الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

خطة "نظف المكان".. ماكرون يحشد جيشا لتطهير مرسيليا من المخدرات

  • مشاركة :
post-title
ماكرون يحشد جيشا لتطهير مرسيليا من المخدرات

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

في خطوة غير مسبوقة لمحاربة آفة المخدرات المتفشية، أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، زيارة مفاجئة إلى مدينة مرسيليا، وبصوت حازم، أعلن الحرب على أكبر مراكز تجارة المخدرات في فرنسا، قائلاً: "لن نتنازل أمام هذا الوباء الرهيب، وسنجعل حياة المتعاطين والمتاجرين جحيمًا".

الهجوم المفاجئ وحصيلته الأولية

أفادت صحيفة "لوموند" الفرنسية بأن قوات الأمن الفرنسية شنت فجر اليوم الثلاثاء، هجومًا مفاجئًا على أحياء مرسيليا الشعبية، التي تعتبر معاقل لعصابات تجارة المخدرات المتنافسة مثل "دي زد مافيا" و"يودا"، وأسفرت العملية الأولى المُسماة "نظف المكان XXL" عن اعتقال 82 شخصًا على الأقل، واحتجاز 60 آخرين، فضلًا عن مصادرة نحو 140 ألف يورو، وفقًا لتصريحات الرئيس الفرنسي.

التعزيزات الأمنية الضخمة

وخلال زيارته للمدينة الفرنسية، صرّح ماكرون بأن 4000 عنصر من الشرطة وقوات الأمن السرية سيتم نشرهم في مرسيليا وضواحيها على مدى 3 أسابيع، في محاولة لـ"تطهير المدينة وتدمير شبكات التجار والقضاء على الجماعات القليلة التي تجعل حياة السكان جحيمًا"، على حد تعبيره.  

سنوات من صراع العصابات الدامي

أفادت الصحيفة الفرنسية بأن هذه الخطوة الأمنية الحاسمة تأتي على خلفية سنوات من الصراع الدموي بين عصابات المخدرات الكبرى في مرسيليا، وخصوصًا عصابتي "دي زد مافيا" و"يودا"، اللتين تتقاتلان للسيطرة على تجارة المخدرات في المدينة، وأودى هذا الصراع بحياة 49 شخصًا خلال العام الحالي 2023 فقط، بينهم ضحايا عرضيون أبرياء. 

تحذير خطير من النيابة

في بداية مارس الجاري، حذّرت إيزابيل فور، المسؤولة عن قسم مكافحة الجريمة المنظمة في نيابة مرسيليا، من خطورة الوضع، قائلة: "نحن نخسر الحرب ضد تجار المخدرات في مرسيليا"، وهو ما دفع الحكومة الفرنسية لشن هجومها الكاسح الحالي.

إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي

ردود فعل ساخنة وانتقادات لاذعة

واجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رفقة جيرالد دارمانان، وزير الداخلية، وإريك ديبون-موريتي، وزير العدل، وسابرينا أغرستي -روباشي، وزيرة الدولة المكلفة بالمدن، انتقادات لاذعة من سكان مرسيليا حول قضايا ساخنة أخرى خلال تجمع جماهيري.

فتمحورت الانتقادات حول الحرب في أوكرانيا والوضع بغزة، إلى جانب مشكلات البطالة والبحث عن فرص عمل، في الوقت الذي كان فيه العديد من طلاب المدارس والثانوي ينتهزون الفرصة للحصول على توقيع الرئيس على دفاتر مراسلاتهم.

لم تخل زيارة ماكرون لمرسيليا من ردود فعل ساخنة وانتقادات لاذعة من السكان، فقد طالبه أحد المواطنين العرب بالتدخل لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، متهمًا إياه بأنه "يسكب الماء في الرمل" من خلال المساعدات الإنسانية الفرنسية في غزة.

كما طالبته إحدى الأمهات باكية بـ"فعل شيء لإنقاذ الفلسطينيين وعدم ترك أطفالهم يموتون".

بينما انتقد شاب آخر استخدام ماكرون للقوة المفرطة، طالبًا منه "كبح جماح صغار قوات الشرطة"، في إشارة إلى استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين.

ماكرون لن يتنازل أمام المتاجرين

ردًا على تلك الانتقادات، أكد ماكرون أن أولوية حكومته هي "القضاء على آفة المخدرات المدمرة" في مرسيليا، قائلًا: "لن نتنازل أمام هؤلاء المتاجرين، سنجعل حياتهم جحيمًا، سنرافقهم بالمسؤولية، وفي بعض الحالات العقوبات".

4000 عنصر من الشرطة وقوات الأمن السرية سيتم نشرهم في مرسيليا

خلفية العملية الأمنية الواسعة

تأتي العملية الأمنية الواسعة النطاق "نظف المكان XXL" بعد سلسلة من الضربات الأمنية، التي استهدفت كبار تجار المخدرات في مرسيليا، خلال الأسابيع الماضية، وفي الأسبوع الماضي فقط، تم اعتقال 13 عنصرًا من عصابة "دي زد مافيا" في مرسيليا ومنطقة الألب العليا، في إطار تحقيق بتهمة محاولة القتل في إسبانيا، إذ وجهت لـ10 منهم تهم رسمية، السبت الماضي.

كما جاءت هذه الاعتقالات بعد أيام قليلة من توقيف فليكس بنجي البالغ من العمر 33 عامًا والملقب بـ"القط"، الزعيم المفترض لعصابة "يودا" المنافسة لـ"دي زد مافيا"، في المغرب.

تفاقم مشكلة المخدرات والعنف

على مدى السنوات الماضية، تفاقمت مشكلة تجارة المخدرات وما يرتبط بها من عنف وجرائم في مرسيليا بشكل كبير، إذ في العام الماضي 2022، سجلت المدينة أعلى معدل للجرائم المرتبطة بالمخدرات منذ عقد على الأقل، بحسب إحصاءات وزارة الداخلية الفرنسية.

كما ازدادت حالات الاغتيالات والاشتباكات المسلحة بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، مع اشتداد الصراع بين العصابات المتنافسة على السيطرة على طرق التهريب وأسواق البيع.

وأوضحت "لوموند" أنه في ضوء هذا التصعيد الخطير، تعالت أصوات كثيرة من قبل المسؤولين والخبراء والسكان المحليين تطالب بمواجهة أمنية حازمة لمكافحة هذه الآفة، وانتقدت تلك الأصوات ما اعتبرته تساهلًا حكوميًا وردًا أمنيًا ضعيفًا في السنوات السابقة.

لذلك، بات من المتوقع أن تستمر العملية الأمنية الحالية "نظف المكان XXL" لفترة من الوقت، مصحوبة بمزيد من الإجراءات القانونية والتشريعية لردع المتورطين ومحاربة الاتجار بالمخدرات بشكل أكثر فعالية.