برز اسم تيموثي ميلون، الوريث الثمانيني لإمبراطورية مالية عريقة، مؤخرًا، ليهز أركان المشهد الانتخابي الأمريكي لعام 2024، بعد أن قرر وضع ثقله وثروته خلف الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب في لحظة فارقة، بتمويل سخي وضع حملته في المقدمة.
في 31 مايو 2024، وبعد يوم واحد فقط من إدانة ترامب بـ34 تهمة جنائية في نيويورك، اتخذ "ميلون" قرارًا جريئًا، إذ كشفت الوثائق الفيدرالية أن الملياردير البالغ من العمر 81 عامًا تبرع بمبلغ قدره 50 مليون دولار لصالح لجنة العمل السياسي "Make America Great Again Inc." الداعمة لترامب، هذا التبرع لم يكن مجرد رقم كبير، بل كان الأكبر من نوعه حتى الآن في الانتخابات الرئاسية لعام 2024.
من الأرض الأيرلندية
لفهم حجم هذا التبرع وأهميته، علينا أن نعود بالزمن إلى عام 1818، عندما وطأت قدما مهاجر أيرلندي يدعى توماس ميلون أرض الأحلام الأمريكية، إذ إنه وفقًا لمجلة فوربس، فإن توماس، الجد الأكبر لتيموثي، بدأ حياته محاميًا وقاضيًا، لكنه سرعان ما اكتشف موهبته في عالم الاستثمار، ومن خلال مشروعات عقارية ذكية وأعمال مصرفية ناجحة، تمكن توماس من بناء ثروة هائلة ورثها أبناؤه من بعده.
اليوم، تقدر ثروة عائلة ميلون بنحو 14.1 مليار دولار، مما يجعلها العائلة الـ34 الأغنى في أمريكا، وتيموثي، بصفته أحد ورثة هذه الإمبراطورية المالية، لم يكتف بالاستمتاع بثروته، بل قرر أن يكون له دور في تشكيل مستقبل بلاده السياسي.
التأثير في السياسة
قبل أن يصبح اسمه مرتبطًا بالتبرعات السياسية الضخمة، كان تيموثي ميلون معروفًا في عالم الأعمال رئيسًا لمجلس إدارة شركة Pan AM Systems Inc.، وهي شركة خاصة تعمل في مجالات التصنيع والنقل.
وفي خطوة تعكس رغبته في مشاركة خبراته وتجاربه، من المقرر أن يصدر ميلون مذكراته هذا العام بعنوان "panam.captain"
إستراتيجية الدعم المتعدد
ما يثير الدهشة أن دعم ميلون لم يقتصر على ترامب وحده، إذ أفادت "شبكة بي بي سي" بأن ميلون تبرع أيضًا بمبلغ لا يقل عن 20 مليون دولار لحملة روبرت إف كينيدي جونيور، المرشح المستقل في السباق الرئاسي، وهذا النهج في دعم مرشحين متعددين يطرح تساؤلات حول استراتيجية ميلون السياسية وأهدافه النهائية.
معركة الأرقام
وفي وسط هذا السيل من التبرعات الضخمة، تبرز أرقام مثيرة للاهتمام، فوفقًا لمجلة "بوليتيكو" الأمريكية، كان لدى حملة ترامب 116.6 مليون دولار في البنك بنهاية مايو، متفوقة على حملة بايدن التي كان لديها 91.6 مليون دولار. هذا التفوق المالي لترامب يأتي رغم الانتعاش الذي شهدته حملة بايدن في جمع التبرعات خلال شهر مايو.
لم تقف حملة الرئيس الحالي جو بايدن مكتوفة الأيدي أمام هذا التدفق المالي لصالح منافسه، فكشفت صحيفة واشنطن بوست عن تبرع الملياردير مايكل بلومبرج بمبلغ 19 مليون دولار للجنة العمل السياسي "Future Forward" الداعمة لبايدن، بالإضافة إلى تبرع إضافي قدره 929,600 دولار لمنظمة "صندوق فوز بايدن".
وأعلنت حملة إعادة انتخاب بايدن أنها جمعت 85 مليون دولار خلال مايو وحده، ليصل إجمالي أموال حملته إلى 212 مليون دولار. في المقابل، جمعت حملة ترامب واللجنة الوطنية للحزب الجمهوري 141 مليون دولار في الفترة نفسها.
وكشفت الملفات المالية المقدمة إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية عن اختلاف جوهري في استراتيجيات الإنفاق بين الحملتين، فبينما يواصل بايدن الاستثمار في بناء جهاز حملته وتوسيع نطاق عملياته، يبدو أن ترامب يفضل الاحتفاظ بمعظم الأموال، ربما استعدادًا لمرحلة حاسمة قادمة في الحملة.