مع كل مجازر ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني تطفو على السطح جرائم سرقة أعضاء الشهداء ونزع جلودهم، التي كان آخرها العثور على جثث دون رؤوس وأجساد دون جلود بعضها سُرقت منها أعضاؤهم.
جثث دون رؤوس
وأفاد إسماعيل ثوابتة، المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في بيان له، باكتشاف مقبرتين جماعيتين بمستشفى ناصر في خان يونس، والعثور فيها على جثث دون رؤوس وأجساد دون جلود وبعضهم سُرقت أعضاؤهم.
وقال "ثوابتة" المتحدث الحكومي في قطاع غزة، إن "الاحتلال أعدّ مقبرة داخل أسوار مجمع ناصر لإخفاء جرائمه"، مرجحًا "وجود 700 شهيد في مقابر جماعية أعدمهم الاحتلال داخل مجمع ناصر"، جنوب قطاع غزة.
ونشرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم الأحد، التقرير الإحصائي اليومي لعدد القتلى والجرحى جراء القصف الإسرائيلي المستمر لليوم الـ198 على القطاع، مشيرة إلى ارتفاع حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 34.097 قتيلًا و76.980 مصابًا منذ 7 أكتوبر الماضي.
دعوة لتحقيق دولي
كان موضوع سرقة جلود وأعضاء الشهداء الفلسطينيين طاف على السطح بعد عدد من التقارير الإسرائيلية حوله، إضافة للحديث عن رفض تل أبيب تسليم جثث بعض القتلى الفلسطينيين إلى ذويهم.
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في احتجاز الجيش الإسرائيلي جثث عشرات القتلى الفلسطينيين خلال حربه على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، وشبهات سرقة أعضاء منها.
ووثّق المرصد الأورومتوسطي، احتجاز الجيش جثث قتلى من مجمع الشفاء الطبي في غزة، والمستشفى الإندونيسي في شمال القطاع، وأخرى من محيط ممر النزوح إلى وسط وجنوب القطاع الذي خصصه على طريق صلاح الدين الرئيسي.
وذكر الأورومتوسطي أن الجيش الإسرائيلي عمد كذلك إلى نبش مقبرة جماعية جرى إقامتها قبل أكثر من عشرة أيام في إحدى ساحات مجمع الشفاء الطبي واستخراج جثث القتلى منها واحتجازها.
وأثار المرصد الأورومتوسطي شبهات سرقة أعضاء من جثث قتلى، بينها ملاحظات أدلى بها أطباء في غزة أجروا فحصًا سريعًا لبعض الجثث بعد الإفراج عنها ولاحظوا سرقة أعضاء مثل قرنية العين وقوقعة الأذن، وأعضاء حيوية أخرى مثل الكبد والكلى والقلب.
"على جثامينهم الميتة"
فى كتابها المثير للجدل الذى كان عنوانه "على جثامينهم الميتة"، ذكرت صاحبة الكتاب وعالمة الطب الشرعى والإنسانيات الدكتورة الإسرائيلية "مائيرا فايس"، أنها خلال فترة عملها فى معهد الطب الشرعى الإسرائيلى فى الفترة من عام 1996 حتى العام 2001، رأت أن جثث الشهداء الفلسطينيين كان يتم تفريغها فى المعهد من معظم أعضائها، كما كان يتم الحصول على أجزاء من جلودها ومن الظهر خصيصًا، حتى لا تكون آثار التشريح ظاهرة على مظهر الجثمان الخارجى عند استلام أهالى الشهيد له.
وكشف الدكتور مروان الهمص، مدير مستشفى الشهيد محمد يوسف النجار فى رفح، في تصريحات تناولتها وسائل إعلام محلية، عن "سرقة جيش الاحتلال الإسرائيلى لأعضاء الشهداء الفلسطينيين الذين تسلمهم يوم 26 ديسمبر الماضي"، مضيفًا "الجيش الإسرائيلي أرسل شاحنة جثامين شهداء فلسطينيين كانوا محتجزين لديه، فكانت الروائح من الصعب احتمالها حيث كانت الجثامين عبارة عن أشلاء فى أكياس زرقاء اللون، وكل الجثث بلا أعضاء ومحشوة بالرمال".
وكشف مدير مستشفى الشهيد محمد يوسف النجار، عن وجود جثامين لشهداء فلسطينيين تم فتح بطونهم بشكل طولي، وأن المستشفى وثق حالة الجثامين من خلال تصويرها وتوثيق وضعها بعد استلامها"، مؤكدًا أن "احتجاز الجثامين وسرقة أعضاء بشرية للشهداء الفلسطينيين هي جريمة حرب"، مطالبًا بمحاسبة إسرائيل.
