تتضاءل الخيارات أمام إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، في إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، مع استمرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في المناورة لإطالة أمد الحرب مما يضمن بقائه في منصبه، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
وذكرت الصحيفة في تحليل لها، أنه مع بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر الماضي، كانت إدارة بايدن على أمل في وقفها ومنع انتشارها بالشرق الأوسط، لكن بعد أكثر من ثمانية أشهر على استمرارها، أصبحت المهمة أصعب أمام الإدارة الأمريكية التي تواجه تحديات عديدة.
وأوضحت الصحيفة أن المحادثات التي تقودها الولايات المتحدة لم تنجح في وقف الحرب أو إطلاق سراح المحتجزين، ولا تزال الحرب جارية داخل غزة، وتصاعدت الهجمات المتبادلة عبر الحدود بين إسرائيل وحزب الله، ناهيك عمّا يحدث في البحر الأحمر.
وقالت الصحيفة، إنه رغم تقديم خارطة طريق أمريكية لإنهاء الحرب على غزة، إلا أن نتنياهو أكد أنه لا تراجع عن هدف "القضاء على حماس" قبل وقف الحرب، وتجاهل استراتيجية واشنطن الأوسع بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وتحقيق الاستقرار على مستوى المنطقة.
وكان بايدن اعتبر أن خارطة الطريق تمثّل فرصة ينبغي عدم "تفويتها"، لأن "وقت انتهاء هذه الحرب قد حان". ويتألف هذا المقترح "الشامل" من ثلاث مراحل وتمتد مرحلتاه الأولى والثانية على مدى 12 أسبوعًا.
وأوضح بايدن أن المرحلة الأولى، التي تستمر ستة أسابيع، تتضمن "وقفًا كاملًا وتامًا لإطلاق النار وانسحاب قوات الاحتلال من كل المناطق المأهولة بالسكان في غزة والإفراج عن عدد من المحتجزين بمن فيهم النساء والمسنون والجرحى، مقابل إطلاق سراح مئات من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
وسيُسمَح للفلسطينيين بالعودة إلى "منازلهم وأحيائهم" في مختلف أنحاء القطاع، بما في ذلك المناطق الشمالية التي تعرضت لأكبر قدر من الدمار جراء العدوان الإسرائيلي.
وتزامنًا مع ذلك، ستتم زيادة كمية المساعدات الانسانية التي تدخل القطاع، ورفعها إلى حمولة 600 شاحنة يوميًا، بينما ستعمل أطراف في المجتمع الدولي على توفير مئات الآلاف من الوحدات السكنية والملاجئ الموقتة.
وبموجب المرحلة الثانية التي تمتد نحو ستة أسابيع كذلك، سينسحب جنود الاحتلال بالكامل من قطاع غزة. وفي المقابل، تقوم حماس بإطلاق سراح كل المحتجزين الأحياء الباقين بما يشمل الجنود، وهي نقطة كانت موضع خلاف مع حماس في مراحل التفاوض السابقة.
وتشمل المرحلة الثالثة إطلاق عملية إعادة إعمار واسعة واستقرار للقطاع، بدعم من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. وأكد بايدن أنه سيعاد بناء المنازل والمدارس والمستشفيات.
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أنه في نهاية المطاف، قد تتوصل إسرائيل وحماس إلى اتفاق، ولكن ليس بالسرعة التي يأملها بايدن.
ونقلت الصحيفة عن خالد الجندي، وهو زميل باحث في معهد الشرق الأوسط، أن "نتنياهو لن يحب شيئًا أكثر من تمديد محادثات وقف إطلاق النار إلى الأبد حتى يتمكن من البقاء في السلطة، لأنه في اللحظة التي تنتهي فيها الحرب، تدق ساعة نهاية ولايته".
وحاول بايدن خلال الأشهر الماضية تحقيق "التوازن" بين تزويد إسرائيل بالأسلحة وانتقاد العمليات العسكرية الموسعة، والتي أودت بحياة 38 ألف فلسطيني في غزة، أغلبيتهم من النساء والأطفال.
وعلقت الولايات المتحدة، في مايو، شحنة قنابل لإسرائيل تزن 2000 رطل و500 رطل، بسبب القلق بشأن التأثير الذي يمكن أن تحدثه في مناطق مكتظة بالسكان، لكن لا يزال من المقرر أن تحصل إسرائيل على أسلحة أمريكية بمليارات الدولارات.
وفي أبريل الماضي، حذر بايدن إسرائيل من أن الولايات المتحدة ستتوقف عن تزويدها بالأسلحة، إذا نفذت قواتها عملية كبيرة في رفح الفلسطينية جنوبي غزة، والتي تعد الملاذ الأخير للعديد من النازحين.
لكن هذه المحاولات لم تؤثر على نتنياهو، الذي نشر، الثلاثاء الماضي، مقطع فيديو قال فيه إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أكد له أن إدارة بايدن تعمل على رفع القيود المفروضة على تسليم الأسلحة إلى إسرائيل، الأمر الذي رفض بلينكن تأكيده.
وفي كشف نادر عن محادثات دبلوماسية خاصة على مستوى رفيع، قال نتنياهو أيضًا إنه أبلغ بلينكن أن "من غير المعقول" أن واشنطن "حجبت أسلحة وذخائر" عن إسرائيل في الأشهر القليلة الماضية.
وقال مستشار اتصالات مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، الخميس الماضي، إن تصريحات نتنياهو "كانت مخيبة للآمال ولم نكن نتوقعها"، مؤكدًا عدم علم البيت الأبيض أن نتنياهو سينشر مقطعًا مصورًا عن شحنات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل.
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ألون بينكاس، إن "سلوك نتنياهو هو جزء من نمط التحريض على التوترات والمواجهات مع الإدارة الأمريكية لإظهار أنه يقف في وجه الولايات المتحدة". وأضاف أن "هذا الأمر مفبرك 100%".