الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بحماية الاحتلال.. المستوطنون يهاجمون شاحنات المساعدات المتجهة لغزة عبر الضفة الغربية

  • مشاركة :
post-title
المستوطنون يهاجمون شاحنات المساعدات لغزة

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

صعّد المستوطنون الإسرائيليون المتطرفون، هجماتهم على شاحنات المساعدات التي تمر عبر الضفة الغربية المُحتلة؛ مما منع وصول الغذاء إلى غزة، في الوقت الذي تحذر فيه المنظمات الإنسانية من أن القطاع يغرق بشكل أعمق في المجاعة.

وجاء في تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية لمراسلتها لوفدي موريس، من منطقة ترقوميا في الضفة الغربية المُحتلة، أن مجموعات من شباب المستوطنين تقوم بتتبع قوافل الإغاثة، وإقامة نقاط التفتيش، واستجواب السائقين. وفي بعض الحالات، قام مهاجمون من اليمين المتطرف بنهب وإحراق الشاحنات وضرب السائقين الفلسطينيين؛ مما أدى إلى نقل اثنين على الأقل إلى المستشفى.

ويستخدم المهاجمون شبكة من مجموعات "الواتس آب" التي يمكن الوصول إليها بشكل عام لتتبع الشاحنات وتنسيق الهجمات، مما يوفر نافذة على أنشطتهم. ومن خلال الاستفادة مما يقولون إنها نصائح من الجنود والشرطة الإسرائيلية، بالإضافة إلى الجمهور، يقوم الأعضاء بالتدقيق في الصور لمعرفة المركبات التي قد تحمل مساعدات إلى غزة وتعبئة المؤيدين المحليين لمنعها.

وتقول الصحيفة إن الهجوم الذي وقع يوم الخميس الماضي، أظهر كيفية عمل هؤلاء، فقد بدأ المستخدمون في إحدى مجموعات الواتس آب التي تضم أكثر من 800 عضو في النشر عن شاحنة مسطحة محملة بالسكر، ومشاركة الصور من الطريق أثناء متابعتهم لها.

وقال يوسف دي بريسر-23عامًا- إن "الشاحنة التي تمد حماس توقفت أمام إيفياتار"، في إشارة إلى موقع استيطاني إسرائيلي جنوب مدينة نابلس الفلسطينية.

ودي بريسر هو أحد قادة حركة "لن ننسى"، التي أقامت مخيمات احتجاج عند معبر كرم أبو سالم بين المستوطنات وغزة في وقت سابق من هذا العام، ويدير العديد من مجموعات الواتس آب التي تستهدف شاحنات المساعدات. وكتب: "تعالوا وانضموا إلى الحصار!"، واستجاب آخرون لهذه الدعوة.

وقد تم نهب الشاحنة، وتناثرت حمولتها على طول الطريق، بحسب الصور التي نشرتها المجموعة في وقت لاحق –وهي إحدى شاحنتي السكر اللتين قام المستوطنون بتخريبهما في ذلك اليوم. وزعم دي بريسر إن سندات الشحن، التي لم تظهر الوجهة، تثبت أن الشاحنة كانت متجهة إلى غزة.

في المقابل، قال فهد عرار، صاحب الشحنة، إن الحمولة البالغة 30 طنًا من السكر كانت في الواقع متجهة إلى مدينة سلفيت الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة. وأكد أن السائق نجا دون أن يصاب بأذى، لكن جيش الاحتلال لم يسمح له بإعادة تحميل البضائع.

وبدلًا من ذلك، قام جنود الاحتلال بإزالة الأكياس بجرافة ودمروها، كما أكد "عرار"، الذي قدر خسائره بنحو 30 ألف دولار. وقال عرار: "وقع الهجوم أمام الجنود الذين لم يفعلوا شيئًا لوقفه".

وبحسب تقرير واشنطن بوست، لم يعلق جيش الاحتلال على الحادث، لكنه أرسل بيانًا أكثر عمومية قال فيه إنه يعمل في الضفة الغربية المحتلة "بهدف تفريق المواجهات بين المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين، ويساعد حتى وصول الشرطة". ولم تستجب شرطة الاحتلال، المسؤولة إلى حد كبير عن تطبيق القانون عندما يرتكب مواطنون إسرائيليون جرائم، لطلبات متعددة للتعليق.

