الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

التوترات المتصاعدة.. هل تتحول "الصين" لصانع سلام جديد في الشرق الأوسط؟

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الصيني ونظيره الإيراني

القاهرة الإخبارية - مازن إسلام

في الوقت الذي تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط توترات غير مسبوقة، لمع اسم "الصين" من جديد، كشريك أساسي من شأنه التوسط لإنهاء الحرب، لما تتمتع به من علاقات وطيدة وقوية مع إيران وإسرائيل.

وقد ارتفعت حدة النزاعات بين طهران وتل أبيب في الأيام الأخيرة، بعدما استهدفت إسرائيل قنصليتها في دمشق في الأول من أبريل الجاري ، ما أعقبه، في 13 من الشهر نفسه، هجوم إيراني غير مسبوق ومباشر بالطائرات المسيّرة وصواريخ كروز نحو تل أبيب.

إحلال السلام

في هذا الصدد، ذكرت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا"، أن بكين أعربت عن "قلقها العميق" إزاء تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، بعد أن أطلقت إيران مئات الطائرات دون طيار وصواريخ كروز في هجوم غير مسبوق على إسرائيل، ما أثار احتمالية نشوب حرب أوسع نطاقًا في منطقة تعهدت فيها الحكومة الصيني بلعب دور أكبر كصانع للسلام.

وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان لها، أمس الأحد، إن بكين تدعو الأطراف المعنية إلى ممارسة الهدوء وضبط النفس لمنع المزيد من التصعيد، ووصفت التوترات الأخيرة بأنها "امتداد للصراع في غزة"، مشيرة إلى ضرورة إنهائه في أقرب وقت ممكن.

وناشدت الخارجية الصينية، الدول المعنية، خاصة الدول ذات النفوذ، إلى لعب دور بنّاء من أجل السلام والاستقرار في المنطقة.

الاستعانة بالصين

لطالما سعت حكومة الرئيس الأمريكي جو بايدن، في الحصول على دعم مباشر من الصين للضغط على إيران لعرقلة نشوب حرب إقليمية شاملة في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الماضي، التي شنتها الفصائل الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.

لذلك وفي أعقاب ضربة دمشق، التي قالت إيران إنها أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص، من بينهم اثنان من كبار القادة العسكريين الإيرانيين، تحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين مع كبير الدبلوماسيين الصينيين وانج يي "لتوضيح أن التصعيد ليس أمرًا مقبولًا، ولن يصب في مصلحة الجميع، ويجب على الدول أن تحث إيران على عدم التصعيد"، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تطلب فيها الولايات المتحدة من الصين التأثير على إيران منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية في أكتوبر الماضي.

وفي أعقاب هجمات جماعة "الحوثي"على السفن التجارية في البحر الأحمر في أواخر العام الماضي، حاول المسؤولون الأمريكيون حث بكين أيضًا على الضغط على طهران، لكبح جماح الهجمات.

وذكرت "سي إن إن"، ان تصاعد التوترات الأخير أثار مرة أخرى تساؤلات حول مدى النفوذ الذي تمارسه الصين على إيران - وما إذا كانت بكين مستعدة لتحويل رأسمالها السياسي إلى نفوذ.

نفوذ الصين في الشرق الأوسط

لقد وسعت الصين بشكل كبير بصمتها الاقتصادية والسياسية في الشرق الأوسط، وفي السنوات الأخيرة، تعهد الرئيس الصيني شي جين بينج بـ"المساهمة في تعزيز السلام والهدوء في الشرق الأوسط" كجزء من مبادرته للأمن العالمي لتقديم بديل للنظام الأمني ​​الذي يقوده الغرب.

وفي العام الماضي، توسطت بكين في تقارب تاريخي بين المملكة العربية السعودية وإيران، في حدث جذب أنظار العالم أجمع.

وفي هذا الصدد، قال ويليام فيجيروا، الأستاذ المساعد في جامعة جرونينجن في هولندا: "نظريًا، الصين تحظى بقدر كبير من النفوذ على إيران".

وبحسب التقديرات الأخيرة، كانت الصين أكبر شريك تجاري لإيران على مدى العقد الماضي، إذ اشترت 90% من صادرات النفط الإيرانية، ما يوفر شريان حياة لطهران في مواجهة العقوبات الأمريكية. كما تزود الشركات الصينية إيران بمعدات الأمن والمراقبة.

لكن على عكس المتوقع، ألمح "فيجيروا" إلى أن العلاقات بين بكين وطهران متوترة بالفعل بسبب "نقص الاستثمار المزمن للصين في إيران" على الرغم من الوعود المتكررة والمحاولات السابقة للتأثير على السياسة الإيرانية بشأن هجمات الحوثيين.

وقال أيضًا: "رغم أن الصين تشعر بقلق حقيقي إزاء الخطر الذي يفرضه صراع أوسع نطاقًا على استثماراتها وتجارتها في المنطقة ــ وخاصة صفقات الطاقة، فإنها تعتقد أن السبب الجذري يكمن في الصراع بغزة".

ويرى ويليام فيجيروا، أن من وجهة نظر بكين، الحل الحقيقي ليس في كبحها لإيران، بل في كبح الولايات المتحدة لإسرائيل وإيصال الصراع إلى تسوية تفاوضية تتضمن حل الدولتين.

إيران.. ضحية

وفي سياق متصل، امتنعت الصين عن إدانة الهجوم الذي شنته إيران، السبت الماضي، نحو إسرائيل، على عكس أمريكا والغرب. بل أعربت عن إدانتها القوية للهجوم الذي وقع على مجمعها الدبلوماسي في سوريا.

وذكرت "شينخوا" نقلًا عن المتحدث الرسمي باسم الخارجية الصينية، وانج وينبين قوله: "يجب عدم انتهاك أمن المؤسسات الدبلوماسية، ويجب احترام سيادة واستقلال سوريا".

وأعرب وانج عن معارضته لأي عمل من شأنه تصعيد التوترات في الشرق الأوسط. ونقلت بكين تلك الرسالة إلى واشنطن الأسبوع الماضي، عندما أكد "وانج" في اتصاله الهاتفي مع بلينكن أن "بكين تدين بشدة الهجوم على السفارة الإيرانية في سوريا"، حسبما ذكرت الخارجية الصينية.

وفي هذا الصدد، قال يون صن، مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون للأبحاث ومقره واشنطن، إن بكين مترددة في إدانة إيران، لأنها ترى طهران ضحية، مؤكدًا أن الصينيين متعاطفون بشكل خاص مع إيران بالنظر إلى تجربتهم الخاصة مع القصف الأمريكي للسفارة الصينية في بلجراد - وهي غارة جوية شنها حلف شمال الأطلسي على يوجوسلافيا السابقة في عام 1999، هاجم الطيارون السفارة الصينية في بلجراد ما أسفر عن مقتل ثلاثة صحفيين صينيين.