يعد اختيار مطرب الراب مصري ويجز للغناء في حفل ختام نهائي كأس العالم لكرة القدم 2022، وتقديم أغنيته "عز العرب" لتتابعه الملايين من مختلف دول العالم، حدثًا استثنائيًا لا يتكرر كثيرًا، ليكون ذلك خير برهان على ما وصل إليه من شهرة عريضة.
ويجز صعد إلى مصاف النجومية في وقت تشهد فيه الأغنية المصرية والعربية تطورًا شديدًا، محققًا شعبية كبيرة في الوطن العربي تترجمها أرقام مشاهدات أغانيه على المنصات الموسيقية، أبرزها موقع يوتيوب، إذ تخطت أغنيته "دورك جاي" حاجز المئة مليون مشاهدة، فيما حققت أغنية "البخت" ما يتجاوز 160 مليون مشاهدة، كما تترجمها الآلاف من الجماهير التي تحرص على حضور حفلاته.
يمثّل أحمد علي، أو ويجز، بمشروعه الغنائي نفسه، كما يقول في حوار تلفزيوني، مشيرًا إلى أنه يغني ما يعجبه ويعبر عنه دون أن يلتفت إلى كل الضجيج الذي قد يحدث من حوله، وهو بهذا الطرح لا يمثل نفسه فقط بل جيل جديد من الشباب قادر على التواصل معه، ويريدون من يعبر عنهم، خصوصًا أن الفن بصفة عامة يُنقل في صور مختلفة واقعًا مُعاشًا.
يحاول "ويجز" دائمًا أن يجرب مناطق جديدة في مجال الموسيقى، فمثلما قدّم أغاني من نوعية الراب والتراب، طرح أغنية رومانسية بعنوان "البخت"، وكذلك قدّم أغنية وطنية بطريقته تحمل عنوان "بعودة يا بلادي" ضمن فيلم "كباتن الزعتري" للمخرج علي العربي، التي تعبر عن حلم صديقين في أن يصبحا لاعبي كرة قدم محترفين، لكنهم يعانيان من الحصار داخل معسكر للاجئين في دولة الأردن، ليعود بعد ذلك مطرب الراب ويتعاون مرة ثانية مع علي العربي في كليب "عز العرب" في أغنية من تأليفه وألحانه.
"ويجز" الذي سبق أن وصف نفسه في مقابلة إعلامية بأنه كان طفلًا ذكيًا، يعرف تمامًا أنه يعبر عن جيل يسانده، مراهنًا على أن ذلك يعد النجاح الحقيقي لأي فنان، مستعينًا بفريق عمل متخصص، كل في مجاله، سواء فيما يتعلق بالموسيقى أو شكل الظهور، وأيضًا الملابس التي يرتديها في المناسبات المختلفة، حتى عندما يظهر في إطلالة قد تعرضه لانتقادات فهو يعرف تمامًا أن ذلك سيعود عليه بالنفع في النهاية، مثلما حدث مع المطرب المصري الراحل عمر فتحي الذي اشتهر في حقبة الثمانينيات، حيث تخلى وقتها عن البدلة وارتدى ملابس عادية وبنطلون "جينز" أثناء إحيائه الحفلات الغنائية، وواجه حينها هجومًا شديدًا، دون أن تلتفت هذه الانتقادات إلى أن ذلك يُعد تحولاً وتطورًا في شكل الأغنية والمطرب.
ويحفل تاريخ الموسيقى والغناء في مصر بالعديد من النماذج لمطربين عبروا عن جيلهم رافضين أن يقلدوا من سبقوهم، وذلك مع احترامهم لما قدمه الآخرون، لكنهم واجهوا سيلًا من الهجوم النقدي والرفض من جانب أنصار الأغنية القديمة الكلاسيكية، إذ سبق أن واجه عمرو دياب وجيله انتقادات لاذعة، وأطلق بعض كبار صنّاع الأغنية والنقاد على ما يقدمونه وصف "أغاني تيك أواي" تشبيهًا بالوجبات السريعة الساخنة التي تشبع الجوع لكنها غير مفيدة، وحول ذلك قال الهضبة في لقاء إعلامي إنه يحترم جيل عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وكل ما سبق لكنه يريد التعبير عن جيله من الشباب.
وخسرت بعض الأقلام النقدية الرهان الذي وضعته على أن الزمن لن يسمح باستمرار أغاني جيل الثمانينيات والتسعينيات، ليستمر الهضبة ومحمد فؤاد وهشام عباس، وأيضًا محمد منير الذي لم يخل إنجازه الإبداعي من نقد، إذ واجه الشاب النوبي الأسمر هجومًا لنوعية الأغاني التي يقدمها، فيما احتواه مبدعون يرون أن الفنان يجب أن يعبر عن نفسه وبيئته ومنهم المخرج الراحل يوسف شاهين الذي استعان به في بعض أفلامه.
ولا تنتهي قائمة المطربين الذين واجهوا انتقادات في بدايتهم الفنية لشكل الغناء الذين يقدمونه، ومنهم عبد الحليم حافظ الذي اعترض في بدايته على أن يشبّهه أحد بأي مطرب سبقه، قائلا: "أنا مش شبه حد.. أنا لون جديد"، وكذلك الأمر مع محمد رشدي الذي بحث كثيرًا ليجد ضالته في المواويل والأغاني الشعبية، أيضًا كان هناك هجوم شديد على المطرب أحمد عدوية وقت ظهوره، لكنه مع مرور الزمن أثبت كل هؤلاء أنهم كانوا مُعبرين عن أنفسهم وجيلهم أيضًا.