وترى الصحيفة الأمريكية، أن أعمال العنف والتخريب، التي ترتكب مع إفلات شبه كامل من العقاب، تثير تساؤلات حول مدى استعداد قوات الأمن الإسرائيلية لكبح جماح المستوطنين المتطرفين وحماية الفلسطينيين. كما أنه يتحدى ادعاء الحكومة الإسرائيلية بأنها تبذل كل ما في وسعها لضمان تدفق المساعدات إلى غزة، حيث تدهور الوضع الإنساني بسرعة منذ توغل قوات جيش الاحتلال في مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة.

وأكد التقرير أنه مع تحول مجموعات من المراهقين إلى السماح لمن يستطيع ومن لا يستطيع المرور على الطرق الرئيسية في الضفة الغربية المحتلة، أصبحت أي شاحنات تحمل الغذاء عرضة للهجمات.

وقال عبده إدريس، رئيس اتحاد غرف التجارة الفلسطينية، إن "البيئة من حولنا تغذيها الكراهية والانتقام". وأضاف أنه تحت ضغط من الولايات المتحدة، فتحت إسرائيل معبر ترقوميا في الضفة الغربية المحتلة في وقت سابق من هذا الشهر، أمام شاحنات المساعدات المتجهة إلى غزة من الأردن، والشركات الفلسطينية التي تصدر المواد الغذائية.

ووصف مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، استهداف شاحنات المساعدات بأنه "انتهاك صارخ"، وتدرس إدارة بايدن فرض عقوبات على الأشخاص المتورطين في الهجمات، وفقًا لمسؤول أمريكي كبير، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة مداولات داخلية.

ونفى المستوطن المتطرف دي بريسر، أن تكون جماعته مسؤولة عن حرق الشاحنات، لكنه زعم أنه لا يستطيع إدانة أعمال العنف. وأكد "أنا سعيد بكل شاحنة لا تدخل غزة، ويسعدني أيضًا أن أراها تشتعل فيها النيران". وقال إن حركته تدعم تفكيك الشاحنات".

وقد أظهرت حادثة وقعت أخيرًا، نهج عدم التدخل الذي تتبعه السُلطات الإسرائيلية في التنفيذ. ففي الساعات الأولى من يوم 17 مايو، أقام حوالي عشرين شابًا من اليمين المتطرف حصارًا مؤقتًا على "ترقوميا"، ومر الجنود وضباط الشرطة أمام المجموعة عدة مرات دون إيقافهم.

وعند الفجر، مع اقتراب الشاحنة الأولى، التقط صبي يبلغ من العمر 12 عامًا ذو شعر أشقر، قطعة من الطوب ولوح بها فوق رأسه، مهددًا بإلقائها على السيارة إذا اقتربت أكثر. فتراجعت الشاحنة للخلف. واستدارت سيارات أخرى عند رؤية المجموعة.

وطلبت الشرطة من المتظاهرين إزالة الحاجز بعد حوالي ساعة، لكن المتظاهرين واصلوا التجول، وانضم إليهم ضابط شرطة. وقالت مجندة إسرائيلية عن المستوطنين الشباب: "ليست مهمتنا أن نوقفهم، بل أن نحميهم".

وكان إبراهيم الرازم "35 عامًا"، يقود شاحنة "كوكا كولا" إلى كفر عقب على مشارف القدس، عندما اصطدم بحاجز طريق ليلة 16 مايو.

وقال "الرازم"، وهو فلسطيني من سكان القدس، عن حشد المستوطنين الذي أوقفه: "سألوني إذا كنت ذاهبًا إلى غزة". وقال إنه قدم وثائق للمجموعة تظهر أن البضائع كانت متجهة إلى مكان آخر. لكنهم لم يكونوا راضين. "هل أنت يهودي أم عربي؟" يتذكر الرازم أنهم سألوا قبل أن يهاجموا مباشرة.

وقال: "لقد أرادوا حقًا قتلي"، مضيفًا أن ضباط جيش الاحتلال في مكان الحادث لم يفعلوا الكثير للسيطرة على الحشد. وقال الرازم إنه اختبأ تحت مركبة تابعة لجيش الاحتلال لحماية نفسه من الضربات.

وقال الرازم الذي أُصيب بثلاثة كسور في الفقرات وكسور في الأضلاع وكسر في الأنف: "لو كان جيش الاحتلال يريدهم حقًا أن يغادروا، لكان بإمكانهم إطلاق النار في الهواء".

واشتعلت النيران في الشاحنة بعد نقله إلى المستشفى. وقال الرازم: "كان هذا مصدر دخلي.. لقد أفلست"، مقدرًا خسائره بنحو 200 ألف دولار.