في خضم العدوان الدموي الذي تشنه إسرائيل على غزة منذ أكتوبر الماضي، تتصاعد التوترات بين واشنطن وتل أبيب، حول تهديدات حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو بشن عملية عسكرية واسعة النطاق على مدينة رفح الفلسطينية جنوب القطاع.
وفي حصيلة غير نهائية، ارتفع عدد الشهداء منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من شهر أكتوبر الماضي إلى 31112 شهيدًا و72760 مصابًا.
خطوط حمراء
وضع الرئيس بايدن خطوطًا حمراءً لحكومة الاحتلال الإسرائيلية بشأن الحرب في غزة في الأيام الأخيرة، مما قد يضعه في مسار تصادمي مع نتنياهو إذا هاجم جيش الاحتلال رفح في جنوب غزة في الأسابيع القليلة المقبلة، حسبما صرح ثلاثة مسؤولين أمريكيين لموقع "أكسيوس".
ويقول المسؤولون الأمريكيون إن عملية عسكرية إسرائيلية في رفح جنوب غزة من المرجح أن تؤدي إلى تحول كبير في سياسة الولايات المتحدة -بما في ذلك إنهاء الدفاع عن إسرائيل في الأمم المتحدة والقيود المفروضة على استخدام الأسلحة الأمريكية من قبل قوات جيش الاحتلال في غزة.
وفي مقابلة يوم السبت، سُئل بايدن عما إذا كانت العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح خطًا أحمر بالنسبة للإدارة. أجاب بايدن: "نعم، إنه كذلك".
كما قال المسؤولون لموقع "أكسيوس"، إن إدارة بايدن خلصت بعد نقاشات إلى عدم إمكانية السماح بحدوث عملية إسرائيلية بمدينة رفح جنوب قطاع غزة.
فرض قيود على الأسلحة
ولم يتم اتخاذ أي قرارات بشأن كيفية رد الولايات المتحدة على العملية الإسرائيلية في رفح الفلسطينية، لكن اثنين من المسؤولين الأمريكيين قالا إن أحد الخيارات التي تمت مناقشتها داخليًا بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاجون هو فرض قيود على استخدام الأسلحة الأمريكية في غزة.
وقال مسؤول أمريكي ثالث إنه من المحتمل أن تؤدي العملية الإسرائيلية في رفح إلى سماح الولايات المتحدة بإصدار قرار لمجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار. واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد القرارات التي قدمت إلى مجلس الأمن ثلاث مرات منذ بداية الحرب.
وقال مسؤول أمريكي كبير: "إذا قرر نتنياهو تحدي بايدن والقيام بمثل هذه العملية، فستكون هذه بمثابة مواجهة".
يعكس انفتاح بايدن على هذه الخطوة الاستثنائية التوترات الشديدة المشهودة في علاقته مع نتنياهو، الذي رفض جهود الإدارة الأمريكية الرامية إلى كبح جماح سلوكه في الحرب الضارية التي يشنها ضد حركة "حماس" في القطاع المحاصر.
على الرغم من أن بايدن لم يتخذ قرارًا نهائيًا بتقييد أية عمليات إرسال أسلحة مستقبلية إلى إسرائيل حتى الآن، إلا أن المسؤولين الأمريكيين، أكدوا أنه قد يلجأ إلى هذه الخطوة الجذرية إذا شنت القوات الإسرائيلية عملية عسكرية جديدة تُعرض حياة المدنيين الفلسطينيين للخطر.
ويشير أحد هؤلاء المسؤولين، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته للتحدث بحرية، إلى أن "فرض قيود على المساعدات العسكرية خاصة الصواريخ الأمريكية هو شيء فكر فيه بايدن بكل تأكيد"، مضيفًا أن مستقبل المساعدات العسكرية الإضافية يصير أقل وضوحًا، بسبب استمرار توتر العلاقات بين بايدن ونتنياهو.
لا خطط لاجتياح رفح
في المقابل، نفى مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى للصحيفة الأمريكية، وجود أي عملية عسكرية وشيكة لاجتياح رفح الفلسطينية، مشيرًا إلى أنه لا تزال هناك حاجة لإجلاء المدنيين واستعداد القوات قبل المضي قدمًا نحو هذه المدينة الواقعة على حدود قطاع غزة، فمثل هذه العملية لا يمكن أن تبدأ اليوم، حتى لو أعطى نتنياهو الأمر بذلك.
وفي تأكيد على هذه النقطة، أشار مسؤول أمريكي لصحيفة بوليتيكو، إلى أن إسرائيل لم تشارك بعد مع إدارة بايدن أية خطة "موثوقة وقابلة للتنفيذ" لحماية المدنيين في رفح الفلسطينية في حال تم شن عملية عسكرية هناك.
وأشار المسؤول إلى أن الولايات المتحدة تريد الاطلاع على هذه الخطة والموافقة عليها قبل إعطاء موافقة ضمنية لإسرائيل على المضي قدمًا في غزوها المحتمل للمدينة.
مزاعم نتنياهو
ولم يصدر المجلس الوزاري الحربي الإسرائيلي أمرًا لجيش الاحتلال بالبدء في إجلاء المدنيين الفلسطينيين من رفح. إذا تم إصدار الأمر، فسيستغرق تنفيذه من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع أخرى.
وادعى نتنياهو، خلال مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، أمس الاثنين أن "ربع جيش حماس موجود في رفح، وبالتالي تحتاج إسرائيل إلى دخول المدينة وتدمير كتائب حماس هناك".
وقال نتنياهو إن عدم الدخول إلى رفح سيكون بمثابة عدم دخول قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية إلى برلين، آخر معقل للنازيين في ألمانيا، وترك ربع الجيش النازي في مكانه، على حد زعمه.