أعلن برنامج الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"، اليوم الجمعة، أن عام 2022 شهد ارتفاعًا تاريخيًا غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية. مؤكدًا أن الأسعار المواد الغذائية ارتفعت في كل مكان في العالم، لتصل إلى مستويات تاريخية في 2022، مشيرًا إلى أن هذا الارتفاع في الأسعار يُمثل تحديًا للأمن الغذائي على الصعيد العالمي، ولكن بشكل خاص للبلدان النامية المستوردة الصافية للأغذية.
أوضح البرنامج الأممي، في تقرير أصدره اليوم، أنه خلافًا لما حدث في أزمات الغذاء السابقة، فإن الدول النامية الآن تواجه عبئًا مزدوجًا، إذ إنهم لا يدفعون فقط أسعارًا أعلى مقابل المواد الغذائية التي يستوردونها، ولكن زيادة الأسعار تتفاقم بسبب انخفاض قيمة عملتهم مقابل الدولار الأمريكي، ما يؤدي هذا إلى تآكل الحيز المالي الذي تحتاجه عدد من البلدان النامية لمواجهة التحديات المصاحبة للتعافي من جائحة كورونا وأزمة تكلفة المعيشة وحالة الطوارئ المناخية.
أعرب "الأونكتاد" عن القلق إزاء ارتفاع أسعار القمح، وما يصاحبه من تخفيضات في قيمة العملات المحلية للدول النامية، وارتفاع فواتير وارداتها، ما يُمثّل تحديًا للأمن الغذائي على مستوى العالم، لا سيما الدول المستوردة للغذاء.
ثلاثة ارتفاعات في أسعار الغذاء في القرن الحالي
أفاد التقرير بأنه خلال القرن الحالي، عانى العالم ثلاثة ارتفاعات كبيرة في أسعار المواد الغذائية، الأول في 2007-2008، والارتفاع الثاني في 2010-2012، أما الارتفاع الثالث في أسعار المواد الغذائية، فهو الذي يحدث الآن، بسبب جائحة "كوفيد -19" والأزمة الروسية-الأوكرانية.
أكد التقرير الأممي أن هناك فرقًا كبيرًا بين ارتفاع أسعار الغذاء الأول في 2007-2008 والثاني في 2010-2012 وبين الارتفاع الثالث الذي يحدث الآن، فخلال الارتفاعين الأولين لأسعار المواد الغذائي، انخفضت قيمة الدولار الأمريكي، العملة الرئيسية المستخدمة في المعاملات التجارية الدولية، وبالتالي ارتفعت قيمة العملات الأخرى، ما أدى إلى خفض تكلفة الواردات وتوفير بعض السهولة لفواتير استيراد المواد الغذائية لعدد من البلدان النامية.
إلا أن ارتفاع الأسعار الحالي مختلف، ففي محاولة لمكافحة التضخم المرتفع في الولايات المتحدة الأمريكية، رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، ما تسبب في ارتفاع الدولار الأمريكي بنحو 24% بين مايو 2021 وأكتوبر 2022، ما جعل الدولار الأمريكي والمواد الغذائية التي تشتريها البلدان النامية أكثر تكلفة.
أكد التقرير الأممي أن الأبحاث تظهر أن أسعار الصرف يمكن أن يكون لها تأثير كبير في أسعار المواد الغذائية، وضرب مثلًا بتأثيرات أسعار الصرف على القمح، وهو المحصول الأكثر زراعة في العالم.
أوضح التقرير أنه منذ عام 2020، ارتفعت أسعار القمح بشكل كبير، ورغم ذلك فإنه بدءًا من أكتوبر 2022، كان متوسط السعر أعلى بنسبة 89% من المتوسط في عام 2020. وخلال الفترة نفسها، ارتفع متوسط سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل العملات الوطنية المعنية بين 10% و46%.