يبحث مسؤولون كبار في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بنشاط، استخدام مئات المليارات من الدولارات من الأصول الروسية المجمدة الموجودة في البنوك الغربية لمساعدة أوكرانيا، بعد أن قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه يحتاج إلى مساعدة خلال شهر، وهو يسعى إلى تمويل جهوده الحربية المحاصرة.
وسيمنح مصادرة الأصول الروسية نحو 285 مليار دولار لأوكرانيا، في لحظة تكافح فيها الولايات المتحدة لتمرير حزمة مساعدات حاسمة بقيمة 60 مليار دولار، لكن النقاد يحذرون من أن أي خطوة لمصادرة الأصول المحتجزة في البنوك قد تقوض الثقة في الأسواق المالية الغربية.
استغلال الأصول الروسية
وقالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، في اجتماع لمجموعة العشرين، الثلاثاء الماضي، إنه "ضروري وعاجل لتحالفنا أن يجد طريقة لإطلاق قيمة هذه الأصول المتجمدة لدعم مقاومة أوكرانيا المستمرة، وإعادة الإعمار على المدى الطويل"، مضيفة أن هناك "حالة قوية من القانون الدولي والاقتصادي والأخلاقي" لإيجاد طريقة لاستخدام الأصول.
وبحسب شبكة "بلومبرج" الأمريكية، أكدت "يلين" أن إحدى الخيارات هي مصادرة الأصول، لكن يمكن أيضًا استخدامها كضمان للاقتراض في الأسواق العالمية، وقالت يلين -في الاجتماع الذي استضافته مدينة ساو باولو البرازيلية- إن الولايات المتحدة ليس لديها "استراتيجية مفضلة" في الوقت الحالي.
وفي اليوم التالي، دعت أقوى مسؤول في الاتحاد الأوروبي إلى مصادرة الأرباح التي تولدها الأصول وتوظيف الأموال للجهد الحربي.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، للنواب الأوروبيين: "حان الوقت لبدء حوار حول استخدام الأرباح الطارئة من الأصول الروسية المجمدة لشراء معدات عسكرية مشتركة لأوكرانيا".
ومن المتوقع أن تقدم المفوضية خطة لكيفية استخدام الأرباح في منتصف مارس، وفقًا لموقع "بوليتيكو" الأمريكي.
إعادة بناء أوكرانيا
وبحسب ما صدر عن البنك الدولي، فإن هناك سيناريوهين رئيسيين لكيفية استخدام الأموال المصادرة لمساعدة أوكرانيا، أحدها استخدام الأموال لتمويل إعادة الإعمار الملحة للبلاد، إذ يقدر البنك الدولي أن روسيا تسببت في أكثر من 150 مليار دولار من الأضرار المباشرة لأوكرانيا، وأن البلاد ستحتاج إلى ما يقرب من 500 مليار دولار للتعافي وإعادة البناء.
وفي سياق متصل، ذكر اثنان من الخبراء للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أنه سبق أن اقترحت أوكرانيا آلية دولية لتسجيل مطالبات الأضرار وتوزيع الأموال، ومن بين الاقتراحات الأخرى استخدام الأموال لتوفير الدعم العسكري لأوكرانيا إذا ما تسبب فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية المقبلة، في انحسار الدعم لكييف، وضمان أن تظل لدى أوكرانيا أموال لشراء الذخيرة وغيرها من المواد العسكرية الرئيسية حتى لو قطع رئيس أمريكي مستقبلي المساعدات.
كيفية الحصول على الأموال؟
ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أنه لم يتم بعد تحديد ما إذا كان سيسمح لأوكرانيا بالاستفادة من جميع الأصول أو أن تقتصر على الاستيلاء على الأرباح من مليارات موسكو.
وقالت شركة يوروكلير، وهي مؤسسة إيداع أوراق مالية مركزية مقرها بلجيكا، إن الأصول الروسية المجمدة لديها حققت أكثر من 5 مليارات دولار من الفوائد.
وأفادت "فايننشال تايمز" أن الاتحاد الأوروبي وافق مبدئيًا على تخصيص الأرباح المستقبلية من أموال "يوروكلير"، التي تشكل غالبية الأصول الروسية المتجمدة.
وأكدت "بلومبرج"، أن الفوائد على الأصول الروسية قد تبلغ 10 مليارات دولار سنويًا، وهو مبلغ كبير بالنظر إلى العجز البالغ 37 مليار دولار في ميزانية كييف.
وتفضل بعض الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، النهج الأوسع الذي يتضمن مصادرة بعض الأموال الروسية مباشرة، لكن واشنطن التي تحتفظ بجزء صغير من الأصول الروسية، تتردد في التحرك بمفردها.
قلق أوروبي.. وتهديد روسي
وقال مسؤول كبير لـ"رويترز"، إنه من غير المحتمل أن يوافق الاتحاد الأوروبي على مصادرة الأموال الروسية، في ظل وجود تساؤلات حول الشرعية والتأثير الذي قد يحدثه مصادرة غير مسبوقة لأصول دولة أخرى.
ويخشى بعض الاستثماريين من سحب أموالهم من الأصول المقومة باليورو، خوفًا من أن تصادر أموالهم أيضًا.
وقال وزير المالية الفرنسي: "ليس لدينا الأساس القانوني لمصادرة الأصول الروسية، ولا ينبغي أن نتخذ أي إجراء إذا لم نلتزم بالقانون الدولي وسيادة القانون"، مضيفًا أنه يفضل مصادرة الفوائد المترتبة على الأصول الروسية، حسبما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وتشعر بلجيكا، التي تحتفظ بجزء كبير من الأموال المجمدة، بالقلق أيضًا من إلحاق الضرر بسمعة "يوروكلير" في الأسواق المالية، وفقًا لمنفذ الاقتصاد الروسي المستقل "ذا بيل".
ويقول المنفذ إن حقيقة أن بلجيكا تتولى حاليًا رئاسة الاتحاد الأوروبي المتناوبة "تقلل بشكل كبير من احتمالية اتخاذ أي خطوات جذرية في المستقبل القريب".
وحذرت موسكو من أنها سترد بالمثل، وستصادر الأصول الغربية في روسيا إذا ما صادر الغرب رأس المال الروسي.