حسم الفنان المصري كريم عبدالعزيز صراعه الداخلي مع نفسه مُبكرًا، إذ انتصر لمتعة التمثيل رغم أنه درس الإخراج في معهد السينما، وكان البعض يتوقع أن يسلك نفس طريق والده المخرج محمد عبدالعزيز، لكن الصدفة التي جعلته يقف ممثلًا أمام الكاميرا في أثناء دراسته بمعهد السينما، جعلته يعشق ذلك العالم ويقرر الاستمرار فيه مُستدعيًا ذكريات الطفولة عندما وقف أمام عادل إمام وسعاد حسني في فيلم "المشبوه" الصادر عام 1981، ليكون الوحيد من جيله الذي شارك النجمين الكبيرين بطولة عمل فني رغم صغر دوره.
رغبة كريم عبدالعزيز في دخول مجال السينما بشكل عام قوبلت باعتراض من والده، الذي كان يريد لابنه أن يبتعد عن متاعب هذه الصناعة، لكن نجم مسلسل "الحشاشين" أصر على موقفه خصوصًا مع تزايد رغبته في تجسيد شخصيات متنوعة على الشاشة، ليشارك في عدة مشروعات تخرج سينمائية لرفاق جيله، قبل أن يفاجئ بالمخرج شريف عرفة يعرض عليه المشاركة في بطولة فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" بطولة النجم الراحل أحمد زكي، الصادر عام 1997.
جمهور السينما في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، كان متعطشًا لظهور وجوه جديدة، الأمر الذي شعر به صناع السينما، ففي نفس عام صدور فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" كان نجم محمد هنيدي وأحمد السقا يثبت أقدامه بالسينما من خلال فيلم "صعيدي في الجامعة الأمريكية".
كريم عبدالعزيز الذي كان وجهًا جديدًا بالسينما، عرف طريقه في نفس العام إلى جمهور الدراما التلفزيونية، من خلال مسلسل "امرأة من زمن الحب" الذي شهد أيضًا ظهور الوجه الجديد وقتئذ ياسمين عبدالعزيز، التي جسدت في العمل دور شقيقته، وتوقع لهما الكثير مستقبلًا باهرًا وأصبحا بلغة عصرنا هذا "تريند" رمضان 1998.
لم يخيب الوجه الجديد ظن النقاد والجمهور، واستمر في البطولات السينمائية عبر العديد من الأعمال الكوميدية، التي كانت لغة سائدة للتواصل مع قاطعي تذاكر السينما، منها "حرامية في كي جي تو" و"عبود على الحدود"، لكن كان يتمرد أحيانًا عليها عبر عدد من الأعمال، منها "جنون الحياة" بطولة إلهام شاهين، قبل أن يتخذ قرارًا مصيريًا بتقديم أعمال درامية جادة عبر 3 أفلام متواصلة وضعته في مكانة مختلفة عن باقي نجوم جيله، هي "خارج على القانون"، "واحد من الناس"، و"أبو علي"، وجميعها مع صديقه المخرج أحمد نادر جلال.
تيقن كريم عبدالعزيز من أن الجمهور يحبه في مثل هذه النوعية من الأدوار، كما يحبه في الكوميدي أيضًا، ليوازن في مشواره الفني بين الاثنين، ويتحمس أكثر لتجسيد أدوار صعبة، منها د. يحيى راشد إبراهيم في الفيلم الشهير "الفيل الأزرق" بجزئيه، وأحمد عبدالحي في "كيرة والجن" وزكريا يونس في "الاختيار" الجزء الثاني والثالث، وحاليًا بحسن الصباح في مسلسل "الحشاشين" المنافس في دراما رمضان 2024.
تفاصيل شخصية مؤسس طائفة الحشاشين التي رسمها الكاتب عبدالرحيم كمال كانت تحديًا خاصًا جديدًا أمام كريم عبدالعزيز، لأن حسن الصباح مؤسس واحدة من أكثر الطوائف دموية في التاريخ، التي ارتكبت جرائم عدة ونفذت اغتيالات لشخصيات بارزة وأثارت الرعب في نفوس الأشخاص بالقرن الـ11 الميلادي، لذا هي تختلف عن الشخصيات الإيجابية التي سبق وجسدها الممثل الذي يحتفظ في رصيده بأنه أحد أكثر النجوم تحقيقًا للإيرادات في السينما المصرية.
وأن شخصية حسن الصباح لها تفاصيل شديدة الخصوصية، وكثرت الدراسات والكتب المنشورة عنه، إذ امتلك قدرة خاصة للتأثير على اتباعه، وأسلوبًا في الإقناع، ودارت حوله الكثير من القصص والروايات المختلفة، لذا فالإمساك بكل تفاصيل هذه الشخصية وطريقة أدائها أمر ليس من السهل إدراكه، لكن نجح كريم عبدالعزيز في أن يقدمها بأداء متزن وهدوء شديد ودون افتعال، كما ظهر في الحلقات الأولى من المسلسل الأضخم إنتاجيًا في رمضان الحالي، الذي لفت الأنظار بشدة مع مشاهده الأولى.
نجاح كريم عبدالعزيز اللافت في تجسيد شخصية حسن الصباح، يؤكد أنه أحد أبرز نجوم جيله الذي نجح في تحقيق التوازن بين وجوده في قائمة نجوم شباك التذاكر وأيضا الممثلين الذين يتمتعون بثقة النقاد، وإشادة الجمهور واحترامه، ليثبت أن اختياره الوقوف أمام الكاميرا منذ أن كان طالبًا في المعهد، كان بداية اختياراته الفنية الصائبة.