خلف العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، منذ 7 أكتوبر الماضي، ملايين الأطنان من أنقاض الأبنية المنهارة المليئة بالذخائر غير المتفجرة، والتي تستغرق إزالتها ما يزيد على عقد من الزمن، وفق ما ذكرت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، نقلًا عن مسؤول كبير في مجال إزالة الألغام بالأمم المتحدة.
وقال بير لودهامار، الرئيس السابق لهيئة الأمم المتحدة لمكافحة الألغام في العراق، إن الحرب الإسرائيلية على غزة، خلفت 37 مليون طن من الحطام، معظمها مليء بالقنابل غير المتفجرة، والتي قد تستغرق أكثر من عقد من الزمن لإزالتها.
وأضاف لودهامار، في مؤتمر صحفي بجنيف، إنه بعد ما يقرب من سبعة أشهر من الحرب، هناك ما متوسطه 300 كيلوجرام من الأنقاض لكل متر مربع من الأراضي في غزة.
وتابع: "استنادًا إلى الكمية الحالية من الأنقاض في غزة، مع 100 شاحنة، نتحدث عن 14 عامًا من العمل لإزالتها".
وأشار إلى أنه مع استمرار الحرب، من المستحيل تقدير المدة التي قد تستغرقها عملية التطهير في نهايتها".
ويواجه جيش الاحتلال تهمًا بارتكاب جرائم "قتل منازل"، بسبب شدة حملة القصف التي يشنها على غزة، والتي حولت مساحات واسعة من القطاع إلى أنقاض.
وقال لودهامار، إن 65% من المباني المدمرة في غزة كانت سكنية، مشيرًا إلى أن عملية تطهيرها وإعادة بنائها ستكون عملًا بطيئًا وخطيرًا، بسبب التهديد الناتج عن القذائف أو الصواريخ أو غيرها من الأسلحة المدفونة في المباني المنهارة أو المتضررة.
وقال لودهامار، إن نحو 10% من الذخائر في المتوسط، لم تنفجر عند إطلاقها، ولا بد من إزالتها من قبل فرق إزالة الألغام.
وأدى العدوان الإسرائيلي على غزة، إلى استشهاد 34388 فلسطينيا، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 77437 آخرين، خلال ما يقرب من سبعة أشهر، وفقًا للسلطات الصحية في غزة.
كما أحال العدوان الإسرائيلي، جزءًا كبيرًا من القطاع الساحلي الضيق، الذي يبلغ عدد سكانه 2.3 مليون نسمة، إلى ركام، وأصبح معظم المدنيين بلا مأوى، ويعانون من الجوع وخطر الإصابة بالأمراض.
وبعد ما يزيد على 200 يوم من العدوان الإسرائيلي المتواصل، تحوّل قطاع غزة إلى مكان غير صالح للسكن تقريبًا، إذ دمر جيش الاحتلال 35% من المباني في غزة، وفق إحصائية سابقة للأمم المتحدة.
لكن الخطر الأكبر الذي يهدد بحصد أرواح المزيد من سكان غزة، حتى بعد انتهاء العدوان، هو الذخائر غير المتفجرة المدفونة في أنقاض الأبنية المنهارة جراء القصف الإسرائيلي.
وفى وقت سابق من الشهر الجاري، قالت منظمة "هانديكاب إنترناشونال" الدولية الإنسانية، إن إسرائيل ألقت 45 ألف قنبلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي وحتى منتصف يناير، وإن 3 آلاف منها على الأقل لم تنفجر، مما يشكل خطرًا يهدد سكان القطاع.
ونقلت إذاعة فرنسا الدولية عن جان بيار ديلومييه، نائب مدير العمليات الدولية بالمنظمة، قوله: "ثمة 3 آلاف قنبلة من بين هذه القنابل الـ45 ألفًا، لم تنفجر، وستشكل خطرًا إضافيًا على المدنيين عند العودة إلى المناطق التي نزحوا منها في الوقت الذي يتعين فيه توزيع المساعدات الإنسانية".
وقال ديلومييه، الذي زار مدينة رفح جنوبي القطاع خلال الحرب الحالية، إن منظمته تنتظر وقف إطلاق النار في غزة، لكي تتضح لديها الرؤية بهذا الشأن، وتبدأ أعمال إزالة الألغام والقنابل التي خلفتها الحرب.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، نقلت عن تشارلز بيرش، خبير إزالة المتفجرات بالدائرة الأممية للأعمال المتعلقة بالألغام، قوله في ديسمبر الماضي، إن غزة حاليًا مليئة بالمئات إن لم يكن الآلاف من الذخائر غير المنفجرة، بدءًا من الصواريخ المؤقتة إلى الذخائر عالية التقنية التي قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل، وأضاف "سيكون التلوث لا يصدق، مثل شيء من الحرب العالمية الثانية".
وقال بيرش الذي زار غزة في ذروة حملة القصف الإسرائيلية، إن هذه الذخائر غير المنفجرة قد تكون أكثر التهديدات انتشارًا، لأنها ستدوم طويلًا بعد الحرب، وتشكل مخاطر على المدنيين لأجيال. وحتى أوقات السلم النسبي في غزة، فإن القنابل المتبقية من جولات القتال السابقة كانت تقتل وتشوه بانتظام، والمشكلة الآن أسوأ بأضعاف مضاعفة.