الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ستقودها آلات بالذكاء الاصطناعي.. تحذيرات من خروج حروب المستقبل عن السيطرة

  • مشاركة :
post-title
تزايد التحذيرات من استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير الأسلحة

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

يومًا بعد يوم، تتزايد التحذيرات من استخدام الذكاء الاصطناعي في التطوير غير المقيد للأسلحة المستقلة، التي قد تؤدي إلى حروب تتوسع خارج نطاق السيطرة البشرية، مع توفير قدر أقل من الحماية لكل من المقاتلين والمدنيين.

مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أعدت تقريرًا حذرت فيه من مخاطر التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي في الأسلحة المستقلة ذاتية التشغيل، موضحة أن "هناك العديد من القواعد العملية التي يمكن للحكومات أن تتبناها للتخفيف من أسوأ مخاطر الأسلحة المستقلة، في وقت تخاطر فيه البشرية بالتوجه نحو مستقبل من الحرب الخطيرة التي تقودها الآلات".

البحث عن الأهداف

ولفت التقرير إلى أنه في العام الماضي، أعلنت شركة الطائرات بدون طيار الأوكرانية "Saker" أنها أرسلت سلاحًا مستقلًا بالكامل يستخدم الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قراراته الخاصة حول من يجب قتله في ساحة المعركة، عبر طائرة بدون طيار نفذت هجمات ذاتية التشغيل على نطاق صغير، معتبرًا أنها خطوة لإنتاج أسلحة مستقلة بالكامل قادرة على البحث عن الأهداف واختيارها بنفسها.

وتستخدم الجيوش أسلحة مستقلة جزئيًا في ظروف دفاعية محدودة منذ الثمانينيات، إذ تعمل ما لا يقل عن 30 دولة على تشغيل أنظمة دفاع جوي وصاروخي، أو أنظمة حماية مضادة للصواريخ للمركبات الأرضية، ذات أوضاع مستقلة، بمجرد تفعيلها، يمكن لها أن تستشعر تلقائيًا الخطر واعتراضه، وتدخل البشر يقتصر على الإشراف وإمكانية التدخل إذا حدث خطأ ما.

البشرية تخاطر بالتوجه نحو حرب خطيرة تقودها الآلات
تسريع الابتكار

ووفق التقرير، أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى تسريع الابتكار في مجال تكنولوجيات الطائرات بدون طيار، إذ استخدمت كل من موسكو وكييف الطائرات بدون طيار على نطاق واسع للاستطلاع والهجمات على القوات البرية، وأدى نشر الطائرات بدون طيار بدوره إلى تطوير تدابير مضادة جديدة، بما في ذلك أنظمة الحرب الإلكترونية التي تعمل على تشويش روابط اتصالات الطائرات بدون طيار أو تحديد موقع المشغلين على الأرض، والذين يمكن مهاجمتهم بعد ذلك.

ويعتمد الشكل المحدد الذي تتخذه الأسلحة المستقلة على احتياجات الصراع، ففي أوكرانيا، استخدمت موسكو وكييف طائرات جوية صغيرة بدون طيار لاستهداف الأفراد ومهاجمة المركبات، كما تم استخدام أخرى أكبر حجمًا متوسطة الارتفاع للوصول إلى عمق أكبر خلف خطوط العدو لاستهداف الرادارات والمنشآت، ويمكن ترقية جميع هذه الطائرات لتصبح مستقلة، ما يسمح بمواصلة تشغيلها في حالة تشويش رابط الاتصالات.

طائرات خفية

ويمكن أن تؤدي صراعات أخرى إلى تطوير أسلحة مستقلة مختلفة، إذ يمكن للحروب المستقبلية أن تستهدف الطائرات بدون طيار بشكل مستقل عبر الدفاعات الجوية أو قاذفات الصواريخ المتنقلة، لكن العديد من الدول بما في ذلك الصين وفرنسا والهند وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة تعمل على إنتاج طائرات بدون طيار قتالية خفية.

ويمكن لأسراب من الطائرات بدون طيار أن تتفاعل مع التغيرات في ساحة المعركة بسرعة تتجاوز القدرات البشرية، يمكن لردود الفعل المستقلة بسرعة الآلة أن تؤدي إلى إيقاع أسرع للعمليات، ما يؤدي إلى تسريع وتيرة المعركة، وهذا بدوره يمكن أن يخلق المزيد من الضغط لاستبعاد البشر من دورات اتخاذ القرار، وستكون العواقب المترتبة على هذا التحول إلى عصر جديد عميق من الحرب الآلية.

الحرب الأوكرانية سرعت الابتكار في تكنولوجيات الطائرات بدون طيار
قانون للحظر

وحذر كبار علماء الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك البروفيسور ستيوارت راسل من جامعة كاليفورنيا، والحائز على جائزة تورينج يان ليكون، من مخاطر الأسلحة المستقلة، ودشن اتحاد يضم أكثر من 250 منظمة غير حكومية، حملة لوقف الروبوتات القاتلة، ودعا إلى إبرام معاهدة استباقية وملزمة قانونًا لحظر الأسلحة المستقلة.

ورجح التقرير أن تكون الحالة النهائية لهذه المنافسة هي حرب يتم تنفيذها بسرعة الآلة وخارجة عن سيطرة الإنسان، بينما افترض الباحث العسكري الصيني تشن هانجوي، من كلية قيادة الجيش التابعة لجيش التحرير الشعبي، وجود "تفرد" في ساحة المعركة، وهي نقطة ستتجاوز وتيرة الحرب التي تقودها الآلة على نحو مماثل سرعة اتخاذ القرار البشري.

ولفت إلى أنه "لن تقوم الآلات باختيار الأهداف الفردية فحسب، بل ستقوم أيضًا بتخطيط وتنفيذ حملات كاملة. وسيقتصر دور البشر على تشغيل الآلات والجلوس على الهامش، مع قدرة ضئيلة على السيطرة على الحروب أو حتى إنهائها".

قرارات مستقلة

ومع تزايد استقلالية هذه الطائرات، فإن احتمال وقوع حادث أو خطأ في التقدير قد يؤدي إلى وقوع حادث دولي يصبح أكثر ترجيحًا، ففي عام 2019، أسقطت الدفاعات الجوية الإيرانية طائرة أمريكية بدون طيار من طراز جلوبال هوك فوق مضيق هرمز، ولأن هذه الطائرات بدون طيار يتم التحكم فيها عن بعد، فقد قرر الإنسان كيفية الرد، لكن في المستقبل يمكن أن تكون مستقلة، وهذا يعني أنه في حالة حدوث مواقف مماثلة، فإن الطائرة ستتخذ بشكل مستقل الإجراءات التي تمت برمجتها للقيام بها، مما قد يؤدي إلى تصعيد حادث دولي دون أي قرار بشري متعمد للقيام بذلك.

ورأى التقرير أن الأسلحة ذاتية التشغيل ستقلل من سيطرة الإنسان على الحرب، وتشكل خطرًا متزايدًا على المدنيين والمقاتلين، وتقوض الاستقرار الدولي، وأنه لابد من اتخاذ خطوات على وجه السرعة لمعالجة أسوأ المخاطر التي تشكلها هذه الأسلحة، والتي تمثل اختبارًا مبكرًا لقدرة البشرية على التعامل مع الذكاء الاصطناعي المسلح، الذي ظهرت أشكال أكثر خطورة منه.