اجتذبت الحكومة الهولندية الجديدة اهتمامًا أوروبيًا واسع النطاق، لأنها تشكلت في أعقاب الانتخابات البرلمانية، التي جرت العام الماضي، إذ احتل حزب "الحرية" اليميني المتطرف "PVV"، بزعامة خيرت فيلدرز، المركز الأول.
بعد ذلك، شكل الحزب حكومة ائتلافية مع أحزاب أقل إثارة للجدل سياسيًا، وتم تعيين رئيس المخابرات السابق ديك شوف رئيسًا للوزراء.
وفي قمة الناتو، التي عقدت بالولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، حاول شوف إرسال رسالة مفادها أن الحكومة الهولندية الجديدة تظل ملتزمة بالحلف، الذي وصفه مرارًا وتكرارًا بـ"العلاقة الصلبة"، وأنها ستستمر في دعم أوكرانيا.
وتلعب هولندا دورًا حاسمًا في مساعدة أوكرانيا على بناء قوتها الجوية المستقبلية، إذ تقود مبادرة متعددة الجنسيات لتدريب الطيارين الأوكرانيين على قيادة الطائرات المقاتلة الأمريكية الصنع من طراز F-16، ومن المتوقع أن يتم نقل أولى هذه الطائرات إلى كييف هذا الصيف.
وبموجب الاتفاقية الثنائية الهولندية الأوكرانية، لا تخضع كييف لقيود على استخدام طائرات إف-16 الهولندية ضد أي أهداف عسكرية مشروعة، بما في ذلك تلك الموجودة داخل روسيا.
وتسعى هولندا أيضًا إلى تجميع نظام دفاع جوي من طراز "باتريوت" لأوكرانيا، التي عانت من هجمات جوية مدمرة من روسيا على بنيتها التحتية للطاقة وغيرها من المرافق المدنية.
دعم أوكرانيا
في مقابلة مع صحيفة "بوليتيكو" بواشنطن، قال روبن بريكلمانز، وزير الدفاع الهولندي الجديد، إن السياسة الخارجية والدفاعية الهولندية "ستظل مشابهة إلى حد كبير" للحكومة السابقة بقيادة مارك روته، الذي من المقرر أن يصبح الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي، أكتوبر المقبل.
وقال بريكلمانز، البالغ من العمر 37 عامًا، وهو من حزب روته الشعبي: "من الواضح أننا مؤيدون جدًا لحلف شمال الأطلسي، نحن مؤيدون للاتحاد الأوروبي، ندعم أوكرانيا بشدة، ونريد أن نظل في المقدمة عندما يتعلق الأمر بدعم أوكرانيا".
ويمتد ذلك إلى الحزب المتطرف الذي ينتمي إليه فيلدرز، وفقًا لبريكلمانز "هناك اتفاق أبرمناه أيضًا مع حزب الحرية، إذا نظرنا إلى ما يقولونه في البرلمان، فهو يتوافق إلى حد كبير مع ما اتفقنا عليه، لذلك أعتقد أن هذا أمر إيجابي للغاية".
ويناقض تصريح وزير الدفاع الهولندي ما جاء في السنوات الماضية، إذ أدلى فيلدرز بتصريحات داعمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ودعم ضمه لشبه جزيرة القرم، ومعارضة العقوبات ضد روسيا.
وفي العام الماضي، تجاهل زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للبرلمان الهولندي، ما جعل مهمة وزير الدفاع الهولندي الجديد هي العمل على طمأنة بقية دول الحلف.
وساعد على ذلك هو أنه - قبل الانتخابات - خفف فيلدرز من حدة العديد من هذه الآراء، إذ وصف البيان الانتخابي لحزبه روسيا بأنها "معتدية"، ووصف غزوها لأوكرانيا بأنه "غير شرعي".
الأمن الأوروبي والآسيوي
فيما يتعلق بالتدريب على طائرات إف-16، امتنع المسؤولون الهولنديون عن تقديم الكثير من التفاصيل التشغيلية، لكن، وفقًا لبريكلمانز "إنها ليست مسألة عدة أشهر، لكنها شيء على المدى القصير".
وقال لـ"بوليتيكو": "الأمر هو أننا نعلم أيضًا أنه بالنسبة لروسيا، بالطبع، ستكون طائرات F-16 وكذلك المنشآت العسكرية هدفًا، لذلك نريد أيضًا أن نبقي الأمر غامضًا بعض الشيء".
وتعهد بالحفاظ على الوجود العسكري الهولندي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مسلطًا الضوء على العلاقة بين الأمن الأوروبي والآسيوي.
وقال بريكلمانز: "إذا خسرت أوكرانيا هذه الحرب، فلن يؤدي ذلك إلا إلى إعطاء المزيد من التشجيع للصين".
وأضاف: "أن أوكرانيا هي خط المواجهة لأمننا الأوروبي، والحرية الأوروبية، لكنها أيضًا خط المواجهة للحرية والأمن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، لأن الصين تنظر إلى أوكرانيا، ثم تتعلم الدروس عندما يتعلق الأمر بتايوان".
وكانت فرقاطة هولندية أبحرت الشهر الماضي عبر مضيق تايوان، وردًا على سؤال عما إذا كانت الحكومة الجديدة تخطط للقيام برحلة مماثلة، قال: "في عهدي، سنفعل ذلك مرة أخرى، وأيضًا لإظهار أننا نقف بحزم عندما يتعلق الأمر بالقانون الدولي".