الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بعد قرار محكمة العدل.. هل تنحني إسرائيل أمام الضغوط الدولية لإنهاء الاحتلال؟

  • مشاركة :
post-title
مقر محكمة العدل الدولية في لاهاي - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي قرارًا تاريخيًا يدين العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، ويأمر إسرائيل أن توقف "على الفور" هجومها العسكري أو أي أعمال أخرى في رفح الفلسطينية، مشيرة إلى "الخطر المباشر" على الشعب الفلسطيني.

كما أمرت المحكمة إسرائيل بفتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية للقطاع، إلى جانب ضمان وصول أي لجنة تحقيق أو تقصي حقائق بشأن تهمة الإبادة الجماعية.

وفي تصريحات خاص لموقع "القاهرة الإخبارية"، يلقي الدكتور رائد أبو بدوية، الخبير في القانون الدولي، الضوء على تداعيات هذا القرار وآفاق المرحلة المقبلة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

الخطوات القانونية المتاحة

وفقًا لتصريحات "أبو بدوية"، فإن الخطوة القانونية التالية هي أن تتوجه جنوب إفريقيا، التي طلبت الفتوى من محكمة العدل الدولية، إلى مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يُلزم إسرائيل بتطبيق قرار وقف إطلاق النار في رفح الفلسطينية.

ويعد صدور مثل هذا القرار من مجلس الأمن الخيار الأفضل من الناحية القانونية، لكن "أبو بدوية" يشكك في احتمال التزام إسرائيل بهذا القرار أو بقرارات محكمة العدل الدولية.

وأوضح أن قرار محكمة العدل الدولية، على الرغم من كونه ملزمًا قانونيًا، يمكن استغلاله قانونيًا وحقوقيًا من قبل الفلسطينيين والمؤسسات الحقوقية الداعمة لقضيتهم، كما سيكون له تأثير كبير على القرار المتوقع القادم من محكمة الجنايات الدولية بشأن طلب المدعي العام إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت.

الاعتراف بالدولة الفلسطينية

وأشار خبير القانون الدولي إلى أن قرار محكمة العدل الدولية سيكون له تأثيرات قانونية أخرى، إذ يمكن للمؤسسات الحقوقية رفع قضايا أمام المحاكم الوطنية في الدول الأوروبية، خاصة تلك التي ترفض وقف تسليح إسرائيل أو توريد الأسلحة لها.

وستستفيد هذه المؤسسات من القرار في رفع دعاوى ضد الحكومات التي تمتنع عن حظر تصدير الأسلحة أو أي مساعدات لوجستية قد تسهم في العدوان أو الإبادة في قطاع غزة.

بالإضافة إلى ذلك، يرى "أبو بدوية" أن تراكم القرارات الدولية من الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، إلى جانب اعتراف بعض الدول الأوروبية بدولة فلسطين، كلها عوامل تدفع المجتمع الدولي للاستيقاظ أكثر على الحقوق الفلسطينية المشروعة.

وتدرك الدول الأوروبية أن استمرار الصراع يسبب عدم استقرار إقليمي وعالمي، وأن إسرائيل تستغل الفترة منذ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 حتى اليوم لفرض واقع ديموغرافي جديد في الضفة الغربية، بهدف منع قيام الدولة الفلسطينية. وأصبحت إسرائيل متصلبة في رفضها لقيام هذه الدولة، حسب تصريحات "أبو بدوية".

خلاف لا تخلٍ

لا يعتقد "أبو بدوية" أن الولايات المتحدة الأمريكية ستتخلى عن إسرائيل، باعتبارها حليفًا استراتيجيًا لها في منطقة الشرق الأوسط، لكن الخلاف يكمن في الرؤية السياسية للحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة نتنياهو، والتي من المتوقع أن تخسر في أي انتخابات قادمة حسب استطلاعات الرأي.

وبناءً على ذلك، فإن الحديث عن حل الدولتين أو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي يتم في سياق ما بعد نتنياهو.

ومع ذلك، فإن العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل ستبقى قائمة، لكن واشنطن قد تستخدم وسائل ضغط على نتنياهو وحكومته، مثل تمرير قرارات في مجلس الأمن الدولي، كما حدث في عهد الرئيس السابق باراك أوباما بشأن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأضاف "أبو بدوية" أن الولايات المتحدة بدأت منذ فترة محاولات لعزل نتنياهو سياسيًا، سواءً على الصعيد الدولي أو داخل النظام السياسي الإسرائيلي نفسه، من خلال التقرب من زعماء المعارضة مثل بيني جانتس ويائير لابيد. لذلك، لا يعتقد أبو بدوية أن أمريكا ستتخلى عن إسرائيل، ولكنها قد تستخدم أدوات الضغط المختلفة لإضعاف نتنياهو وحكومته.

لا آليات للتنفيذ

على الرغم من أن قرارات المحاكم الدولية ملزمة قانونيًا، إلا أن "أبو بدوية" يشير إلى أن هذه المحاكم لا تملك آليات تنفيذ قانونية لإنفاذ قراراتها. وهنا يأتي دور المجتمع الدولي في استخدام الأدوات الأخرى المتاحة في إطار العلاقات الدولية لمحاسبة إسرائيل وإجبارها على وقف عدوانها على غزة وإنهاء الاحتلال.

ومن هذه الأدوات، كما يوضح "أبو بدوية"، الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية وغيرها. فعلى سبيل المثال، رأينا بعض دول الاتحاد الأوروبي تلجأ إلى الاعتراف بدولة فلسطين قبل يومين كوسيلة ضغط دبلوماسية وسياسية على الكيان الإسرائيلي.

الضغط الدولي

يشير "أبو بدوية" إلى أن تراكم الضغوط الدولية على إسرائيل، سواء من خلال قرارات الأمم المتحدة أو المحاكم الدولية أو الاعترافات بالدولة الفلسطينية، كلها عوامل تساهم في تغيير موقف إسرائيل تجاه القضية الفلسطينية. التي أصبحت تتصدر الأجندات السياسية العالمية، وليس فقط أجندة الشرق الأوسط، ما يعني أن الدول الأوروبية أدركت أن استمرار الصراع يهدد الاستقرار الإقليمي والعالمي.

وبالتالي، فإن هذه الضغوط الدولية المتزايدة قد تدفع إسرائيل إلى إعادة النظر في موقفها المتصلب تجاه قيام الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال، خاصة في ظل التغييرات المحتملة في الحكومة الإسرائيلية بعد رحيل نتنياهو.