الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بعد الطيار الأمريكي.. نشطاء واجهوا القمع الأمريكي بأجساد مشتعلة

  • مشاركة :
post-title
جانب من مشهد إشعال الضابط الأمريكي آرون بوشنيل النار في نفسه

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

سلط الضابط الأمريكي "آرون بوشنل" الذي أشعل النار في نفسه احتجاجًا على الإبادة الجماعية الإسرائيلية للفلسطينيين في غزة، الضوء على تضحيات نشطاء السلام في مواجهة آلة القتل الأمريكية في عدد من البلدان.

ذاكرة العالم باتت تستعيد مشاهد تضحيات قدمها نشطاء السلام بنفس الطريقة التي احتج بها الضابط الأمريكي على الدعم الأمريكي لما وصفه بالإبادة الجماعية في غزة، والذين أشعلوا النار في أنفسهم احتجاجًا على بعض الحروب الأمريكية.

واقعتان مشابهتان

الدعم الأمريكي لآلة القتل الجماعية الإسرائيلية التي حصدت رؤوس عشرات الآلاف من الفلسطينيين المدنيين في قطاع غزة خلال الحرب التي تدخل يومها الـ 143، وحدها حصلت على واقعتين مشابهتين للاحتجاج تضحية بالنفس حرقًا أمام السفارة الإسرائيلية في أمريكا.

ففي شهر ديسمبر الماضي، أضرم شخص النار في نفسه وفي يده العلم الفلسطيني خارج القنصلية الإسرائيلية في أتلانتا، وصفته الشرطة الأمريكية بأنه عمل "احتجاجي متطرف سياسي" خلال تظاهرة تطالب بالوقف الفوري للقصف الإسرائيلي على غزة، ولم تكشف السلطات الأمريكية عن اسم المتظاهر أو عمره أو جنسه، وفق "سي إن إن" الأمريكية.

محاولات إنقاذ الضابط الأمريكي
الطيار الأمريكي

واليوم لفظ الطيار الأمريكي أنفاسه الأخيرة متأثرًا بإصابات حرجة، بعدما أشعل النار في نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن، احتجاجًا على الدعم الأمريكي لدولة الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب العنيفة على غزة، وهو يردد "لن أكون متواطئًا بعد الآن في الإبادة الجماعية.. فلسطين حرة.. فلسطين حرة"، لتكون آخر كلماته في الحياة قبل أن ينقل إلى المستشفى فاقدًا للوعي.

وقال الضابط لي ليبي، المتحدث باسم إدارة شرطة العاصمة الأمريكية، اليوم الإثنين، "إن الضابط الأمريكي توفي بعد أن أضرم النار في نفسه خارج السفارة الإسرائيلية في واشنطن في عمل احتجاجي على الحرب في غزة، وإنه سيتم نشر المزيد من التفاصيل بعد إخطار الجيش الأمريكي عائلته".

قيام آرون بوشنل بحرق نفسه ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية للفلسطينيين في غزة ذكّر العالم أيضًا بالتضحيات التي قدمها نشطاء السلام الآخرون الذين أشعلوا النار في أنفسهم احتجاجًا على الاضطهاد والحرب الأمريكية في فيتنام.

ثيش كوانج دوك

في 10 يونيو 1963، بالقرب من السفارة الكمبودية في مدينة هوشي منه، المدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في فيتنام والمعروفة باسم سايجون، كانت تلك الأيام الأولى للحرب الأمريكية في فيتنام، حيث كان عدد السكان البوذيين أكثر من 70 في المائة.

جلس الراهب البوذي ثيش كوانج دوك آنذاك في وسط الطريق وأضرم النار في نفسه واشتعلت في جسده، دون أن يحرك ساكنًا أو يتحرك من مكانه، بينما يلتف حوله العشرات من الرهبان يشاهدون ولا يتحرك أحد منهم لمساعدته، وذلك احتجاجًا على الاضطهاد الذي تعرض له البوذيون في جنوب فيتنام والتضييق عليهم من قبل النظام الحاكم بقيادة "نغو دون ديم".

