الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أمريكا في موقف حرج.. العقوبات على روسيا تغير مشهد اليورانيوم العالمي

  • مشاركة :
post-title
صورة تعبيرية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

في عالم تتشابك فيه خيوط السياسة والاقتصاد والطاقة بشكل معقد، برز اليورانيوم كبطل غير متوقع في قصة الصراع الجيوسياسي والتحول نحو الطاقة النظيفة، فمنذ أن وضعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، اليورانيوم الروسي على قائمة العقوبات المتزايدة، ردًا على الحرب الروسية الأوكرانية، التي بدأت فبراير 2022، شهد سوق هذا المعدن الاستراتيجي تحولات كثيرة.

نقطة تحول

شكلت العقوبات الأمريكية على روسيا نقطة تحول حاسمة في سوق اليورانيوم العالمي، إذ وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن، قانون حظر استيراد اليورانيوم الروسي، مع إعطاء إعفاءات حتى عام 2028، لإعادة بناء الصناعة المحلية، بحسب صحيفة "نيوزويك" الأمريكية.

وفقًا لتقرير نشرته وكالة "رويترز"، يسمح القانون للمرافق باستيراد اليورانيوم من روسيا إذا لم تكن هناك مصادر بديلة قابلة للتطبيق أو إذا كان ذلك في المصلحة الوطنية.

يشير مارك نيلسون، خبير الطاقة النووية من مجموعة راديانت إنرجي للصحيفة الأمريكية، إلى أن "شركات محطات الطاقة النووية الأمريكية تغذت على اليورانيوم الروسي المخصب الرخيص لعقود، بينما أغلقت مناجمنا وفقدنا القدرة على تخصيب وقودنا الخاص".

ويضيف: "تحتاج الشركات هنا إلى معرفة أنها يمكن أن تستثمر بأمان في إعادة بناء سلسلة التوريد الخاصة بأمريكا".

أسعار اليورانيوم

وتوضح "نيوزويك" أن العقوبات على روسيا أدت إلى جانب عوامل أخرى، إلى ارتفاع حاد في أسعار اليورانيوم، إذ وصل سعر الرطل الواحد من اليورانيوم، 85.70 دولار أمريكي، وهو ما يمثل زيادة بنحو ثلاثة أضعاف مقارنة بسعره في يناير 2021 البالغ 30 دولارًا للرطل.

ووفقًا لبيانات الأسعار التي نشرتها وكالة بلومبرج، ارتفعت أسعار اليورانيوم بنسبة مذهلة بلغت 233%، خلال السنوات الخمس الماضية، متفوقة بذلك على الزيادات في أسعار المعادن الثمينة الأخرى مثل الفضة والذهب.

وعلق جون سيامباجليا، الرئيس التنفيذي لشركة سبروت لإدارة الأصول، على هذا الارتفاع، قائلًا: "الطلب غير مرن تمامًا، إذا كنت تدير محطة طاقة نووية، فلا يوجد تقريبًا سعر لن تدفعه لضمان حصولك على الوقود".

وأضاف سيامباجليا مقارنًا الوضع الحالي بأزمة الطاقة في السبعينيات: "نعتقد أن أسعار اليورانيوم تحتاج للوصول إلى ما بين 120 و150 دولارًا حقًا لتحفيز الإنتاج الجديد بالكامل".

تحديات الإنتاج المحلي

كشفت العقوبات على روسيا هشاشة الإنتاج المحلي للولايات المتحدة من اليورانيوم، فعلى الرغم من حاجتها السنوية إلى 50 مليون رطل من اليورانيوم، إلا أن الولايات المتحدة أنتجت فقط 82533 رطلًا في الربع الأول من عام 2024 من مناجم في وايومنج وتكساس ونبراسكا، وهذا الرقم الضئيل يوضح بشكل صارخ مدى اعتماد الولايات المتحدة على المصادر الأجنبية.

وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، وفرت روسيا 12% من اليورانيوم الداخل إلى الولايات المتحدة في عام 2022، هذا الاعتماد على المصادر الروسية يضع الولايات المتحدة في موقف حرج، خاصة مع تشديد العقوبات.

السباق نحو الاستقلال

في محاولة لمواجهة التحديات الناجمة عن العقوبات وإعادة إحياء صناعة اليورانيوم المحلية، قدمت إدارة بايدن 2.7 مليار دولار من المساعدات الحكومية الأمريكية لتحفيز الاستثمارات في دورة الوقود النووي المحلية، بما في ذلك مرافق إنتاج اليورانيوم وتحويله وتخصيبه.

استجابت شركات مثل يورنكو "اتحاد بريطاني - ألماني - هولندي" لتخصيب الوقود النووي، لهذه المبادرة بإعلان استثمارات إضافية لإضافة سلاسل طرد مركزي جديدة في مصنعها القائم بمدينة نيومكسيكو.

يقول لي كورير، الرئيس التنفيذي لشركة نكسجين إنرجي الكندية: "لكي تتخلص الولايات المتحدة حقًا من اعتمادها على اليورانيوم الروسي، يجب أن يكون لديها إمكان الوصول إلى مصادر آمنة وحليفة داخل الولايات المتحدة وخارجها".

ويضيف: "دون مشروعات جديدة، لن تتمكن إعادة إحياء المناجم الموجودة وحدها من مواكبة الطلب، وسيعود اليورانيوم الروسي إلى الطاولة".

المنافسة العالمية

في خضم هذه التحولات، تبرز الصين كمنافس قوي في سوق الطاقة النووية العالمي، ومن المتوقع أن تتفوق الصين على الولايات المتحدة في عدد محطات الطاقة النووية بحلول عام 2030.

ودعمت الصين استثماراتها في البنية التحتية من خلال تخزين اليورانيوم لضمان إمداد ثابت من الوقود من حليفتها روسيا وجارتها كازاخستان.

هذا التحرك الاستراتيجي من قبل الصين يضيف بُعدًا جديدًا للمنافسة العالمية على موارد اليورانيوم، ويزيد من الضغط على الدول الغربية لتأمين مصادرها الخاصة.