يؤمن الممثل الإيرلندي كيليان مورفي بأن الأمر يستغرق نحو 30 عامًا لصنع ممثل جيد، حسبما أخبره أحد المخرجين في بداية مشواره الفني، إذ يدرك الممثل الذي يحتفل بعيد ميلاده الـ48 اليوم السبت بأن الشخص يجب أن يتعلم حرفته جيدًا ويختبر العديد من التجارب حتى يعبر بقوة عن موهبته في التمثيل.
الممثل الأيرلندي الذي ولد في دوجلاس، إحدى ضواحي مدينة كورك أيرلندا، كانت اهتماماته مغايرة لنشأته وسط عائلة تهتم بالتعليم الأكاديمي، إذ كان والده يعمل في وزارة التعليم الأيرلندية، أما والدته كانت معلمة للغة الفرنسية، ولم يكمل دراسة القانون في جامعة كوليدج كورك، ليتفرغ للفن والعزف على الجيتار في فرق موسيقية مختلفة لكنه لم يحقق تقدمًا ملموسًا في هذا المجال، ليقرر الانضمام إلى فرق تمثيلية مسرحية ومنها مسرح كوركادوركا، حيث لعب الدور الرئيسي في مسرحية Disco Pigs.
عرف "مورفي" طريقه إلى السينما عام 1997 من خلال الفيلم القصير Quando ثم أتبعه بأعمال أخرى أبرزها The Trench"الخندق"، Sunburn "ضربة شمس"، وDisco Pigs "خنازير الديسكو"، قبل أن تزدهر مسيرته الفنية بفيلم المخرج داني بويل Days Later 28 "بعد 28 يومًا" الصادر عام 2002 والذي حقق نجاحًا عالميًا، ونال عنه ترشيحا لأفضل موهبة صاعدة في MTV Movie Awards.
تميز "مورفي" في تجسيد الأدوار المساعدة بأفلام رفيعة المستوى مثل Cold Mountain "جبل بارد"، وGirl with a Pearl Earring" الفتاة ذات القرط اللؤلؤي"، وأيضًا الشخصية الشريرة الدكتور جوناثان كرين، المعروف أيضًا باسم الفزاعة في Batman Begins "بداية باتمان" في أول تعاون له مع المخرج كريستوفر نولان، أحد أبرز المخرجين تأثيرًا في حياة الممثل الأيرلندي المهنية.
كما تميز نجم هوليوود في دور الشرير جاكسون ريبنر في فيلم " Red Eye "الطيران الليلي"، ساعد في ذلك ملامح وجهة ونظرته الحادة، حسبما يقول الناقد مانهولا دارجيس بصحيفة نيويورك تايمز، إذ وصف مورفي بـ "الشرير المثالي".
وتابع الممثل طريقه في السينما الأمريكية متنقلًا بين العديد من الأدوار، حتى حقق تألقًا لافتًا للنظر في المسلسل الشهير Peaky Blinders " الأقنعة الهزيلة"، الذي تدور أحداثه في إنجلترا في القرن العشرين، حول عصابة يتزعمها تومي شيلبي الذي جسد دوره الممثل الأيرلندي.
نولان ومورفي
النجاح التلفزيوني الذي حققه مورفي لم يقابله نفس النجاح السينمائي إلا على يد المخرج كريستوفر نولان الذي اختاره لبطولة فيلم Oppenheimer "أوبنهايمر" في أول مهمة له مع البطولة المطلقة، والتي جاءت بعد مشوار امتد نحو 25 عامًا في السينما، وبعد أن اكتسب تجارب حياتية ومهنية عدة وأصبح مؤهلًا ليقف بجوار نجوم الصف الأول مودعا الأدوار الداعمة.
مقولة "مورفي" التي يؤمن بها دائمًا ويرددها في عدد من حواراته الإعلامية حول الانتظار لكي تكتمل الموهبة طبقها بالفعل في حياته المهنية، ويبدو أن نولان هو الآخر كان ينتظر أن يصل أداء نجمه إلى النضوج حتى يسند إليه بطولة أحد أبرز أفلامه تحقيقًا للأرباح في تاريخه السينمائي "أوبنهايمر".
لاحظ نولان الطاقة الفنية الكامنة في بطل فيلمه "أوبنهايمر" قبل أن يسند إليه بطولة العمل بنحو 20 عامًا، إذ سبق أن صرح لصحيفة deadline بأنه اكتشف مورفي لأول مرة في صورة صحفية لدوره في فيلم "بعد 28 يومًا" وأذهلته عيونه الزرقاء الزاهية وحضوره، وبعد أن شاهد الفيلم دعا مورفي لتجربة أداء لشخصية باتمان في فيلم Batman Begins، وذهب الدور في النهاية إلى كريستيان بيل، لكن مورفي بدلًا من ذلك جسد دور الشرير الدكتور جوناثان كرين.
شارك مورفي بعد ذلك في 4 أخرى مع نولان هي Dunkirk " دونكيرك" Inception "بداية"، The Dark Knight"فارس الظلام"، وThe Dark Knight Rises "نهوض فارس الظلام"، قبل أن يتصل به المخرج ليخبره بأنه سيكون بطل فيلمه "أوبنهايمر"، إذ لم يكن يصدق الممثل الأيرلندي نفسه لأنه للمرة الأولى سيكون بطلًا لفيلم سينمائي، وأيضًا مع مخرج بحجم كريستوفر نولان.
وجهة نظر نولان في بطل فيلمه الصادر عام 2023 كانت صائبة تمامًا، ونال "مورفي" إشادة نقدية واسعة، بل توج بجائزة أوسكار أفضل ممثل عن الدور نفسه، وعلى المستوى التجاري حقق العمل 976 مليون دولار من إيرادات شباك التذاكر بدور السينما العالمية.