يمضي جيش الاحتلال قدمًا في تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة، وتفريغ القطاع من سكانه، إذ أعلن وزيره يوآف جالانت، توسيع العدوان الإسرائيلي المُتواصل منذ 7 أكتوبر الماضي، إلى مدينة رفح الفلسطينية جنوب غزة، حيث يتكدس النازحون وسط أزمة إنسانية متفاقمة.
وتوعد "جالانت"، بأن الجيش سوف يصل إلى كتيبة رفح التابعة لحماس، ويفككها مثلما يفعل حاليًا مع كتائبها في منطقة خان يونس جنوب قطاع غزة، حسب ادعائه.
وقال جالانت، لجنود الفرقة 89 التابعة لجيش الاحتلال خلال زيارة إلى خان يونس، أمس الخميس: "كتيبة خان يونس التابعة لحماس تفاخرت بأنها سوف تتصدى للجيش"، مضيفًا: "يتم تفكيكها، وأبلغكم هنا بأننا نستكمل المهمة في خان يونس، وسنصل أيضًا إلى رفح ونقضي على كل شخص هناك يحاول إيذاءنا"، وفق ما ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، في موقعها الإلكتروني.
وأضاف أن عمليات جيش الاحتلال في خان يونس "تتقدم مع تحقيق نتائج مذهلة، وهذا أمر أكثر صعوبة بالنسبة لحماس".
وتابع زاعمًا: "ليس لدي عناصر حماس أسلحة ولا ذخيرة، وليس لديهم القدرة على علاج الجرحى، وقُتل 10 آلاف إرهابي منهم -على حد وصفه- وهناك عشرة آلاف آخرين جرحى لا يقدرون على الحركة"، حسب تعبيره.
وتابع جالانت أن القوات وعملياتها في الأرض وتحت الأرض في خان يونس "تجعل عودة المحتجزين أقرب لأن حماس لا تفهم سوى لغة القوة".
وكان جيش الاحتلال قد قدر عدد مقاتلي حماس بـ30 ألف عنصر، وأدى العدوان على غزة إلى استشهاد ما لا يقل عن 27,019 فلسطينيًا وإصابة 66,139 آخرين، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن السُلطات الصحية في غزة.
أزمة إنسانية مُتفاقمة
وأجبر جيش الاحتلال 85% (نحو 1.93 مليون) من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، على النزوح إلى رفح جنوب القطاع، التي أصبحت مكتظة بالفعل بمليون ونصف المليون نازح، يعيشون وسط أزمة إنسانية مُتفاقمة، ولا يوجد مكان أبعد جنوبًا ليذهبوا إليه.
وقد تم تسجيل ما يقرب من 1.4 مليون نازح داخلي في 155 منشأة تابعة للأونروا في مختلف أنحاء غزة، منهم نحو مليون مسجل في 94 ملجأ للأونروا في الجنوب. ومعظم النازحين في الخيام ومراكز الإيواء برفح، تركوا منازلهم في مختلف مناطق القطاع على وجه السرعة أملًا بالنجاة من قصف طائرات ومدفعية الاحتلال، حاملين معهم القليل من الملابس والأغطية والمقتنيات الشخصية، ليصبحوا فريسة للبرد القارس والجوع والعطش.
وفاقمت مياه الأمطار الغزيرة من معاناة النازحين في المخيمات ومراكز الإيواء في رفح، بعد أن تسببت بغرق خيامهم وإتلاف مقتنياتهم الشخصية من ملابس وأغطية على قلتها.
وتنتشر القمامة في أرجاء مدينة رفح أمام المدارس المُكتظة بالنازحين وبين الخيام، حيث أقام النازحون حمامات غير مُتصلة بشبكات الصرف الصحي التي دمرها القصف، وإنما تصب في حفر ترابية أو في براميل بلاستيكية تنسكب على الأرض ما إن تتجاوز سعتها.
وأمام مقر وكالة "الأونروا" في غرب مدينة رفح، ينتظر عبدالله حلس (24 عامًا) في سيارته التي كدس داخلها أغطية إسفنجية وفرشًا، آملًا بالحصول على خيمة تؤويه وعائلته التي نزحت مجددًا من مدينة خان يونس بشمال مدينة رفح.
عند اندلاع الحرب، نزح الشاب مع عشرات من أفراد عائلته من غزة للعيش في مقر "الأونروا" في مدينة خان يونس، لكن العائلة اضطرت لمغادرته، بعد أن حاصرته قوات الاحتلال التي أمرت النازحين بإخلائه. ويقول الشاب وهو يحاول حبس دموعه "لا أعرف أين سنذهب أو سننام، أطفال ونساء ومسنون من العائلة في الشارع، نبحث عن مكانٍ أو خيمة".
لم يبق مكان للنازحين
وعلى غرار مئات العائلات التي اتخذت من الخيام مأوى لها في غرب جنوب رفح، إثر نزوح غالبيتها من مدينة خان يونس خلال الأيام الأخيرة، فر ياسر الأستاذ (23 عامًا) وهو طالب بالسنة الرابعة في كلية الهندسة بجامعة الأزهر في مدينة غزة.
وقال الشاب: "نزحنا إلى هنا مع نحو مئة شخص من العائلة، هربنا من أقصى شمال قطاع غزة منذ اليوم الأول للحرب، وها نحن اليوم في أقصى جنوب القطاع، لم يبق أمامنا مكان نلجأ إليه".
ويؤكد الشاب "لن نغادر هذا المكان، حتى لو دخل جيش الاحتلال ومتنا"، موضحًا "لن أغادر مجبرًا خلال الحرب، الجميع مثلي لن يجبرونا على الخروج من أرضنا، قد أفكر بمغادرة غزة بعد الحرب لاستكمال تعليمي.. لكن هذا القرار سيكون باختياري".