الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ضد المهاجرين الأجانب.. لماذا ساهم الشباب في صعود اليمين الأوروبي؟

  • مشاركة :
post-title
تينو شروبالا وأليس فايدل الزعيمان المشاركان لحزب "البديل من أجل ألمانيا" يحتفلان بنتائج الانتخابات الأوروبية في برلين

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

ربما كان النجاح التاريخي الذي حققه اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي في نهاية الأسبوع الماضي بمثابة صدمة، إذ أفقد توازن اثنتين من أهم حكومات الكتلة، ألمانيا وفرنسا. لكن في الواقع، لا ينبغي أن يكون هذا مفاجئًا لأي شخص ينتبه إلى المزاج الغاضب بين العديد من شباب القارة، الذين يتبنون وجهات نظر متشددة مناهضة للهجرة.

وعندما توجه الناخبون الأوروبيون إلى صناديق الاقتراع في التاسع من يونيو، حقق حزب "البديل من أجل ألمانيا" -اليميني المتشدد- أفضل أداء له على الإطلاق، متغلبًا على "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" بزعامة المستشار أولاف شولتس، وأرسل موجات صادمة سياسية عبر الدولة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في أوروبا.

وفي جميع أنحاء فرنسا ينتشر شعور مماثل بالصدمة، حيث دعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى انتخابات مبكرة، بعد هزيمته أمام حزب "التجمع الوطني" اليميني المتشدد.

وفي بروكسل، يستعد صنّاع السياسات لبرلمان أوروبي ينتمي فيه واحد من كل أربعة مشرعين إلى اليمين.

هكذا، بينما تحاول القارة المترنحة فهم ما أصابها للتو، فإن دور الناخبين الشباب أصبح موضع التركيز كعامل مهم.

ففي ألمانيا، قفزت نسبة الشباب الذين صوّتوا لصالح حزب "البديل من أجل ألمانيا" بين انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة في عام 2019، لترتفع بنسبة 11% بين الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 24 و30 عامًا.

وفي فرنسا، حصل حزب "التجمع الوطني" بزعامة مارين لوبان على نحو 30% من أصوات الشباب على المستوى الوطني، بزيادة 10 نقاط مقارنة بعام 2019.

حصل حزب "التجمع الوطني" على نحو 30% من أصوات الشباب الفرنسي
عوامل متعددة

على عكس أجيال سابقة، يتبنى العديد من جيل Z وجيل الألفية الأصغر سنًا في أوروبا اعتناق نقيض، يتمثل في المواقف العنصرية وكراهية الأجانب الصريحة.

يُعيد تحليل النسخة الأوروبية من مجلة "بوليتيكو" سبب هذا الاتجاه لمزيج من العوامل، التي تتراوح من أزمة تكلفة المعيشة في أوروبا، إلى العزلة التي عانى منها العديد من الشباب خلال سنوات الإغلاق بسبب فيروس كورونا، إلى رد الفعل العنيف المتأخر في أعقاب أزمة الهجرة عام 2015 عندما تدفق ما يقرب من مليوني مهاجر إلى الكتلة الأوروبية.

لكن، هناك أيضًا المزيد من العوامل غير الملموسة، المرتبطة بحقيقة أن العديد من الشباب يختبرون السياسة فقط عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث لا يتم التحقق من المحتوى اليميني المتشدد، الذي يمجد نظرية "الاستبدال العظيم" ويربط الهجرة بالعنف.

ينقل التحليل عن ماتيو جالارد، مدير الأبحاث في مؤسسة "إبسوس" لاستطلاعات الرأي، أن الأحزاب اليسارية -وبالتحديد حزب "فرنسا الأبية" اليساري المتشدد- تظل القوة السياسية المهيمنة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا في فرنسا.

لكنه، مع هذا، أقر بأن الدعم للتجمع الوطني ارتفع بشكل كبير بالنسبة للفئة العمرية نفسها خلال السنوات الخمس الماضية. وقال: "هناك قسم من الشباب المعادين للهجرة ويصوّتون على هذه القضايا".

ويلفت التحليل إلى أن حقيقة أن أهم زعماء "حزب التجمع الوطني" جوردان بارديلا، وهو شاب يبلغ من العمر 28 عامًا، الذي يتحدث بسلاسة ويوجد في منزله على تطبيق "تيك توك"، يساعد في تفسير الارتفاع في دعم الشباب للتيار اليميني.

ويقول جالارد: "شباب بارديلا وفطنته في وسائل التواصل الاجتماعي ليست العوامل الوحيدة في نجاحه. شبابه، ووجوده على وسائل التواصل الاجتماعي، يوسع دائرة الناخبين إلى حد ما. لكنه ليس العامل الرئيسي"، مشيرًا إلى أن العوامل الرئيسية هي عدم شعبية السلطة التنفيذية بقيادة ماكرون، وأهمية الهجرة في الحملة الانتخابية.

المستشار الألماني أولاف شولتس
وجدت لتبقى

فيما يتعلق بالاقتصاد والهجرة وتأثيرات الوباء، فقد نجت أوروبا بالفعل من أسوأ ما في العاصفة. لكن التأثيرات المتبقية تعمل على تشكيل السياسة اليوم، وربما لسنوات عديدة قادمة.

فبعد أن وصل معدل التضخم في أوروبا إلى أعلى مستوى له بأكثر من 10% في أكتوبر 2022، عاد الآن إلى الانخفاض إلى 2%. وينطبق الشيء نفسه على البطالة التي تبلغ 6% في المتوسط ​​في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي وفقًا لليوروستات -مديرية عامة للمفوضية الأوروبية مسؤولياتها تزويد الاتحاد الأوروبي بالمعلومات الإحصائية على مستوى القارة- وهي أقل بكثير من متوسط ​​معدل البطالة البالغ 12.2% الذي تم الوصول إليه في عام 2013.

لذلك، فإن التحدي الذي يواجه النخب الأوروبية اليوم هو تقييم العواقب المترتبة على تحول الكتلة بقيادة الشباب نحو اليمين.

وفي فرنسا، سيعود جيل بارديلا إلى صناديق الاقتراع للتصويت في برلمان وطني جديد خلال انتخابات من جولتين في 30 يونيو و7 يوليو. وسوف تظهر الانتخابات المبكرة، التي دعا إليها ماكرون، ما إذا كان الأداء الصادم الذي حققه حزب "التجمع الوطني" سوف يستمر أم لا.

وبينما تقول مؤسسات استطلاع الرأي إنه من غير المرجح أن يقوم الناخبون بتثبيت بارديلا كأصغر رئيس وزراء لبلاده على الإطلاق، فمن الممكن أن يزيد "التجمع الوطني" عدد مقاعده في الجمعية الوطنية، ما يمهد الطريق لمحاولة أخرى من جانب ماري لوبان -أو بارديلا نفسه- للفوز بانتخابات الرئاسة في 2027.

وفي ألمانيا، لم يؤد الأداء السيئ للأحزاب الثلاثة في الائتلاف الحاكم بقيادة أولاف شولتس إلى إجراء انتخابات مبكرة، لكنه ربما وقع على مذكرة إعدام الحكومة. فبينما استبعد المستشار الدعوة لإجراء انتخابات، فإنه قد يواجه تصويتًا بالثقة.

ووفق "بوليتيكو"، إذا رحل شولتس، فإن الزعيم القادم الأكثر ترجيحًا للبلاد سيكون فريدريش ميرز، العضو المحافظ في الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي فاز حزبه بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات التاسع من يونيو.