في خضم الصراع المُستمر في أوكرانيا على مدى أكثر من عامين، تواجه القيادة السياسية والعسكرية في كييف تحديات جسيمة لاستدامة قواتها المقاتلة، وتعزيز صفوفها، إذ كشفت تقارير صحفية غربية عن خطط لحملة تعبئة واسعة النطاق؛ مما يثير مخاوف من تأثيرها على معنويات السكان ومدى قبولها شعبيًا.
في هذا السياق الحرج، تبرز أسئلة محورية حول مدى الاستعدادات اللازمة لمواجهة التحديات العسكرية الراهنة، والتوازن الصعب بين الحاجة إلى القوة البشرية وحفظ الاستقرار الداخلي.
أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية بأنه من غير المرجح أن يعترف القادة الأوكرانيون علنًا بحجم حملة التعبئة الجديدة، خشية أن ترسل موجات صادمة في جميع أنحاء البلاد وتضعف معنويات السكان.
أقر البرلمان الأوكراني مشروع قانون التعبئة الذي طال انتظاره هذا الأسبوع، والذي ينتظر توقيع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، وهو يبسط إلى حد كبير إجراءات التجنيد ويجبر جميع الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عامًا، بما في ذلك المقيمين في الخارج، على التسجيل لدى السلطات العسكرية.
وفي خطوة اتخذت في اللحظة الأخيرة، تم تجريد مشروع القانون من بند ينص على تسريح الرجال الذين خدموا لمدة ثلاث سنوات، مما يعني أن العديد من القوات سوف تضطر إلى البقاء في الجيش حتى انتهاء الصراع، فيما تشير تقرير غربية إلى أن ألكسندر سيرسكي، القائد الأعلى للجيش الأوكراني، مارس ضغوطًا من أجل التغيير.
وأشار مسؤولون في كييف إلى أنهم بحاجة إلى نحو 500 ألف جندي لتعزيز خط المواجهة، رغم أنهم قالوا في وقت لاحق إن هذا العدد قد انخفض.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن سيرسكي وزيلينسكي لم يكشفا عن الرقم المطلوب وسط ما وصفته بالتعبئة "غير الشعبية".
وقالت الصحيفة: "إن الإعلان عن إمكانية تجنيد مئات الآلاف من الرجال يخاطر بإثارة الذعر".
ويتعرض زيلينسكي لضغوط شعبية لتسريح العديد من الجنود الذين أنهكتهم أشهر من القتال ضد روسيا.
ومع ذلك، أشارت الصحيفة إلى أنه "من غير الواضح كيف يمكن لأوكرانيا أن تتحمل تكاليف تسريح عدد كبير من الأشخاص في وقت واحد، بالنظر إلى أن صفوفها قد استنفدت بشدة".
وقال الرئيس الأوكراني إنه بينما قد يناقش المشرعون نقل القوات إلى الاحتياط، "لا يوجد تسريح أثناء الحرب في التشريع العادي"، موضحا أنه لا يمكن تناوب أفراد الخدمة أو منحهم إجازات الغياب.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، وبعد عدة أسابيع من المداولات، وقع زيلينسكي على قانون يخفض سن التجنيد للرجال من 27 إلى 25 عامًا.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته وكالة أبحاث "إنفو سابينس" في أوائل أبريل أن 20% فقط من الرجال الأوكرانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و59 عامًا، والذين ليسوا أعضاء في الجيش، يفكرون في الانضمام إلى الجيش، في حين أن 63% لا يفكرون في مثل هذه الخطوة.
وتأتي مساعي أوكرانيا لتعويض خسائر ساحة المعركة في الوقت الذي قدّر فيه وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، خسائر كييف بأكثر من 80 ألف جندي منذ بداية عام 2024، إذ في أواخر فبراير، قال إن القوات المتعارضة تكبدت أكثر من 444 ألف جندي منذ بدء الصراع في فبراير 2022.