أكبر بنك جلد بشري
وتمتلك دولة الاحتلال الإسرائيلي أكبر بنك "جلود بشرية" في العالم، متفوقًا على بنك الجلد الأمريكي الذي أُنشئ قبله بـ40 عامًا، ورغم الفارق في عدد السكان بين أمريكا والكيان الإسرائيلي، إلا أن احتياطي الكيان من الجلد البشري يعادل 170 مترًا مربعًا، رغم أن اليهود يرفضون التبرع بالأعضاء لأسباب دينية يهودية، وهو ما يكشف أن مصدر كل هذه الجلود البشرية والأعضاء شهداء فلسطين.
ولجأت إسرائيل في السنوات الأخيرة إلى إضفاء صبغة قانونية تتيح بلورة مسوغات لاحتجاز جثث القتلى الفلسطينيين وسرقة أعضائهم، منها قرار المحكمة العليا في إسرائيل الصادر عام 2019 الذي يتيح للحاكم العسكري احتجاز الجثث ودفنها مؤقتًا فيما يُعرف بمقابر الأرقام، وقد سنّ الكنيست الإسرائيلي نهاية عام 2021 تشريعًا قانونيًا يخوّل للشرطة والجيش الاحتفاظ برفات قتلى فلسطينيين.
أكبر مركز عالمي
وفي عام 2008، نشرت شبكة CNN الأمريكية، تقريرًا كشفت فيه النقاب عن معطيات جاء فيها أن إسرائيل تعتبر أكبر مركز عالمي لتجارة الأعضاء البشرية بشكل غير قانوني، وكشفت النقاب عن تورطها في جريمة قتل فلسطينيين بهدف سرقة أعضائهم الداخلية والاستفادة منها بشكل غير شرعي، والاتجار بها ضمن شبكة دولية بشكل غير قانوني، وأن دولة الاحتلال هي الدولة الوحيدة التي تحتجز جثامين الشهداء، وتنتهجها كسياسة، في مقابر الأرقام.
وفي اعتراف صريح للمدير السابق لمعهد الطب الشرعي في الكيان الإسرائيلي "يهودا هيس"، في عام 2009، خلال فيلم وثائقي عن قضية سرقة الأعضاء، أكد سرقة أعضاء بشرية وأنسجة وجلد لفلسطينيين في فترات زمنية مختلفة، قائلًا: "لقد أخذنا القرنيات والجلد وصمامات القلب والعظام من جثث الشهداء الفلسطينيين".
القناة العاشرة الإسرائيلية
وفي تحقيق تلفزيوني عام 2014، عرضته القناة العاشرة الإسرائيلية أثار جدلًا واسعًا حول العالم، عندما كشفت مديرة بنك الجلد الإسرائيلي أن احتياطي إسرائيل من الجلد البشري وصل إلى 17 مترًا مربعًا، وهو عدد هائل نسبة لعدد سكان البلاد، وقد تضمّن التحقيق اعترافات من مسؤولين رفيعي المستوى حول أخد أعضاء من جثامين الفلسطينيين والعمال الأفارقة، واستخدامها في علاج الإسرائيليين.
وفي 23 نوفمبر 2015، أذاعت القناة الإسرائيلية الثانية تحقيقًا صحفيًا يكشف عن سرقة معهد الطب العدلي الإسرائيلي، أعضاء من جثامين الشهداء الفلسطينيين، وتضمن التحقيق شهادات أقر فيها رئيس معهد الطب العدلي الإسرائيلي السابق، يهودا هس، أنه تم أخذ أعضاء بشرية وأنسجة وجلد من جثامين الشهداء الفلسطينيين، دون علم أو موافقة ذويهم.
واعترف الاحتلال في تقرير نشرته صحيفة "هآرتس"، في 27 فبراير 2016 بأنها "فقدت" العشرات من جثامين الشهداء الفلسطينيين، حيث نقلت الصحفية تصريحاتٍ لمصادر في الجهازين القضائي والأمني الإسرائيليين حول فقدان 121 جثمانًا للشهداء المحتجزين لدى سلطات الاحتلال منذ تسعينيات القرن الماضي، وفقًا لتقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC؛ إذ أكدت هذه المصادر أنه لا توجد معلومات حول قسم كبير من جثث الشهداء، التي تحتجز دولة الاحتلال الإسرائيلي عددًا منها منذ سنوات التسعينيات.