حطمت دراسة استقصائية آمال دولة الاحتلال الإسرائيلي في القضاء على الكتائب العسكرية في حركة حماس الفلسطينية، مؤكدة أن تلك الكتائب أعادت بناء قدراتها من جديد، رغم تأكيد قيادات إسرائيلية اقتراب القضاء على الحركة بعد 10 أشهر من القتال العنيف بكل الأسلحة والمعدات المستخدمة في الحروب الواسعة.
مزاعم إسرائيلية
في السابع من يناير الماضي، زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه نجح في تعطيل هيكل قيادة حماس في شمال غزة، لكن سرعان ما وردت تقارير عن تنفيذ هجمات من المواقع نفسها، وتفاخرت حماس بتجنيد "الآلاف" من المقاتلين الجدد منذ بدء الحرب على القطاع.
وبحسب دراسة استقصائية أجرتها شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، بالتعاون مع مشروع التهديدات الحرجة التابع لمعهد أمريكان إنتربرايز، ومعهد دراسة الحرب، نشرت أمس الاثنين، فإن ما يقرب من نصف الكتائب العسكرية لحركة حماس في شمال ووسط قطاع غزة أعادت بناء قدراتها القتالية.
ورغم القتال المستمر منذ ما يقرب من عشرة أشهر، فإن التحليلات الجنائية لكتائب القسام التابعة لـ"حماس"، التي استندت إلى البيانات العسكرية الإسرائيلية وحماس، واللقطات، والمقابلات مع الخبراء وشهود العيان، تلقي بظلال من الشك على صحة خطاب نتنياهو "النصر في الأفق" أمام الكونجرس الأمريكي نهاية الشهر الماضي.
بينما وجّهت إسرائيل ضربات لحماس، وقتلت العديد من مقاتليها واغتالت كبار القادة فيها، فإن العديد من الوحدات استعادت قدرتها القتالية في المناطق التي زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي في السابق أنه طهّرها، بحسب "سي إن إن".
24 كتيبة
ويتألف الجناح العسكري لحركة حماس، المعروف بـ"كتائب القسام"، من 24 كتيبة منتشرة في مختلف أنحاء قطاع غزة. وفي بداية الشهر الماضي، لم ينجح جيش الاحتلال إلا في تدمير ثلاث كتائب فقط من أصل 24 كتيبة، وفقًا للتقييمات التي أجراها مركز دراسات الحرب والسلام ومعهد دراسات الحرب الأمريكيين.
وتابعت شبكة "سي إن إن" أن "تدمير وحدة ما تابعة لـ"حماس" يتطلب منها أن تكون غير قادرة على تحقيق أهدافها"، لكن من بين 24 وحدة، لا تزال 8 وحدات فعّالة بل ويمكنها القتال ضد قوات الاحتلال، وصُنّفت هذه الوحدات على أنها فعّالة في القتال عندما كانت قادرة على الدفاع عن الأرض باستخدام أساليب وأسلحة متطورة.
أما الكتائب الثلاث عشرة الأخرى فقد شهدت انخفاضًا معتدلًا في قدراتها القتالية وباتت قادرة على تنفيذ هجمات أصغر حجمًا لكنها أقل نجاحًا على غرار هجمات حرب العصابات.
يقول بريان كارتر، مدير محفظة الشرق الأوسط في CTP، الذي قاد البحث المشترك: "يقول الإسرائيليون إنهم طهّروا مكانًا ما، لكنهم لم يطهّروا هذه المناطق بالكامل، إنهم لم يهزموا هؤلاء المقاتلين على الإطلاق. حماس مستعدة للقتال وتريد القتال".
مناطق غزة
ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إن كتائب حماس في وسط قطاع غزة هي الأقل تضررًا من قِبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتزعم المصادر أن تل أبيب تعتقد أن هذه الكتائب هي التي تحتجز غالبية المحتجزين المتبقين.
ووجد مركز دراسات الحرب والسلام ومعهد دراسات الحرب وشبكة "سي إن إن" أن الكتائب الست عشرة في وسط وشمال غزة هي التي أعادت بناء نفسها على أفضل نحو. فقد نجحت 7 من هذه الكتائب الـ16 في إعادة بناء نفسها مرة واحدة على الأقل خلال الأشهر الستة الماضية، مشيرًا إلى أن طبقة الكتائب الثماني في جنوب غزة غير مكتملة بسبب عدم وجود بيانات قوية.
ما سبب تحفيز حماس؟
وقال خبراء عسكريون أمريكيون لشبكة "سي إن إن" إن "حملة القصف العنيفة وغياب خطة لما بعد الحرب ساهمت في تحفيز حماس على النهوض من جديد".
وقال العقيد المتقاعد في الجيش الأمريكي بيتر منصور: "لو تم تدمير كتائب حماس إلى حد كبير، فإن القوات الإسرائيلية لن تستمر في القتال". وأضاف: "إن حقيقة أنهم ما زالوا في غزة، وما زالوا يحاولون استئصال عناصر من كتائب حماس، تُظهر لي أن رئيس الوزراء نتنياهو مخطئ.. إن قدرة حماس على إعادة تشكيل قواتها المقاتلة لم تتضاءل".
وتقول إسرائيل "إنها قتلت نحو 7 آلاف من بين 14 ألف قائد لحماس، لكن حماس تنفي ذلك. فيما قال ضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي لـ"سي إن إن": "سندخل إلى كل مكان ترفع فيه حماس رأسها".
إعادة البناء وسط الأنقاض
وقال فلسطينيون لـ"سي إن إن" إن "وجود حماس في شمال غزة أقوى مما تتخيل، وهذا يساعدهم في إعادة بناء قواتهم".
يقول العقيد المتقاعد: "إن السبيل الوحيد لإنهاء هذا الصراع هو إقامة دولة فلسطينية، ولكن الفلسطينيين من جانبهم لابد أن يدركوا أن إسرائيل لن تذهب إلى أي مكان، ولن ينتهي هذا الصراع إلا بالحل السياسي، ولن ينتهي بانتصار عسكري".