الاشتباكات الدائرة بين الجيش السودانى وميليشيا الدعم السريع، منذ قرابة 11 شهرًا، قد تخلّف أكبر أزمة جوع في العالم، في بلد يشهد أساسًا أكبر أزمة نزوح على المستوى الدولي، وفق أقوى تحذير صادر من برنامج الأغذية العالمي.
وقالت مديرة البرنامج سيندي ماكين، إن الاشتباكات التي أوقعت آلاف القتلى، وأدت إلى نزوح 8 ملايين شخص، تهدد حياة الملايين، كما تهدد السلام والاستقرار في المنطقة بأكملها.
وأكدت "ماكين" أنه ما لم تتوقف الاشتباكات، فقد تخلِّف الحرب في السودان أكبر أزمة جوع في العالم.
ووفق برنامج الأغذية العالمي، فإن أقل من "5 في المئة من السودانيين يستطيعون أن يوفروا لأنفسهم وجبة كاملة" في الوقت الراهن.
وفي جنوب السودان، حيث لجأ 600 ألف شخص هربًا من الحرب، "يعاني طفل من كل 5 أطفال في مراكز الإيواء عند الحدود، من سوء التغذية"، حسب ماكين.
ويعاني 18 مليون سوداني من انعدام الأمن الغذائي الحاد، حيث صار 5 ملايين من منهم على شفا المجاعة، في حين يعاني العاملون في مجال الإغاثة الإنسانية الذين يساعدونهم، من صعوبات في التنقل ونقص كبير في التمويل.
وتدور الاشتباكات بين الجيش السودانى وميليشيا الدعم السريع، منذ منتصف أبريل العام الماضى 2023، إذ أصبح قصف المدنيين وتدمير البنى التحتية والنهب والاغتصاب والتهجير القسري وإحراق القرى، من الممارسات اليومية التي يتكبدها 48 مليون سوداني، وفق وكالة "فرانس برس".
وبسطت ميليشيا الدعم السريع سيطرتها على مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان، في 18 ديسمبر الماضي، قبل أن تتمدد في معظم مدن وقرى الولاية.
وأفرز دخول ميليشيا الدعم السريع إلى ولاية الجزيرة، موجة من الانتهاكات طالت عددا من المدن والقرى، وأجبرت النازحين الذين وفدوا إلى الولاية من الخرطوم، للنزوح مجددا إلى ولايات أخرى، بحسب لجنة محامي الطوارئ السودانية.
وعلّقت وكالات الأمم المتحدة والمجموعات الإنسانية الرئيسية، عملها في مدينة ود مدني الاستراتيجية، التي كانت ملاذًا لمئات الآلاف من النازحين، إذ نزح إليها نصف مليون شخص وفق أرقام الأمم المتحدة.
وبحسب مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، فرَّ ما لا يقل عن 250 ألف شخص أخيرًا من ولاية الجزيرة وعاصمتها.
وأعلن المرصد المركزي لحقوق الإنسان في السودان، أن "قوات الدعم السريع اجتاحت 53 قرية في ولاية الجزيرة، ما أدى لمقتل 46 من المدنيين، وإصابة أكثر من 90 آخرين، ونهب مئات الممتلكات والسيارات، تزامنًا مع استمرار انقطاع الاتصالات عن الولاية لنحو شهر".
ووفق أرقام الأمم المتحدة، أدى الصراع بين الجيش والدعم السريع إلى مقتل أكثر من 12 ألف شخص، وأجبر 8 ملايين على الفرار من منازلهم، بينهم 1.5 مليون لجأوا إلى تشاد ومصر وإفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا.
وفي السابع من فبراير، أطلقت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، نداء لتقديم دعم دولي بقيمة 4.1 مليار دولار للمدنيين المحاصرين في السودان، وسط مؤشرات على أن البعض ربما يموتون جوعًا، بعد ما يقرب من عام من الحرب.
وقالت وكالات الأمم المتحدة إن نصف سكان السودان، أي نحو 25 مليون شخص، يحتاجون إلى الدعم والحماية، وإن الأموال المطلوبة ستخصص لمساعدة ملايين المدنيين في السودان وغيرهم ممن فروا إلى الخارج.