في أعقاب الانتخابات التشريعية الفرنسية التي أفضت إلى تشكيل برلمان بدون أغلبية واضحة، دخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مشاورات مكثفة مع شخصيات سياسية بارزة من الماضي، منهم الرئيسان السابقان فرانسوا هولاند، ونيكولا ساركوزي بهدف تشكيل حكومة جديدة قادرة على الحكم في ظل هذه الظروف المعقدة.
وتشير التقارير إلى أن "ماكرون" قد يختار رئيس الوزراء الأسبق برنار كازنوف كرئيس وزراء جديد، على الرغم من المخاوف المتعلقة بقدرته على البقاء في السلطة دون تعرضه لتصويت على سحب الثقة من قِبل البرلمان.
استدعاء الـ"ديناصورات"
وذكرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية، أن ماكرون دعا "ديناصورات السياسة" كلًا من الرئيسين السابقين نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند، إضافة إلى رئيس الوزراء الأسبق برنار كازنوف، إلى مشاورات في قصر الإليزيه.
ويأتي هذا الاستدعاء في محاولة من ماكرون للبحث عن حلول لأزمته السياسية الحالية، بعد نتائج الانتخابات التشريعية التي أفضت إلى تشكيل برلمان بدون أغلبية واضحة لحزبه.
ماذا بعد الاستشارة؟
ويسعى ماكرون من خلال استدعاء هذه الشخصيات السياسية البارزة إلى الحصول على نصائحهم وتوجيهاتهم بشأن السبل الممكنة لتشكيل حكومة قادرة على الحكم في ظل الأغلبية النسبية في البرلمان.
ويأمل ماكرون أن يساعده "ديناصورات" السياسة الفرنسية في إيجاد طريقة لتجاوز هذه الأزمة الراهنة والمضي قدمًا في فترته الرئاسية المتبقية حتى عام 2027.
المرشح الأقوى لرئاسة الوزراء
في هذا السياق، تشير "لوبوان" إلى أن برنار كازنوف، رئيس الوزراء الأسبق في عهد الرئيس السابق فرانسوا هولاند، هو المرشح الأقوى لتولي منصب رئيس الوزراء الجديد.
ويأتي اختيار "كازنوف" بعد أن رفض لوران واكييه، زعيم حزب الجمهوريين، المشاركة في أي حكومة ائتلافية.
وبحسب مصادر مقربة من "ماكرون"، فإن هذا الرفض قد "فتح الباب" أمام اختيار كازنوف كبديل عن تيار الجبهة الشعبية الجديدة اليساري، وفقًا للصحيفة.
هل ينجح كازنوف؟
ومع ذلك، فإن تولي كازنوف لمنصب رئيس الوزراء لن يكون أمرًا سهلًا، حيث يواجه تحديات كبيرة في ظل غياب أغلبية واضحة في البرلمان.
واشترط "كازنوف" على "ماكرون" أن تكون هناك "شروط لوظيفة مؤسسية منتظمة وثابتة وشفافة" حتى يقبل المنصب، إذ يسعى إلى ضمان هامش من الحرية في الحكم، دون أن يكون مقيدًا بسيطرة ماكرون اليومية على الشؤون العامة.
برنامج كازنوف السياسي
وفقًا لما أشارت إليه صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية، فإنه من المتوقع أن يكون برنامج كازنوف السياسي محل مساومة مع ماكرون، خاصةً فيما يتعلق بإصلاح نظام التقاعد برفع سن التقاعد إلى 64 عامًا، الذي يعتبره اليسار الفرنسي "وحشًا مخيفًا".
وفي المقابل، قد يوافق "كازنوف" على زيادة الحد الأدنى للأجور، لكن ليس على الفور، بل في نهاية العام الجاري، من خلال مفاوضات مع النقابات العمالية.
كما يرغب "كازنوف" في فرض "مساهمات استثنائية" (زيادات محدودة في الوقت) على الضرائب، دون تحديد ما إذا كانت ستشمل الأسر أو الشركات.
استقرار سياسي وتحدي ماكرون
وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن اختيار كازنوف كرئيس للوزراء قد يمنح ماكرون فرصةً لتشكيل حكومة مستقرة نسبيًا، خاصةً إذا تمكن من كسب تأييد بعض نواب الحزب الاشتراكي.
ومع ذلك، فإن "كازنوف" سيكون حاسمًا في المفاوضات مع ماكرون ولن يتنازل له بسهولة، حيث يؤكد مقربون منه أنه "لن يمنح ماكرون أي هدية"، بل سيطالبه بالخضوع لنظام "التعايش السياسي".