ادعى عالم ديموغرافي صيني أن بكين تبالغ منذ فترة طويلة في الإبلاغ عن عدد سكانها، قائلًا إنه أقل مما هو مذكور رسميًا بأكثر من 100 مليون شخص.
وقال يي فوكسيان، الباحث في جامعة ويسكونسن ماديسون، لمجلة "نيوزويك" الأمريكية، إن التعدادات السكانية التي تجريها الصين كل 10 سنوات "مبالغ فيها بشكل خطير" في محاولة لمطابقة التقديرات الرسمية، مضيفًا أنه ينبغي تصحيح البيانات السنوية مع بيانات التعداد.
ولا يزال عدد سكان الصين، الذي قدرته بكين بـ1.41 مليار نسمة حتى عام 2023، ثاني أكبر عدد بالعالم، بعد الهند العام الماضي.
وبعد عقود من كبح جماح النمو السكاني، تواجه الصين - ما يعتبره العديد من المحللين - أزمة ديموغرافية.
وتأتي الأسئلة حول حساب عدد السكان، في الوقت الذي تواجه فيه البلاد تحديًا مزدوجًا يتمثل في انخفاض معدلات الخصوبة وزيادة عدد كبار السن، وهو اتجاه يخشى العديد من المحللين أن يؤثر على اقتصاد البلاد.
وفي وقت سابق، قال فنج وانج، الأستاذ ورئيس قسم علم الاجتماع بجامعة كاليفورنيا في إيرفاين، لمجلة "نيوزويك"، إن هذا الاتجاه طويل الأمد ولا رجعة فيه وعميق.
وأشار وانج إلى أنه بحلول عام 2050، سيكون متوسط عمر الصينيين أكثر من 50 عامًا، مقارنة بـ40 عامًا في بداية القرن.
ويبلغ معدل الخصوبة في الصين، أو الولادات المتوقعة لكل امرأة خلال حياتها، وسط ارتفاع تكاليف المعيشة في المدن الكبرى وتحول المواقف الثقافية تجاه إنجاب الأطفال، نسبة (1.0)، وهذا يضع البلاد في مرتبة كوريا الجنوبية (0.72)، واليابان (1.2)، وتايوان (تقدر بـ0.85).
تضخيم الأرقام
في حديثه لـ"نيوزويك"، وصف "يي" الآثار المترتبة على التقارير السكانية غير الدقيقة بأنها "من الصعب المبالغة فيها".
وقال: "هذا يعني أن سياسات التحكم في عدد السكان، التي اتبعتها الصين على مدار عقود، كلها خاطئة، وأن جميع سياسات الصين الاقتصادية والخارجية والدفاعية، وكذلك سياسات الولايات المتحدة ودول أخرى تجاه الصين، تستند إلى بيانات ديموغرافية خاطئة".
واستشهد الباحث بتقارير سابقة لمكتب الإحصاءات الصيني، تفيد بأنه كان هناك نحو 203 ملايين ولادة بين عامي 1991 و2000، و79 مليون حالة وفاة، ما يضع تقديرات عدد السكان عند 1.27 مليار في مطلع القرن الحالي.
وقال "يي" إن التعداد السكاني الذي أجري عام 2000 كان ناقصًا، لذلك أطلق المسؤولون حملة لإضافة عشرات الملايين من الأشخاص "المفقودين"، ما جعل عدد السكان الرسمي قريبًا من التقديرات الأولية.
وأوضح الباحث الديموغرافي أن نظرة فاحصة على التركيبة السكانية أظهرت تباينًا صارخًا "لقد ولد نحو 164.24 مليون طفل بين عامي 1991 و2000، وبعد احتساب هذه الولادات، وطرح الوفيات وصافي الهجرة، كان عدد الصينيين أقل بنحو 40 مليونًا من العدد المعلن عنه".
الطفل الواحد
في عام 2016، تخلت الصين عن سياسة "الطفل الواحد" التي استمرت ثلاثة عقود، ما سمح بإنجاب طفلين، ثم ثلاثة أطفال لكل أسرة اعتبارًا من عام 2022.
وقال "يي" إنه كان ينبغي على البلاد إنهاء هذه السياسة في عام 1991، وهو العام الذي يعتقد أن معدل الخصوبة في الصين انخفض فيه إلى ما دون مستوى الإحلال، وهو 2.1 مولود لكل امرأة.
في عام 2023، أبلغ رسميًا عن أن عدد سكان الصين يبلغ 1.41 مليار نسمة، بانخفاض قدره 2.08 مليون تقريبًا عن العام السابق.
ومع ذلك، يؤكد "يي" أن الرقم الحقيقي أقل بنحو 130 مليون شخص.
وقال: "من الناحية الاقتصادية، لدى الحكومات المحلية في الصين حافز قوي لتضخيم أعداد السكان. المزيد من السكان يعني تحويلات مالية أكبر من الحكومة المركزية، بما في ذلك الأموال المخصصة لأولويات مثل التعليم ومعاشات التقاعد وتخفيف حدة الفقر".
وأضاف أن "التكلفة السياسية باهظة للغاية"، لدرجة أن السلطات الصينية لا تجرؤ على الاعتراف بالأعداد الحقيقية للسكان".