الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تكريم "يسرا".. احتفاء خاص بالسينما المصرية في افتتاح "بيروت لسينما المرأة"

  • مشاركة :
post-title
الفنانة يسرا تتسلم درع تكريمها

القاهرة الإخبارية - فنون وثقافة

وسط حضور ضخم جمع صنّاع السينما اللبنانية والعربية ونخبة من مديري المهرجانات العالمية ومن المخرجين والمنتجين اللبنانيين والعرب والأجانب، إضافة إلى شخصيات سياسية ودبلوماسية ونقابية وفنية وإعلامية وثقافية، افتتحت مساء أمس الأحد، النسخة السابعة من مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة، الذي ينطلق تحت شعار "نساء من أجل القيادة"، الذي منح النجمة المصرية يسرا جائزة "تانيت" وهي عبارة عن مجسّم تانيت بيروت الذهبي (تمثال الإلهة الفينيقية) بحضور وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري ورئيس ومؤسِّس مجتمع بيروت السينمائي ومدير المهرجان سام لحود.

حرص القائمون على المهرجان الذي تمتد فعالياته حتى 19 أبريل الجاري التغلّب على منطق الحروب والعنف والصمود رغم كل الصعوبات والأوضاع والصراعات التي يعاني منها لبنان والوطن العربي، من خلال نشر لغة السلام والحب والثقافة والفن، إذ يهدف المهرجان الذي يشكّل محطة سنوية ينتظرها الكثيرون ومنبرًا لصنّاع الأفلام والنقاشات المفتوحة، إلى تمكين المرأة وتسليط الضوء على دورها القيادي والريادي كنساء رائدات في هذا المجال، يحتفى بهن سنويًا في حفل افتتاح المهرجان، لذا كان هذا العام من نصيب أيقونة السينما العربية يسرا التي أدهشت عيون محبّيها وأبدعت أداءً وإنسانية.

تضمن حفل الافتتاح عرضًا وثائقيًا عن حياة يسرا ومسيرتها المتميزة، وعرض فيديو مميزًا للملحن وعازف البيانو ميشال فاضل ووصلة غنائية رائعة قدّمتها فرقة الفيحاء، إضافة إلى أداء حيّ للمطرب المبدع بافو، وأضفت هذه العروض تنوّعًا وإثارة على الحدث، كما قدّم الشاعر والنحات رودي رحمة منحوتتين لكل من الفنانة يسرا والمنتج صادق الصبّاح، وتلا قصيدة شعرية للمكرّمة.

من الألف إلى الياء

من جانبه اعتبر وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري أن هذا الحدث يتوّج بيروت بلقب "عاصمة الإعلام والفن والثقافة والإرادة وحب الحياة" رغم كل الصعوبات والتحديات"، إذ قال: "مكرّمتنا هي اسم على مسمى، فيسرا تعني اليسر وهي في مسيرتها إيجابية جدًّا وضد العسر بين حرفي الياء في بداية اسمها والألف في ختام اسمها، تختصر كلّ الأبجدية العربيّة من ألفها إلى يائها، وتختزن أسرار الطاقة، أمّا حرف الميم الذي لا يمتّ بصلةٍ إلى اسمها، يرافقها في كلّ مفاصل حياتها متميّزة في فنّها، متألّقة في أدائها، محبوبة في محيطها، ومستثمرة محترفة في محبّة الناس لها، وملهمة للمرأة العربيّة، ورغم كلّ صفاتها الجميلة متواضعة، (والميم الأخيرة والأهم) مصريّة ولدت في رحم مصر، وكبرت في حضن الوطن العربي الذي عبرت إليه بفنّها، والعابرة للحدود عابرة للقلوب! المرأة الأيقونة القابضة على قلوبنا، بيننا اليوم، وبيننا وبينها قصة عشقٍ لا تنتهي، وهي مكرّمة الليلة لأنّها الرقم واحد".

عصر الصورة

وأضاف: "نعيش في عصر الصورة بمختلف تجلياتها، والصورة تعني السينما، والسينما تعني العالم، وبين الصورة والسينما والعالم، يعي الجيل الجديد أهميّة الانفتاح بشكلٍ حضاري ومسؤول، لقد نجحت المرأة العربيّة في السينما، ونجحت السينما العربية في تظهير قضايا المرأة، وفي تسليط الضوء على أهمية تفاعلها في مجتمعها بالطريقة التي تستحقّها وتليق بها، كذلك نجحت السينما في تقديم محتوى ينقل وجع الناس بشفافيّة، يدعم النهضة، ويدعو إلى السلام، وهنا لا بدّ من لفتة تجاه المرأة اللبنانيّة، التي تتمتّع بحضورٍ قوي كصانعة أفلام ولها بصمة واضحة، ونريد لهذا الحضور أن ينمو أكثر من خلال وضع سياسات لتشجيع وتحفيز المرأة في السينما والدراما والإعلام، وهنا تكمن أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في السينما والفنون والإعلام".

إسكات طبول الحرب

بينما أشار مؤسّس ورئيس مجتمع بيروت السينمائي ومدير المهرجان سام لحود إلى أن مجتمع بيروت السينمائي والمهرجان يعملان من أجل السلام والعدالة والحرية لجميع الشعوب المستضعفة والمحتلة والمتألمة في كل قُطر من أقطار هذا الكوكب، مندّدًا بالحروب وبمنطق العنف والشر الذي يسود حاليًا، إذ قال: "قد نُقتل معنويًا ولكن لن ننتحر، لن نقتل إرادتنا في الحياة بأيدينا، ووجودنا هنا اليوم ليس سوى دليل قاطع على أن الإنسان يحب الحياة بالفطرة وأن الفن مقاوم لكل نوع من أنواع الموت".

