قبل أيام قليلة من بلوغ الاشتباكات المُسلحة بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع شهرها العاشر، يبدو المشهد أكثر قتامة، مع دخول جماعات مُسلحة أخرى من المرتزقة دائرة المعارك، إلى جانب الميليشيا المتمردة، ما يهدد بتوسع رقعة المواجهات وإطالة أمدها.
واندلع القتال بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع على نحو مفاجئ في منتصف أبريل من العام الماضي، بعد أسابيع من التوتر بين الطرفين، بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دوليًا.
ومع استمرار الاشتباكات بين الجانبين، أقر مستشار قائد ميليشيا الدعم السريع، الباشا طبيق، بالتحاق حركات أخرى بالميليشيا، خلال الحرب الحالية ضد الجيش السوداني، وشدد على أن تلك الحركات تأتمر بأمر قائد ميليشيا الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي"، ولا تخالف توجيهاته وقراراته العسكرية.
وكشف "طبيق" عن انضمام أكثر من 30 حركة وتشكيلًا مسلحًا إلى ميليشيا الدعم السريع، وقال إن "تلك التشكيلات أصبح لها ممثلون في المجلس الاستشاري للميليشيا".
وكان قائد الميليشيا أعلن خلال لقاء جمعه مع قادة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" في أديس أبابا، في يناير الماضي، عن وجود مسلحين لا ينتمون إلى قواته، قال إنهم "وصلوا إلى ولاية الجزيرة وشاركوا في القتال هناك دون تنسيق معه".
وتعرّضت مدن وقرى في ولاية الجزيرة إلى تعديات وانتهاكات، وصفها حقوقيون بالواسعة، عقب سيطرة ميليشيا الدعم السريع على الولاية في ديسمبر الماضي، كما قالت لجان المقاومة، إنها أحصت سرقة ونهب ما لا يقل عن 3 آلاف سيارة.
إطالة أمد الصراع
ويتخوف سياسيون وناشطون أن يؤدي وجود تلك التشكيلات المسلحة في دائرة القتال إلى إطالة أمد الصراع في السودان، حيث تشير الناطقة باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، رشا عوض، إلى أن دخول أطراف عسكرية جديدة إلى دائرة القتال بين الجيش وميليشيا الدعم السريع، يعد أحد أسباب استمرار الصراع، وأحد أسباب فشل المبادرات الساعية لحل الأزمة السودانية.
وقالت "عوض" إن "القتال لم يعد محصورًا بين الجيش وميليشيا الدعم السريع، مما ينذر بتعدد مراكز القرار، خاصة في مسألة التفاوض وإنهاء الأزمة عبر المسار السلمي".
اشتباكات على عدة محاور
ميدانيًا، واصلت ميليشيا الدعم السريع القصف من مواقع سيطرتها بشرق العاصمة السودانية الخرطوم، كذلك الجيش السوداني الموجود بقاعدة وادي سيدنا العسكرية مازال يقصف مواقع للميليشيا المتمردة بمناطق أم درمان القديمة وشمال بحري، كما ذكر عثمان الجندي، مُراسل "القاهرة الإخبارية" من أم درمان، أمس الإثنين.
وأضاف "الجندي" خلال رسالة على الهواء، أمس الإثنين، أن قوات الجيش السوداني استهدفت مناطق للدعم السريع بأم درمان، وفي شمال بحري ووسطها، وكذلك في الخرطوم، كما أن الطيران المسيّر التابع للقوات المسلحة السودانية ما زال يقوم بهجمات متواصلة على ميليشيا الدعم السريع.
وذكر مراسل "القاهرة الإخبارية" أن طيران الجيش السوداني يوجه ضرباته إلى ميليشيا الدعم السريع، التي تقابلها بمضادات الطيران في مدينة ود مدني، ويستمر القصف المتبادل على مناطق سيطرة الجيش السوداني في مدينة أم درمان، وكذلك لا تزال الاتصالات منقطعة تمامًا في مدينة بورتسودان وغيرها من المناطق.
وذكرت صحيفة "تريبون سودان" نقلًا عن مصادر محلية، أن سلاح الجو التابع للجيش السوداني، كثّف غاراته على مواقع ميليشيا الدعم السريع في ولاية الجزيرة قرب ولاية سنار.
وتجري عمليات القصف الجوي وسط إرهاصات بعملية عسكرية واسعة يعتزم الجيش تنفيذها لاستعادة ولاية الجزيرة من يد ميليشيا الدعم السريع.
وفي ولاية الخرطوم تبادل الجيش وميليشيا الدعم السريع، القصف المدفعي في عدة مناطق بالولاية. واستهدفت مدفعية الجيش السوداني مواقع للميليشيا في شرق النيل، بينما استهدفت قذائف مدفعية أطلقها ميليشيا الدعم السريع محيط سلاح الإشارة التابع للجيش في الخرطوم بحري.
أفادت مصادر عسكرية للصحيفة السودانية، بأن قوة من الجيش تمكنت من تدمير آليات قتالية لميليشيا الدعم السريع في الحلفايا شمالي الخرطوم بحري.
قتال بين ميليشيا الدعم وحركات دارفور
وحسب ما ذكرت صحيفة "التغيير" السودانية، من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة قتالًا شرسًا بين ميليشيا الدعم السريع والحركات المسلحة، التي ترفض الانتهاكات التي تعرض لها المواطنون في إقليم دارفور.
ونقلت "التغيير" عن مصادر عسكرية إن الحركات المسلحة الموجودة في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور غرب البلاد، ستدخل في مواجهة عنيفة مع ميليشيا الدعم السريع في الأيام القادمة.
وتابعت المصادر، أن ميليشيا الدعم السريع تواصل الحشد والتدريب في أكثر من موقع في دارفور، والحركات المسلحة تواصل التدريب والحشد في معسكرات للتدريب شرق البلاد مع الحدود الإريترية.
تداعيات كارثية
وأودت الحرب في السودان بحياة 13 ألف شخص على الأقل، وفق تقديرات "مشروع بيانات مواقع النزاعات المسلحة وأحداثها" (أكليد). كما تسببت في نزوح ولجوء حوالي 8 ملايين شخص، وهي "أكبر أزمة نازحين في العالم"، وفق الأمم المتحدة.
ويُعاني ما يقرب من 18 مليون شخص في أنحاء السودان، الذي يبلغ عدد سكانه 48 مليون نسمة، من "الجوع الحاد"، كما يُواجه أكثر من 5 ملايين شخص مستويات طارئة من الجوع في المناطق الأكثر تضررًا من الصراع، بحسب وكالات الأمم المتحدة العاملة في المجال الإنساني.
وازداد معدل انتشار الأمراض والأوبئة، إذ كشفت وزارة الصحة السودانية، عن زيادة معدلات الكوليرا حيث تجاوزت حالات الإصابة العشرة آلاف حالة في البلاد، وفقًا لصحيفة "تريبيون سودان". ونقلت الصحيفة عن مسؤول في وزارة الصحة السودانية، أن "التقرير التراكمي للمرض حتى 29 يناير الماضي، أشار إلى أن عدد الحالات المسجلة بلغ 10 آلاف و94 حالة في عشر ولايات بجانب 284 وفاة".