الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"نفضل الموت على الخدمة العسكرية".. تجنيد "الحريديم" يشق إسرائيل

  • مشاركة :
post-title
عدد من "الحريديم" المحتجين أمام مكتب التجنيد في القدس المحتلة

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

في الوقت الذي تشن فيه دولة الاحتلال الإسرائيلي عدوانها الطويل على قطاع غزة، أدت الإعفاءات الواسعة من الخدمة العسكرية الإلزامية لليهود المتشددين، إلى هز الائتلاف الحكومي.

فبينما يعارض رفاق حكومة الحرب، بشدة، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في مقترح قانون التجنيد الإجباري الجديد. يتعين على الحكومة الإسرائيلية بحلول نهاية الشهر، تقديم تشريع يهدف إلى زيادة التجنيد بين الطائفة الأرثوذكسية المتطرفة "الحريديم".

وبينما نجت حكومة نتنياهو، حتى الآن، من الغضب الشعبي الذي أثارته عملية "طوفان الأقصى"، وما تبعها من اجتياح للأراضي الفلسطينية المحتلة. لكن خسارة دعم الأحزاب الحريدية من شأنها أن تؤدي إلى إسقاط ائتلافه المتشدد، ودخول الاحتلال في انتخابات جديدة، حيث يتأخر نتنياهو وحزبه "الليكود" بشكل سيئ في استطلاعات الرأي.

ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن جلعاد مالاخ، الخبير في شؤون الحريديم في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وهو مركز أبحاث في القدس، قوله إن هذا "أحد أكثر التهديدات الملموسة للحكومة".

أزمة الحريديم

منذ بداية العدوان على غزة، استدعت الحكومة الإسرائيلية ما مجموعه 287 ألف جندي احتياطي، وأعلنت عن مواعيد تجنيد مبكرة لنحو 1300 عضو في برامج ما قبل الجيش، وضغطت بشكل كبير على زيادة فترات خدمة المجندين وجنود الاحتياط.

وفي المعتاد، يُطلب من معظم الرجال اليهود الإسرائيليين الخدمة العسكرية لمدة ثلاث سنوات تقريبًا، تليها سنوات أخرى من الخدمة الاحتياطية؛ أمّا العديد من النساء اليهوديات، فيخدمن لمدة عامين.

وقد أدت زيادة الخدمة الاحتياطية، والحديث عن إطالة الخدمة الإلزامية، إلى تعميق الغضب الشعبي، في وقت يحصل فيه "الحريديم"، الأقوياء سياسيًا، والذين يشكلون ما يقرب من 13% من المجتمع الإسرائيلي، تقليديًا على إعفاءات، إذا كانوا يدرسون بدوام كامل في مدرسة دينية.

وقد أثارت الإعفاءات، والرواتب الحكومية التي يتلقاها العديد من طلاب المدارس الدينية حتى سن 26 عامًا، غضب الجمهور العام على نطاق أوسع.

ومؤخرا، قضت المحكمة العليا الإسرائيلية بأن النظام الحالي تمييزي، ومنحت حكومة نتنياهو مهلة حتى الأول من أبريل، أي بعد أيام، لتقديم مشروع قانون جديد للتجنيد، وأمهلت المحكمة حتى 30 يونيو المقبل لتمريره.

مع هذا، يقول وزير الدفاع يوآف جالانت والوزير بيني جانتس، اللذان يشكلان مع نتنياهو حكومة الحرب، إن القانون الذي اقترحه رئيس الوزراء "لا يذهب إلى حد كافٍ نحو زيادة عدد الشباب الحريديم الذين سينضمون إلى الجيش".

ويقول المنتقدون إن بعض الجوانب المقترحة، مثل رفع سن الإعفاء الدائم، التي يبدو أنها انخفضت الآن، يمكن أن تؤدي إلى خفض الأعداد.

وأشار جانتس، أكبر منافس سياسي لنتنياهو، إلى أن الخطوط العريضة التي وضعها رئيس الوزراء لمشروع قانون الحريديم هي "خط أحمر" و"تهديد للتماسك الوطني"؛ وهدد بالخروج من الائتلاف إذا تمت الموافقة على التشريع.

بينما قال جالانت إنه لن يدعم قانونًا جديدًا إلا بدعم من جانتس وأعضاء أكثر وسطية في حكومة الطوارئ.

وتتكون الحكومة من الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة، والدينية المتطرفة، التي انضم إليها في الأيام الأولى للعدوان حزب "الوحدة الوطنية" الوسطي بزعامة جانتس، كإظهار للتماسك في أعقاب 7 أكتوبر.

الأسرع نموًا

مع ارتفاع معدل الولادات، يعد المجتمع الحريدي هو الشريحة الأسرع نموًا بين السكان في دولة الاحتلال، بحوالي 4٪ سنويًا.

وفي كل عام، يصل ما يقرب من 13 ألف من الذكور الحريديين إلى سن التجنيد (18 عامًا)، لكن أقل من 10% منهم يجندون، وفقًا للجنة مراقبة الدولة في الكنيست، التي عقدت مؤخرًا جلسة استماع حول هذه المسألة.

ووفق "تايمز أوف إسرائيل"، بدا في البداية أن صدمة 7 أكتوبر أشعلت بعض الحماس بين الحريديم للخدمة، لكن لم يتم تجنيد عدد كبير منهم.

ولطالما أدى هذا الجدل إلى انقسام إسرائيل، ووجدت سلسلة من قرارات المحاكم مرارًا وتكرارًا أن النظام غير عادل.

لكن المشرعين، تحت ضغط من الأحزاب الحريدية، ماطلوا مرارًا وتكرارًا. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان نتنياهو سيتمكن من القيام بذلك مرة أخرى.

وبينما قال يتسحاق يوسف، وهو أحد أكبر الحاخامات في البلاد، إن الحريديم "سوف ينتقلون جميعًا إلى الخارج إذا أُجبروا على التجنيد"، سخر العلمانيون باعتبار أنهم لن يكون لديهم مشكلة مع مغادرة الحريديم بشكل جماعي، كما قال ملاخ من معهد الديمقراطية الإسرائيلي.

وتفاقم الخلاف حول الإعفاءات في العام الماضي عندما مضت حكومة نتنياهو قدمًا في إصلاح النظام القانوني بدعم من المشرعين الحريديم، الذين سعوا إلى تجاوز قرارات المحكمة بشأن التجنيد الإجباري. وجمدت الحكومة عملية الإصلاح بعد بدء العدوان على غزة.

وقد حاول الجيش استيعاب الحريديم من خلال إنشاء وحدات منفصلة تسمح لهم بالحفاظ على ممارساتهم الدينية، بما في ذلك تقليل التفاعل مع النساء.