قرار المحكمة العليا الأمريكية، بأن الرئيس السابق، دونالد ترامب، يتمتع بالحصانة من الملاحقة القضائية في الأعمال الرسمية فقط، أثار التساؤل عن تأثير هذا القرار على محاكمات المرشح الجمهوري المفترض في الانتخابات الرئاسية المُقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل.
كان الرئيس السابق قد طلب من أعلى محكمة أمريكية الحصول على الحصانة الكاملة من الملاحقة القضائية، في القضية الجنائية التي تتعلق بمساعيه لقلب نتائج انتخابات الرئاسة عام 2020 التي خسرها، لصالحه.
ويواجه الرئيس السابق، المرشح الجمهوري المفترض لانتخابات عام 2024، أربع تهم جنائية فيدرالية في العاصمة واشنطن بمحاولة إلغاء فوز منافسه الديمقراطي، جو بايدن، في انتخابات عام 2020.
ويواجه ترامب تهمة التآمر للاحتيال على الولايات المتحدة والتآمر لعرقلة إجراء رسمي هو جلسة الكونجرس التي عقدت في السادس من يناير 2021 للمصادقة على فوز بايدن في الانتخابات. وهو متهم أيضًا بالتآمر لحرمان الأمريكيين من حق التصويت وبأن يتم فرز أصواتهم.
وجاء في قرار المحكمة الذي أيده ستة قضاة وعارضه ثلاثة آخرون أن "الرئيس لا يحظى بأي حصانة عن أعماله غير الرسمية"، لكن له "الحق على الأقل بحصانة افتراضية عن أعماله الرسمية".
وتقول صحيفة" واشنطن بوست" الأمريكية، إن حكم المحكمة الذي صدر بأغلبية 6-3 يعيد القضية إلى المحكمة الابتدائية لتحديد متى وما إذا كان ترامب سيمثل للمحاكمة.
ومن المتوقع أن تؤدي الإجراءات القانونية الطويلة المتبعة في مثل هذه القضايا إلى تأجيل محاكمته، ما ينهي احتمالات محاكمة الرئيس السابق قبل الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل.
ونتيجة لهذا القرار، سوف تعيد المحكمة العليا القضية إلى قاضية المحكمة الفيدرالية تانيا تشوتكان، التي نظرت في قضية ترامب، لتحديد أي الأفعال المزعومة في لائحة الاتهام رسمية، وتلك التي سوف تعتبر غير رسمية.
وإذا تم اعتبار أفعاله رسمية، فمن المحتمل وقف محاكمة ترامب جنائيًا وإسقاط القضية. وتتوقع "واشنطن بوست" بموجب ذلك عقد محاكمة مصغرة هذا الصيف أو الخريف.
لكن لن تنتهي المحاكمة على الأرجح قبل انتخابات نوفمبر، لأن قرارات المحكمة قابلة للاستئناف، ما يجعل من غير المرجح إن لم يكن من المستحيل، أن يحاكم الرئيس السابق قبل أن يدلي الناخبون بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية لهذا العام.
وخلال المحاكمة أيضًا، سيُسمح لمحامي ترامب والمدعين العامين الذين يعملون مع المستشار الخاص جاك سميث، بمناقشة لائحة الاتهام، وما إذا كان ترامب يتمتع بالحصانة من الملاحقة القضائية، وهي العملية التي ستتطلب إحاطات مكتوبة ومرافعة شفوية.
ويقول موقع "أكسيوس" الأمريكي، إن من المؤكد أن الناخبين لن يعرفوا ما إذا كان المرشح الجمهوري المفترض قد انتهك القانون من خلال محاولته إلغاء الانتخابات، قبل موعد الانتخابات.
وكان الموعد الأصلي لمحاكمة ترامب في قضية الانتخابات هو 4 مارس، أي قبل وقت طويل من الانتخابات المقررة في نوفمبر. لكن المحكمة العليا وافقت في فبراير على الاستماع إلى مرافعته بشأن الحصانة الممنوحة للرئيس، ما جمد القضية بينما نظرت المحكمة فيها في أبريل.
وفي العام الماضي، رفضت المحكمة طلب المحامي الخاص جاك سميث، بالتعجيل بالنظر واتخاذ قرار بشأن الحصانة.
ويبذل فريق ترامب الذي يواجه أربع قضايا جنائية، كل ما في وسعه لتأخير المحاكمات إلى ما بعد الانتخابات على الأقل.
وأُدين ترامب في مايو الماضي في نيويورك بـ34 تهمة جنائية تتعلق بتزوير سجلات تجارية لإخفاء أموال تم دفعها في ذروة حملة انتخابات 2016 الرئاسية لإسكات ممثلة لأفلام الإباحية، ستورمي دانييلز، التي تقول إنها أقامت علاقة جنسية معه.
وبذلك أصبح ترامب أول رئيس أمريكي سابق يدان بارتكاب جريمة، وسيتم إصدار الحكم عليه في هذه القضية 11 يوليو.
وعبر تقديم سلسلة مذكرات قبل المحاكمات، تمكن محامو ترامب من تأجيل المحاكمات المرتبطة بمساعيه لقلب نتائج انتخابات 2020 والاحتفاظ بوثائق سرية للغاية في منزله في فلوريدا.
وفي حال انتُخب من جديد، يُمكن لترامب فور تنصيبه في يناير 2025، أن يأمر بإنهاء المحاكمات الفيدرالية في حقه.
أما محاكمته على مستوى الولاية في جورجيا بتهمة التدخل في الانتخابات، فقد أثارت أيضًا حديثًا بشأن حصانته.
ويُتهم ترامب في جورجيا بالتآمر مع أكثر من 12 شخصًا آخر لإفساد نتائج انتخابات عام 2020 في تلك الولاية. ومن غير المرجح أن تصل هذه القضية إلى المحاكمة قبل انتخابات نوفمبر، بينما تراجع محكمة الاستئناف مزاعم علاقة رومانسية بين المدعية العامة لمقاطعة فولتون، فاني تي ويليس، ومدعيها العام الرئيسي.
وقرار المحكمة في قضية حصانة ترامب، هو الثاني الذي يخص ترامب خلال هذه الولاية الرئاسية، بعد أن رفضت مساعي ولاية كولورادو، حرمانه من المشاركة في السباق الانتخابي بسبب أفعاله بعد انتخابات 2020.
وقضت المحكمة العليا بالإجماع برفض حكم محكمة كولورادو القاضي بعدم أهلية ترامب للترشح لانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في ولاية كولورادو، على خلفية الهجوم على الكابيتول. واعتبرت المحكمة أن استبعاد ترامب من خوض السباق "غير قانوني".