الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الاختفاء والمفاجأة.. كيف تقاتل حماس في غزة؟

  • مشاركة :
post-title
جنود إسرائيليون يقتحمون أحد المنازل في قطاع غزة – وكالات

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

طوال ثمانية أشهر من القتال في غزة، قاتلت عناصر حركة حماس كقوة لا مركزية ومخفية عن عيون الاحتلال، على النقيض من عملية "طوفان الأقصى" التي بدأت بمناورة منسقة واسعة النطاق شارك فيها آلاف المقاتلين.

وبدلًا من مواجهة الاجتياح الإسرائيلي في معارك مباشرة، انسحب أغلب عناصر حماس، سعيًا إلى تحييد التفوق التكنولوجي الذي تتمتع به إسرائيل، مع شن هجمات مفاجئة على مجموعات صغيرة من الجنود.

في تحليل لطريقة عمل عناصري حماس منذ 7 أكتوبر الماضي، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية: "من تحت الأرض، لا تظهر أشباح حماس إلا بشكل عابر، حيث يخرج أحدهم فجأة من الأنفاق -مسلحًا غالبًا بقذائف صاروخية- لاعتقال الجنود الإسرائيليين، ثم العودة سريعًا إلى حصنهم تحت الأرض".

ولفت التحليل إلى أنه "على الرغم من المذبحة في غزة، فإن استراتيجية حماس ساعدت الحركة على تحقيق بعض أهدافها الخاصة".

استعدادات مبكرة

تنقل "نيويورك تايمز" عن أحد عناصر حماس إن الحركة كانت تستعد لهذه اللحظة منذ عام 2021 على الأقل، عندما بدأت في زيادة إنتاج المتفجرات والصواريخ المضادة للدبابات، استعدادًا لحرب برية، وتوقفت عن إنتاج العديد من الصواريخ بعيدة المدى.

ووسعت الحركة شبكة الأنفاق في جميع أنحاء غزة، التي تسمح لعناصرها بالدخول والخروج دون رؤيتهم جوًا؛ كما تم تجهيز الأنفاق بشبكة هاتف أرضي يصعب على إسرائيل مراقبتها، وفي الوقت نفسه تسمح للمقاتلين بالاتصال حتى أثناء انقطاع شبكات الهاتف المحمول في غزة، التي تسيطر عليها إسرائيل.

وبعد تسعة أشهر يقول كبار المسؤولين الإسرائيليين إنهم لم يدمروا إلا جزءًا صغيرًا من الشبكة، وأن وجودها كان سببًا في إحباط قدرة إسرائيل على تدمير حماس.

وذكر أحد عناصر حماس، وفقًا للصحيفة الأمريكية، أن القوات الخاصة التابعة للحركة تم تدريبها على البقاء في حالة تأهب وتركيز أثناء نقص الغذاء والماء.

وأضاف: "قبل الحرب، كان المقاتلون يُطلب منهم في بعض الأحيان قضاء أيام يتناولوا خلالها حفنة من التمر فقط والجلوس لعدة ساعات دون تحرك".

أفخاخ وألغام

ومع بدء الاجتياح الإسرائيلي للقطاع، وإخلاء مساحات شاسعة من غزة، بدأ عناصر حماس بتفخيخ مئات المنازل التي توقعوا أن القوات الإسرائيلية ستسعى إلى دخولها، إذ كانت "الألغام كانت مرتبطة بأسلاك وأجهزة استشعار للحركة وأجهزة كشف صوتية تعمل على تفجير العبوات"، حسب الصحيفة.

وفي الكمائن الأفضل تخطيطًا، أشعرت عناصر الحركة القوات الإسرائيلية بشعور زائف بالأمان، من خلال السماح لها بالتحرك بحرية لساعات، أو حتى أيام في المناطق المحددة للهجوم. 

وحسب الصحيفة، يقول عناصر حماس وجنود جيش الاحتلال إن حماس تتعقب مواقع الإسرائيليين باستخدام الكاميرات الخفية والطائرات بدون طيار والمعلومات الاستخبارية التي توفرها نقاط المراقبة.

ووفق رواية ستة جنود في جيش الاحتلال، عادة ما تظل فرق الكمائن مختبئة حتى تتحرك قافلة إسرائيلية عبر منطقة ما لعدة دقائق، أو تتجمع القوات الإسرائيلية في مكان معين لساعات، ما يخلق انطباعًا بأن حماس غادرت المنطقة.

وأضافوا: "بعد فترة من الهدوء، تخرج فرقة من النفق، ويتولى مقاتلان مهمة تثبيت متفجرات على جوانب مركبة أو إطلاق صواريخ مضادة للدبابات عليها، وثالث يحمل كاميرا لتصوير لقطات دعائية، ويبقى رابع عادة عند مدخل النفق، ويجهز فخًا يمكن تفعيله فور عودة الآخرين، لقتل أي إسرائيلي يحاول ملاحقتهم تحت الأرض".

وأكد التحليل، المبني على شهادات من الطرفين، أن "الكمين المخطط له جيدًا لا يهدف إلى القضاء على القوة الإسرائيلية الأولية فحسب، بل أيضًا المقاتلين الاحتياطيين والمسعفين الذين يأتون لإنقاذ الجرحى"، وفقًا للجنود الذين شهدوا مثل هذه الكمائن ومقاتل من حماس.

وتلفت "نيويورك تايمز" إلى أن الحرب "شوهت سمعة إسرائيل في معظم أنحاء العالم، ما أدى إلى توجيه اتهامات بالإبادة الجماعية إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي"، كما أدت إلى "تفاقم الانقسامات طويلة الأمد في المجتمع الإسرائيلي، ما أثار خلافات بين الإسرائيليين حول ما إذا كان ينبغي لإسرائيل أن تهزم حماس وكيف".

كما أكدت الصحيفة أن العدوان المتواصل "أعاد مسألة الدولة الفلسطينية إلى الخطاب العالمي، الأمر الذي دفع العديد من الدول إلى الاعتراف بفلسطين كدولة".

ويشير التحليل، الذي اعتمد على مقاطع الفيديو التي نشرتها حماس، ومقابلات مع ثلاثة من أعضاء الحركة، وعشرات الجنود الإسرائيليين، إلى أن "استراتيجية حماس تعتمد على استخدام مئات الأميال من الأنفاق، التي فاجأ حجمها القادة الإسرائيليين، للتنقل في أنحاء غزة دون أن يراها الجنود الإسرائيليون؛ ونصب كمائن للجنود الإسرائيليين بواسطة مجموعات صغيرة من المقاتلين الذين يرتدون ملابس مدنية".