تكشف هذه النتائج عن تحول كبير في مشاعر الناخبين، حيث أعرب العديد من الجمهوريين عن قلقهم على الرغم من دعمهم المستمر لترامب.
ونقلت المجلة عن أندرو جوردون، كبير مستشاري الأبحاث في بروليفيك، في بيان: "لقد لاقى الأداء القوي لكامالا هاريس صدى عبر الخطوط الحزبية، مما يشير إلى دعمها المتزايد في التركيبة السكانية الحرجة".
ولم يصنف سوى 16% من الجمهوريين أداء ترامب على أنه ممتاز. وفي الوقت نفسه، وصف أكثر من واحد من كل خمسة، أو 24%، من الجمهوريين أداء هاريس بأنه ممتاز أو جيد، وقالت نفس النسبة تقريبا إن هاريس فازت في المناظرة. ومن بين جميع المستجيبين، قال 57 % أن هاريس هي الفائزة.
وقد تنعكس ردود فعل الأمريكيين على المناظرة في الدعم المالي للمرشحين أيضا. ففي أول 24 ساعة فقط بعد المناظرة، تلقت حملة هاريس 47 مليون دولار من التبرعات، وهي أكبر زيادة في أموال حملتها منذ جمعت 81 مليون دولار في اليوم التالي لإعلان ترشحها.
وقيل إن حملة ترامب لجمع التبرعات انتهت في أغسطس بمبلغ 295 مليون دولار، في حين بدأت هاريس هذا الشهر بمبلغ 404 ملايين دولار.
وقالت رئيسة حملة هاريس جين أومالي ديلون في بيان: "بينما يواصل برنامجنا لجمع التبرعات إظهار قوة تاريخية، لا يمكن اعتبار هذا الزخم أمرا مفروغا منه".
وأضافت ديلون: "لا يمكننا أن نقلل من قوة فريق ترامب وجهوده القوية في جمع الأموال. ولا يمكننا أن نتوقف حتى نهزم ترامب مرة واحدة وإلى الأبد في نوفمبر المقبل".