مع بداية الحرب على غزة التي دخلت شهرها السادس، لم تجن دولة الاحتلال الإسرائيلي سوى الدمار والقتل والإبادة للمدنيين من الرجال والنساء والأطفال والرضع في القطاع الفلسطيني، دون تحقيق أي مكسب سياسي أو عسكري.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، أنه بالتزامن مع "عيد الفصح تعيش إسرائيل في واحد من أكثر الأحداث مصيرية في تاريخها، إنها في خضم حرب وجودية متعددة الساحات، لكنها عالقة ومتعثرة في طريق مسدود أمام 6 جبهات مهمة".
الجبهة الأولى
فشلت كل الجهود المبذولة من جانب دولة الاحتلال لتحرير المختطفين، وأصبحت دولة الاحتلال عالقة؛ لأنها فقدت كل أدوات الضغط الفعّالة على زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، بجانب انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع بأكمله تقريبًا، كما أن الحكومة المدنية التابعة لحماس لم تنهار، في وقت يضغط فيه الأمريكيون بعدم السماح بدخول رفح لإكمال المهمة.
الجبهة الثانية
وتأتي الجبهة الثانية المسدودة أمام الإسرائيليين، في وقف تنفيذ الإجراءات اللازمة في رفح، والسبب الرئيسي في ذلك هو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والجيش الإسرائيلي لم يتوصلا بعد إلى اتفاق مع الأمريكيين؛ بشأن إجلاء حوالي مليون لاجئ من المدينة، ويطالب نتنياهو بمناورة الجيش الإسرائيلي داخلها في أسرع وقت ممكن.
الجبهة الثالثة
أصبحت الجبهة الثالثة المسدودة أمام الحكومة الإسرائيلية، هي أنه ليس لإسرائيل بديل عن الحكم المدني لحماس في غزة، حيث إنه من الناحية العسكرية، تم بالفعل تدمير حوالي 75% من القوة العسكرية لحماس أو أنها لا تعمل، لكن المنظمة لا تزال تتمتع بسيطرة على القطاع، ما يعني أن أهداف الحرب لم تتحقق.
ورأت الصحيفة العبرية "أنه ليس هناك حاليًا سوى بديلين للحكم المدني لحماس، هما حكومة عسكرية إسرائيلية أو قوة فلسطينية تابعة للسلطة الفلسطينية، بمساعدة فعّالة من قوة شرطة عربية وتمويل من الدول التي تقيم علاقات مع إسرائيل، لكن نتنياهو وحكومته ليسا مستعدين للموافقة على أي من هذين البديلين، والنتيجة هي عودة حماس إلى السطح بكل عناصرها المدنية في كل مناطق القطاع".
الجبهة الرابعة
وتواجه إسرائيل الجبهة الرابعة في الشمال، حيث أصبحت إسرائيل غير قادرة على إعادة السكان اليهود في الجليل القريب من الحدود إلى مستوطناتهم؛ لأن حزب الله اللبناني غير راغب في وقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات من أجل تسوية دبلوماسية، بوساطة الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ودول أخرى.
واعتبرت الصحيفة العبرية أن حزب الله اللبناني "ينتظر أن يرى النتائج التي حققها الجيش الإسرائيلي في قتاله ضد حماس، لكي يقرر ما إذا كان من المفيد له على الإطلاق التوصل إلى تسوية، في وقت لا تريد فيه كل القوى السياسية والأمنية في إسرائيل حربًا كبرى مع حزب الله، ولا حتى حربًا محدودة في جنوب لبنان".
الجبهة الخامسة
الجبهة الخامسة تكمن في إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على عدم مناقشة إقامة دولة فلسطينية على مبدأ الدولتين لشعبين، في وقت تصر فيه بعض الدولة العربية على تنفيذ هذا الشرط مقابل عملية التطبيع.
الجبهة السادسة
الجبهة السادسة هي التهديد القادم من طهران، حيث لا تمتلك إسرائيل خطة استراتيجية لإنشاء تحالف دفاعي ضد إيران، وهو التحالف الذي نجح بشكل جيد في صد الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار قبل أسبوع، والذي يعد أيضًا المفتاح للتعامل بفعالية مع التهديد النووي عندما يأتي القرار.
وأوضحت "يديعوت أحرنوت"، "أن كل شيء يبدأ وينتهي مع الفلسطينيين، وأن المأزق الاستراتيجي وقعت فيه إسرائيل في جميع المجالات، وهو يتميز بخاصيتين أساسيتين.
السمة الأولى، أن كل شيء متصل بكل شيء، ويعتمد حل كل قضية على ما يحدث في القضايا الأخرى، ولذلك، هناك حاجة إلى استراتيجية شاملة لتحريك الحزمة بأكملها في الاتجاه المطلوب، لكن لا تملك الحكومة الإسرائيلية وزعيمها حاليًا مثل هذه الاستراتيجية، ويديرون الاتصالات والحرب في كل ساحة على حدة من دون رؤية وتغيير الصورة العامة غير المشجعة التي تظهر منها.
والسمة الثانية هي أن بداية كل المحاور، أي مفتاح الحل والتحول على جميع الجبهات، هي التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة، ويجب ألا يتم المساس بالتعاون مع الحكومة الأمريكية في القضايا الاستراتيجية، لكن هذا التعاون في جميع المجالات مشروط بتنازل إسرائيلي في القضية الفلسطينية، أي موافقة مبدئية من جانب نتنياهو وحكومته على مفهوم الدولتين لشعبين.