تخيل أنك تقرأ كتابًا دون التوقف للتحقق من الإشعارات، أو تناول وجبة دون الرغبة في توثيقها للمتابعين عبر الإنترنت، أو الاستمتاع ببساطة بالمشي دون الحاجة إلى التقاط اللحظة ومشاركتها.
هل تتذكر عندما لم تكن لدينا أدنى فكرة عن مشاركة أنشطتنا اليومية عبر الإنترنت؟ إذا كنت في الأربعينات أو الخمسينات من عمرك، فلديك تلك الذكريات، ومن ذلك، بات من الصعب عليك تخيل عالم بدون وسائل التواصل الاجتماعي.
أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا من المجتمع، ومن الصعب العثور على شخص غير نشط في واحد على المواقع، ويمكن أن تؤدي هذه العادة إلى إدمان وسائل التواصل الاجتماعي فتصبح مجرد فكرة تسجيل الخروج قرار صعب تنفيذه.
ويشرع الكثير في التخلص من السموم الرقمية لمكافحة الشعور بالإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ إنها فترة زمنية محددة يتعهد فيها الشخص بالابتعاد عن جميع وسائل التواصل الاجتماعي لإعادة ضبط عقله.
أضرار صحية ونفسية
كشفت دراسة أجرتها "كاسبرسكي لاب" -شركة رائدة عالميًا في حلول وخدمات الأمن السيبراني- أن ثلث المشاركين لاحظوا انخفاضًا كبيرًا في التفاعلات المباشرة وجهًا لوجه مع آبائهم وأطفالهم وأصدقائهم.
لا يتعلق الإقلاع عن إدمان وسائل التواصل الاجتماعي فقط باستعادة الوقت أو تقليل استخدام الشاشة، يتعلق الأمر بتعزيز صحتك العقلية، وتقوية العلاقات الاجتماعية وتعزيز اتصال أعمق مع العالم الحقيقي.
يشير العديد من الخبراء إلى أن زيادة القلق والعصبية، خاصة عند الأطفال، بسبب قضاء الوقت على مواقع التواصل الاجتماعي وفقًا لدراسة نشرت في CNET، موقع وسائط تعليمي أمريكي، لذا فإن أخذ استراحة لمدة أسبوع واحد فقط من المشاركة والنشر المستمر يمكن أن يقلل بشكل كبير من القلق والاكتئاب.
ينصح الخبراء في "Power To Live More" أيضًا بالتوقف عن استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل 30 دقيقة من موعد النوم، حتى يتوفر لعقلك الوقت الكافي ليتوقف عن العمل للحصول على نوم أفضل ليلًا، فضلا عن انبعاثات الضوء الأزرق الصادرة عن الهاتف بمشكلات النوم والنعاس أثناء النهار.
ونتيجة لذلك، يقول CNETإن تجنب التصفح قبل النوم يقلل من التعرض للضوء الأزرق، وما يترتب عليه من تحسين النوم. إن الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن "يزيل الفوضى العقلية"، ومع تراكم الكثير من المعلومات الواردة من وسائل التواصل الاجتماعي، من السهل أن يصبح عقلك مثقلًا، ونتيجة لذلك، يمكن أن تفقد التركيز في المنزل أو العمل أو المدرسة
وذكر موقع "Healthier Steps" أنه عندما تقرر التوقف عن التصفح، فإنك "تمنح عقلك فرصة للراحة وإعادة الشحن"، وبمجرد أن تتوقف عن النظر إلى مقاطع الفيديو المميزة لأي شخص آخر، ستشعر بمزيد من الأمان بشأن الأنشطة والأحداث التي تحدث في حياتك الخاصة.
يمكن أن يساعدك التخلص إدمان التواصل الاجتماعي في إيجاد وقت إضافي في يومك، وذكر موقع "Healthier Steps": أنه "قد تتفاجأ بمدى زيادة إنتاجيتك عندما لا يكون لديك الإلهاء المستمر لوسائل التواصل الاجتماعي".
علاج الإدمان الإلكتروني
ولا تقتصر هذه الممارسة على التخلص من إدمان وسائل التواصل الاجتماعي فحسب، فيتعلق الأمر بإعادة اكتشاف الحياة خارج الشاشة، ويأتي التحدي في العثور على المتعة والمشاركة في العالم الحقيقي دون وابل مستمر من الإشعارات.
في حين أن وسائل التواصل الاجتماعي تجعل البقاء على اتصال مع العائلة والأصدقاء أسهل من أي وقت مضى، إلا إن الدراسات تظهر أنها يمكن أن يكون لها تأثير سلبي وحتى ضار على صحتنا العقلية والجسدية، فضلًا عن تغيير الطريقة التي نتواصل بها.
على الرغم من أنه قد لا يكون من السهل التوقف عن وسائل التواصل الاجتماعي، إلا إن الخبراء ينصحون بوضع أهداف واقعية، مثل ترك الهاتف جانبًا لبضع ساعات يوميًا أو الخروج بدونه في عطلات نهاية الأسبوع.
وذكر الخبراء إنه ينبغي أخذ استراحة من وسائل التواصل الاجتماعي وإخطار دائرتك العائلة والأصدقاء حتى يعرفوا كيفية الوصول إليك إذا لزم الأمر.
إزالة الإغراءات، قم بإلغاء تثبيت تطبيقات الوسائط الاجتماعية من هاتفك، أو قم بتسجيل الخروج من حساباتك على جميع الأجهزة.
البحث عن البدائل – حدد الأنشطة التي تملأ الوقت الذي تقضيه عادةً على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل القراءة أو ممارسة الرياضة أو المشي.
ووفقا لموقع ""Study Finds، لا تقتصر فوائد أخذ إجازة رقمية من مواقع الويب الشهيرة المختلفة على التحسينات الفورية فحسب، بل لها أيضًا تأثيرات طويلة المدى على نمط حياة الفرد.
وتقول مبادرة "Power To Live More": "لم يُخلق البشر للنظر إلى الأسفل أثناء المشي أو الجلوس أو الوقوف باستمرار.. إن منح نفسك وقتًا بعيدًا عن جهازك سيجعلك تشعر بتحسن كبير عقليًا وجسديًا.