يحاول مسؤولو الاحتلال الإسرائيلي، إقناع إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بإقامة "منطقة عازلة" في غزة، في خطوة تمهد لإعادة بناء بؤر استيطانية داخل القطاع، الذي يتعرض لعدوان مُدمر، منذ السابع من أكتوبر الماضي، ومحاولات لتفريغه من سكانه.
ونقل موقع" أكسيوس" الأمريكي، عن 4 مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، أن وزير جيش الاحتلال، يوآف جالانت، أبلغ المسؤولين الأمريكيين، الأسبوع الماضي، أنه وقواته لن يسمحوا بإعادة بناء البؤر الاستيطانية أو المستوطنات غير القانونية من قبل المستوطنين الإسرائيليين داخل قطاع غزة.
وقبل أيام، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن مسؤولين إسرائيليين، أن جيش الاحتلال يريد هدم مبانٍ في أطراف قطاع غزة لإنشاء منطقة عازلة.
وأوضحت الصحيفة، أن جيش الاحتلال يريد إنشاء منطقة عازلة بعمق كيلومتر واحد على طول حدود غزة، وكشفت أن جيش الاحتلال كان يحاول هدم جزء من ضاحية فلسطينية، في إطار مساعيه لإنشاء "منطقة عازلة" بين قطاع غزة والمستوطنات، حينما لقي 21 جنديًا مصرعهم في انفجار.
ونقلت الصحيفة تلك المعلومات عن 3 مسؤولين إسرائيليين وضابط مشارك في عمليات الهدم وسط غزة. وأوضح المسؤولون، أن إسرائيل تهدف إلى هدم العديد من المباني الفلسطينية القريبة من الحدود من أجل إنشاء "منطقة أمنية".
وبيّن اثنان من المسؤولين أن الهدف "إنشاء منطقة عازلة تصل إلى 0.6 ميل على طول الحدود مع غزة، والبالغة نحو 36 ميلًا".
ولطالما تحدث مسؤولو الاحتلال عن فكرة المنطقة العازلة، وهي التصريحات التي عارضتها وزارة الخارجية الأمريكية بشكل علني، ديسمبر الماضي؛ لأنها ستتسبب في تقليص حجم قطاع غزة، وهو ما ترفضه الإدارة الأمريكية.
ويرفض بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الرؤية الأمريكية في غزة بعد انتهاء العدوان، فيما يتعلق بتولي السلطة الفلسطينية إدارة القطاع، وعودة النازحين إلى مناطقهم التي تم تهجيرهم منها، وإقامة الدولة الفلسطينية في إطار "حل الدولتين"، الذي يحظى بإجماع دولي متزايد.
وتشعر إدارة بايدن بالقلق من أن المنطقة العازلة التي يخطط الاحتلال لإقامتها داخل غزة، والتي يبلغ عمقها كيلومترًا واحدًا، سيتم استخدامها لإعادة بناء المستوطنات التي تم تفكيكها خلال الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام 2005.
وتزايد هذا القلق في الأسابيع الأخيرة، بعد أن بدأ اللوبي الاستيطاني في إسرائيل وأعضاء من اليمين المتطرف في الائتلاف الحاكم، بزيادة الضغط والدعوة إلى الاحتلال الكامل لقطاع غزة، وإعادة بناء المستوطنات.
وقال المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون لـ"أكسيوس"، إن جالانت التقى، الأسبوع الماضي، بالسفير الأمريكي لدى إسرائيل، جاك ليو، والمبعوث الأمريكي للشؤون الإنسانية، ديفيد ساترفيلد، لبحث الوضع في غزة.
وسأل ليو وساترفيلد جالانت عمّا إذا كانت المنطقة العازلة أساسًا للمستوطنات، وقال المسؤولان، إنهما شددا على التصريحات العلنية لوزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، التي ترفض أي تغيير في أراضي غزة، وتعارض أي ضرر للبنية التحتية المدنية.
وتعهد جالانت بأنه لن يسمح بإعادة بناء المستوطنات في غزة، وشدد على أن المنطقة العازلة ستكون "مؤقتة ولأغراض أمنية فقط"، وفقًا لمسؤول إسرائيلي كبير ومسؤولين أمريكيين.
وشارك 12 وزيرًا إسرائيليًا، من بينهم 3 من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، في مؤتمر "العودة إلى قطاع غزة" الذي أقيم في القدس المحتلة، أول أمس الأحد، ودعا إلى إعادة بناء المستوطنات بالقطاع الفلسطيني، وشجع على تهجير الفلسطينيين من هناك.
كما شارك في المؤتمر 18 مشرعًا من الائتلاف، والذي كان أكبر فعالية سياسية لدعم إعادة بناء المستوطنات في غزة واقتلاع السكان الفلسطينيين من القطاع، منذ بدء العدوان على غزة في 7 أكتوبر الماضي، وفقًا لـ"أكسيوس".
وكان وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال، المتطرف إيتمار بن جفير، قد حث المستوطنين اليهود على العودة إلى غزة في المؤتمر، مما دفع فلسطينيين للتنديد بهذه التصريحات التي قالوا إنها ترقى إلى حد الدعوة إلى "ترحيلهم قسريًا".
وتوالت ردود الفعل داخل إسرائيل على المؤتمر. وقال زعيم المعارضة، يائير لابيد، إن "الحكومة الأسوأ في تاريخ إسرائيل تبلغ مستوى أكثر انحطاطًا، مع عقد مؤتمر من هذا القبيل، الذي يضر بإسرائيل على الساحة الدولية"، وذلك عبر حسابه على منصة إكس.. وتابع: "هذا ضرر لصفقة إطلاق سراح المحتجزين محتملة، ويعرض جنود جيش الاحتلال للخطر، إنه عدم مسؤولية فظيعة."
أما رئيسة حزب العمل، ميراف ميخائيلي، فقالت: "لقد جلب نتنياهو أتباعًا كهانًا من الهامش المنبوذ لقيادة دولة إسرائيل. إن التحريض الذي أدى إلى اغتيال إسحق رابين يهدد الآن بتدمير دولة إسرائيل".
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أمس الإثنين، إن إدارة بايدن "منزعجة من التقارير والبيانات الصادرة عن المؤتمر الذي عقد في القدس الأحد لتشجيع إعادة الاستيطان في غزة، والذي أيده وحضره أعضاء في حكومة إسرائيل".
وأضاف المتحدث أن "الولايات المتحدة لا تدعم إعادة احتلال إسرائيل لغزة. لقد كنا واضحين وثابتين، وبشكل لا لبس فيه، بأننا ضد الترحيل القسري للفلسطينيين خارج غزة".