الراهب البوذي ثيش كوانج دوك يشعل النار في نفسه عام 1963
أليس هيرتس

في 16 مارس 1965، بعد أقل من عامين من تضحية الراهب البوذي بنفسه، أقدمت "أليس هيرتس" ناشطة السلام الألمانية البالغة من العمر 82 عامًا على إشعال النار في نفسها لتكون أول شخص يُقدم على التضحية بنفسه في الولايات المتحدة؛ احتجاجًا على حرب فيتنام المتصاعدة حينها، على غرار الراهب البوذي تتش كوان دك الذي ضحى بنفسه اعتراضًا على الاضطهاد الذي تعرض له البوذيون في ظل الحكومة الجنوب فيتنامية.

أليس هيرتس البالغة من العمر 82 عامًا توفيت متأثرة بجراحها بعد 10 أيام، لكنها قبل أن تقرر التضحية بحياتها من أجل السلام، أسرت لأحد أصدقائها بأنها لجأت إلى جميع أساليب الاحتجاج المتاحة للناشطين، بما في ذلك المسيرات الاحتجاجية وكتابة عدد لا يحصى من المقالات والرسائل، دون أي نتيجة، وتساءلت عمّا يمكنها فعله أيضًا، وإنها أشعلت النار في نفسها احتجاجًا على سباق التسلح واستخدام الرئيس لمنصبه الرفيع للقضاء على الدول الصغيرة، وفق موقع "كومن دريمز" الأمريكي غير الهادف للربح.

نورمان موريسون

نورمان موريسون، ناشط أمريكي مناهض للحرب، أنهى حياته بالتضحية بنفسه أسفل مكتب روبرت ماكنمارا، وزير الدفاع الأمريكي آنذاك، في البنتاجون في 2 نوفمبر 1965 احتجاجًا على حرب فيتنام الأمريكية.

اصطحب موريسون ابنته إميلي البالغة من العمر عامًا واحدًا عندما ذهب إلى البنتاجون للتضحية بحياته من أجل السلام، سلم ابنته للأشخاص القريبين منه قبل أن يغمر نفسه بالكيروسين وتشتعل النار في جسده.

وقالت زوجته حينها، "إن سبب اصطحاب موريسون لابنته إيميلي، حيث كانت رمزًا قويًا للأطفال الذين كنا نقتلهم بقنابلنا والنابالم الذين لم يكن لديهم آباء ليحملوهم بين أذرعهم".

روجر ألين لابورت

وبعد 7 أيام من قيام موريسون بحرق نفسه، أشعل روجر ألين لابورت النار في نفسه أمام مبنى الأمم المتحدة في نيويورك في 09 نوفمبر 1965، خلال مظاهرة مناهضة للحرب الأمريكية في فيتنام.

إلى جانب هؤلاء الذين يحرقون أنفسهم، هناك ما لا يقل عن 6 أمريكيين آخرين، بما في ذلك هيروكو هاياساكي -بوذي أمريكي ياباني، وإريك ثوين- طالب بوذي، وجورج ويني -طالب جامعي، ورونالد برازي -طالب في المدرسة الثانوية، وفلورنس بومونت، ربة منزل أنهت حياتها بالمثل وماتت من أجل السلام.

أكثر من 3 ملايين قتيل

وقُتل في الحرب الفيتنامية نحو 2 مليون مدني من الجانبين، ونحو 1.1 مليون مقاتل من فيتنام الشمالية، وفقًا للتقديرات الرسمية التي صدرت في عام 1995، فيما تشير تقديرات الجيش الأمريكي إلى أن ما بين 200 ألف و250 ألف جندي فيتنامي جنوبي لقوا حتفهم في الحرب.

30 ألف ضحية في 143 يومًا

وفي الحرب الإسرائيلية الدائرة حاليًا، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 30 ألفًا وأصابت حوالي 70 ألفًا آخرين حتى 26 فبراير 2024، خلال 142 يومًا من مذبحتها ضد الفلسطينيين التي بدأت في 7 أكتوبر 2023، كما أن هناك حوالي 7500 فلسطيني في عداد المفقودين أو محاصرين تحت الأنقاض، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وبعد قيام آرون بوشنل بحرق نفسه ضد حرب غزة أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن يوم الأحد، يأمل نشطاء السلام ألا تذهب تضحيته سدى، وأن تهز ضمير زعماء العالم الذين يراقبون ذلك بصمت أو سرًا، أو علنًا، ومنع ما وصفها المراقبون بـ"الإبادة الجماعية التي تبث على الهواء مباشرة أمام العالم لأول مرة"، وفق موقع "أميد" الهندي.