بعيدًا عن أزمات الطاقة والغذاء والغلاء التي اجتاحت العالم بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، التي لا يعلم أحد على كوكب الأرض متى تضع أوزارها، تعيش دول العالم قلقًا حول أمنها من تهريب الأسلحة من أرض المعركة إلى العصابات المسلحة في إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط.
تدفق أسلحة وتسهيل عبورها ثم استخدامها، مشهد يتكرر يوميا داخل القارة السمراء منذ بدء العمليات العسكرية الروسية لتتحول إفريقيا إلى سوق كبيرة لتجارة السلاح التي أصبح انتشارها بيد الجماعات الإرهابية تهديدا للأمن القومي لدول القارة.
تتمثل الأزمة في أنه لا يوجد آلية لتتبع هذه الأسلحة، فأوكرانيا مع في بداية الحرب وزعت الأسلحة ليس على الجيش فقط وإنما على المدنيين أيضًا دون سجلات أو توثيق في إطار حالة الاستنفار التي كانت تعيشها كييف لصدّ الهجمات الروسية وفق ما ذكرته نورهان الشيخ أستاذ العلوم السياسية في مداخلتها على شاشة "القاهرة الإخبارية".
رصدت المراكز الأمنية خريطة وصول السلاح إلى القارة حيث تصل من أوكرانيا إلى المناطق الحدودية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو وحوض بحيرة تشاد، وهو ما دفع مجلس الأمن في ديسمبر 2022 للمطالبة بتدابير فعالة لمنع تهريب الأسلحة والذخائر من أوكرانيا.
أصبحت السيطرة على هذه الأسلحة تحديًا صعبًا جدا فالأسلحة المتدفقة إلى أوكرانيا تأتي إلى جنوب بولندا ثم يعاد شحنها إلى كييف وهنا يمكن الثقب الأسود حيث تتسرب الأسلحة من هذه النقطة.
نقل الأسلحة يتم عن طريق ممرات بحرية لأنها ليست أكثر صرامة مقارنة بالممرات البرية، كما تلجأ بعض العصابات استلام أو تسليم الأسلحة إلى "دارك ويب" الذي أضحى ساحة لكل أشكال الجريمة.
ورغم أن إفريقيا والشرق الأوسط، المنطقتان الأكثر عرضة لمخاطر تهريب السلاح إلى أن أوروبا أيضا قد تطالها نار المخاطر حيث تخشى دول القارة العجوز من تكرار سيناريو يوغوسلافيا وتصل الأسلحة إلى عصابات الجريمة المنظمة وبعض العناصر الإرهابية وتنفذ بعض الجرائم في العمق الأوروبي.
وأشارت التقارير إلى أن الولايات المتحدة وأوكرانيا أنفقا ما يقارب من 11 مليون دولار على المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى ساحة القتال في الأراضي الأوكرانية ووصل عددهم إلى ألف مقاتل من جنسيات مختلفة، وهو ما يؤثر على تهريب الأسلحة من ساحة المعركة إلى إفريقيا وفق ما قال ديمترى بريجع المحلل السياسي الروسي في مداخلة على شاشة "القاهرة الإخبارية".
المخاوف الأوروبية أيضا تتزايد من استفادة اليمين المتطرف داخل القارة العجوز من تهريب الأسلحة واستخدامها لتنفيذ عمليات في العمق الأوروبي في ظل مشاكل أمنية تواجهها بعض الدول إزاء تنظيم الدول الإسلامية والمجموعات الإسلامية المتطرفة وكذلك ما حدث في ألمانيا مؤخرًا من محاولة انقلاب شهدتها البلاد من قبل ما يسمى "مواطني الرايخ".
تهريب الأسلحة لا يتم من الأراضي الأوكرانية فقط، ولكن من المواقع الروسية في منطقة الدونباس، فضلًا عن وجود شركة روسية خاصة تحارب داخل إفريقيا ومتهمة بتزويد الأسلحة بطريقة غير قانونية إلى القارة السمراء، وطالما الحرب قائمة فتهريب الأسلحة أمر لا يمكن إحكامه... هذا ما يراه فلاديمير شوماكوف أستاذ العلوم السياسية في مداخلته على شاشة "القاهرة الإخبارية".