في أغسطس 2023، أرسل أحد المديرين التنفيذيين في شركة السندات الإسرائيلية، بريدًا إلكترونيًا إلى مكتب وزير الخزانة في أوهايو يعرض فيه عرض مبيعات، متسائلًا عن مدى إمكانية أن تقوم الولاية الأمريكية بشراء مجموعة من السندات الإسرائيلية مقابل 5 ملايين دولار.
وفي أقل من 40 دقيقة، وافق مكتب وزير الخزانة في أوهايو، على عملية الشراء، مما رفع إجمالي مشتريات الولاية الأمريكية من السندات الإسرائيلية إلى 35 مليون دولار في ذلك العام.
وتم عقد الصفقة السريعة بين طرفين تربطهما علاقات ودية للغاية، وفقًا لمجموعة من رسائل البريد الإلكتروني وغيرها من السجلات التي حصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين.
وفي الوقت الذي خصص فيه وزير الخزانة في أوهايو، الجمهوري روبرت سبرج، ملايين الدولارات من أموال الولاية لشراء السندات الإسرائيلية، كان يرتب أيضًا مع فريق تطوير الأعمال التابع لشركة سندات إسرائيل، للانضمام إلى رحلة إرشادية حصرية إلى إسرائيل، من المقرر أن تتم في وقت لاحق من ذلك العام.
وبعد ستة أسابيع من شراء وزير الخزانة في أوهايو سندات بلغت قيمتها 5 ملايين دولار، نفذت الفصائل الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى" في مستوطنات غلاف غزة، وبدأ جيش الاحتلال عدوانه المتواصل على القطاع منذ 7 أكتوبر.
وفى حين قام الرئيس الأمريكي جو بايدن بتمويل مليارات الدولارات ومساعدات عسكرية للاحتلال من خلال الكونجرس، أظهرت العديد من حكومات الولايات والحكومات المحلية دعمها للاحتلال من خلال آلية مالية أقل شهرة، وهي الاستثمار في السندات السيادية التي تصدرها إسرائيل.
وتقول شركة سندات إسرائيل، الضامن الأمريكي لسندات الدين الصادرة عن إسرائيل، والتي تبيع السندات الإسرائيلية لتمويل حكومة وجيش الاحتلال، إنها باعت أكثر من 3 مليارات دولار من الديون في جميع أنحاء العالم، أي 3 أضعاف المتوسط السنوي، منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي.
ومنذ بداية الحرب، اشترت الولايات والبلديات الأمريكية سندات إسرائيلية بقيمة 1.7 مليار دولار على الأقل، حيث تباهى المسؤولون الديمقراطيون والجمهوريون في جميع أنحاء البلاد باستثماراتهم التي تُظهر دعمهم لإسرائيل في حالة الحرب.
وحسب صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، فقد كانت الحكومات المحلية في الولايات المتحدة، بما في ذلك ولايات فلوريدا وإنديانا وأوهايو، من المشترين المتحمسين في الآونة الأخيرة.
وتباع هذه السندات مباشرة إلى المستثمرين الأمريكيين المؤيدين لإسرائيل، وصارت على نحو متزايد جزءًا بارزًا من التمويل الخارجي للبلاد، وربع إصدار الديون الخارجية لإسرائيل، وتساعد في دعم عجز الميزانية الذي تضخم خلال الحرب إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي في العام حتى أبريل بسبب الإنفاق العسكري.
وتقدم أكثر من 2000 صفحة من رسائل البريد الإلكتروني والسجلات الأخرى التي حصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، لمحة غير مسبوقة للجهود المكثفة التي تبذلها شركة سندات إسرائيل، لاستقطاب المسؤولين العموميين في الولايات المتحدة، في حين تقدم عروض مبيعات شخصية للغاية في سلسلة من الرسائل المؤيدة لإسرائيل.
وتظهر الوثائق كيف تم استقطاب المسؤولين الذين اشتروا هذه السندات إلى عالم مبهر في كثير من الأحيان، يشمل حفلات عشاء فخمة واحتفالات كوكتيل واجتماعات خاصة مع كبار القادة الإسرائيليين وكبار المسؤولين العسكريين، وكيف أدت هذه التعاملات مع سندات إسرائيل في بعض الأحيان إلى طمس الخطوط الفاصلة بين الحياة الخاصة والأعمال الرسمية.
وفي تصريح للاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، قال ناثان ميلر، المتحدث باسم شركة سندات إسرائيل، إن السندات كانت استثمارًا آمنًا، وإن المجموعة تولي أهمية لبناء علاقات مع عملائها، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الحفاظ على الاستمرارية إذا تغير صناع القرار الرئيسيون، بسبب الانتخابات أو لأسباب أخرى.
وعندما يقوم مسؤول منتخب مكلف باستثمار أموال دافعي الضرائب بشراء سندات حكومية، فإنها عادة ما تكون عملية جافة ومباشرة مع القليل من التفاعل بين البائع والمشتري. ويقول خبراء الأخلاقيات إن بعض المسؤولين الحكوميين ربما تجاوزوا الخط الأخلاقي في تعاملاتهم مع سندات إسرائيل، وفق صحيفة "الجارديان" البريطانية.
ويعارض النشطاء المؤيدون لسحب الاستثمارات من إسرائيل، بما في ذلك منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام، التي أطلقت احتجاجات في الشوارع ضد السندات الإسرائيلية، أي تعرض لأدوات الدين هذه على أساس أن الأموال التي تم جمعها يمكن استخدامها لتمويل الحرب على غزة.