واعتبر أنه ليست مصادفة أن يتزامن اللقاء اليوم مع صباح اليوم التالي لذكرى 49 سنة لاندلاع الحرب اللبنانية، قائلًا: "علينا أن نتذكّر لنتعلّم، ففي 13 أبريل 1975 دخل لبنان في ظلام الحرب التي لم تنته فصولها بعد، يجب أن نكون قد تعلّمنا من تاريخنا، لقد لمسنا وما زلنا نلتمس آثار الحروب، من قتل وخطف وتهجير ودمار وجوع وفقر".

وشارك الحضور في حادثة موت والده بسبب الحرب في سن مبكّر، متحدثًا عن القرار الذي اتخذه بعدها في تكريس حياته لحماية الحياة ورفض كل أشكال الحرب والموت. وقال: "كل يوم تتكاثر التحديات لكن الإصرار أقوى منها بكثير. ممنوع علينا الفشل. وما يدفعني إلى الأمام كل يوم هي ضحكة كل شاب وفتاة، والفرحة في وجوه الكبار والصغار ووجوه طلابي في الجامعة ونظرة بناتي المليئة بالثقة والأمان عندما أدعوهم إلى عدم الخوف، وأنتم أيها الحاضرين الذين تركتم كل شيء وتحدّيتم الخوف والقلق لتسكتوا طبول الحرب التي كانت تدق بالأمس، معلنين عن إرادتكم في الحياة وعزمكم على الصمود والفرح ونشر ثقافة الحب".

مصر ولبنان

ووجّه "لحود" حديثه للفنانة يسرا قائلًا: "أنتِ وريثة حضارة كبيرة اسمها مصر. وبين مصر ولبنان قصة عشق قديمة، وبين سينما لبنان ومصر تاريخ مشترك، هناك لائحة كبيرة من الأسماء لممثلين ومخرجين ومنتجين لبنانين عمالقة ذهبوا إلى مصر وأبدعوا في أعمالهم. لبنان موجود في قلب السينما المصرية ومصر موجودة في قلب لبنان. حضورك معنا اليوم هو تأكيد على أهمية المحافظة على هذه الجسور الصلبة بين البلدين. وبقاؤك بالرغم من كل ما حصل هو رسالة صمود وقوّة موّجهة منك لكل الشباب الموجودين هنا الذين سيتعلمون منك ويحتفلون بك مكرّمة على مسرح هذا الصرح الثقافي الكبير".

لحظات لا تنسى

وبعد منحها جائزة المهرجان، تحدثت الفنانة يسرا التي خانتها دموعها لأكثر من مرّة، إذ شكرت المنظّمين على هذا التكريم المذهل والمتميز الذي تخطّى توقعاتها، حيث قالت: "لقد عشت معكم في هذا التكريم كل مراحل حياتي: ذكرياتي، أوجاعي، ضحكاتي، نجاحاتي، فشلي".

كما أعربت عن سرورها في أنها لم تفوّت عليها هذه المناسبة بسبب التوتر الواقع في المنطقة وخصوصًا في لبنان، مشيرة إلى "أنها شعرت بحب كبير لم تشعر به منذ وقت طويل"، وأشادت بمزايا اللبنانيين ومنها حب الحياة والعطاء دون مقابل وبلا حدود وكيفية التغلّب على الأزمات، كما أعربت عن المحبة الخالصة التي تكنّها للشعب اللبناني، لافتة إلى أنه قد تعلّمت منه الكثير والأهم القوة والصمود.

وقالت: "لقد اشتقت كثيرًا للبنان، وعندما وصلت إليه وجدت بيروت حزينة ولما حصل الحدث الأمني شعرت بالخوف عليكم وخفت أن أحزن أكثر معكم، وفي الوقت نفسه لم أعش هذه اللحظة من قبل، لكن عندما رأيت كيف تتعاملون مع هذه الأحداث، شعرت بالخجل من ردّة فعلي".

وفي ختام كلمتها، أشادت بالعظمة التي رأتها في هذا الحفل من كل النواحي: التنظيم، التميّز في الأداء الفني على المسرح، الكلمات الملقاة، الحب الذي رأته في عيون الحاضرين.. معتبرة أن اللبنانيين يتفوّقون دائمًا في كل المجالات، ومعربة عن كل الشكر والحب والامتنان لهذا الشعب العظيم الذي سيتخطى كل أزماته بفضل صموده وإرادته الصلبة في البقاء والاستمرار.

فعاليات المهرجان

ويعرض المهرجان 73 فيلمًا طويلًا وقصيرًا، ضمن مجموعة متنوعة من الأفلام الروائية والوثائقية والرسوم المتحركة والتجريبية، إضافة إلى أفلام الرقص، من 35 دولة مختلفة، ويتضمن أيضًا ندوات وحلقات حوارية. ويختتم المهرجان في 19 أبريل في حفل توزيع الجوائز. هذا وسيختار الجوائز أعضاء لجان التحكيم، التي تترأسها الممثلة الكبيرة كارمن لبّس، وتضم 18 عضوًا من كبار صنّاع السينما والممثلين والفنّانين، يتوزعون على لجان خاصة بكل فئة من الأفلام المعروضة.