برز دور وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأنروا"، خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كمؤسسة دولية شاهدة ميدانيًا على المجازر التي يرتكبها الاحتلال من قصف للمدنيين وقتل للأطفال، وهو ما خرج به مسؤولوها في تصريحات عدة، إلا أن الأمر لم يأت على هوى الاحتلال، الذي يحاول دائمًا أن يظهر في دور "الضحية"، حتى في تلك اللحظة التي يقتل فيها نحو 26 ألف مدني معظمهم من النساء والأطفال.
في تصريح سابق، أعلنت "الأونروا"، أن الاحتلال يقصف المناطق التي طلب من سكان شمال القطاع التوجه إليها باعتبارها "مناطق آمنة"، وهو عكس ما يدعيه الاحتلال الذي يقول إنه لا يتعمد قصف المدنيين بل ويوفر لهم "مناطق آمنة".
وفي تصريح آخر قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين، فيليب لازاريني، إنه "لا يوجد مكان آمن في غزة"، حتى مؤسسات الأمم المتحدة.
في 8 يناير الجاري، أعلنت "الأونروا"، تعرض منشآتها لـ63 استهدافًا مباشرًا، منذ بدء الحرب في غزة، ضمن 220 حادثًا استهدفت مبانيها.
وأعلنت الأونروا أنه كان هناك 23 حادثة استخدام أو تدخل عسكري في منشآتها خلال الحرب الجارية، كما قتل الاحتلال 146 من موظفي الوكالة، حتى الآن.
شهادات الأونروا
شهادات الأونروا أزعجت الاحتلال، الذي يسعى لارتكاب جرائمه في ظل تغطية غربية دون أي إدانات، فبدأت الأزمة من خلال تقديم معلومات استخباراتية تدين "12" موظفًا يعملون في الوكالة، وزعم أنهم شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر الماضي.
ما اضطر الوكالة لإعلان إنهاء عقود أولئك الموظفين، لتعلن الولايات المتحدة بعدها "تعليق التمويل الحيوي للمنظمة"، فيما أكد "فيليب لازاريني"، أن قرار فصل الموظفين جاء من أجل حماية قدرة الوكالة على تقديم المساعدات الإنسانية، مؤكدًا أن كل موظف تورط في أعمال إرهابية يجب أن يحاسب، من خلال الملاحقات القضائية.
إلا أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فالهجوم الإسرائيلي يهدف لأكثر من ذلك، إذ كشف وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أن بلاده ستعسى لمنع الوكالة من العمل في قطاع غزة بعد الحرب.
وأكد "كاتس"، أن الاحتلال حريص على ضمان ألا تكون الأونروا جزءًا من غزة بعد الحرب، وأنه سيسعى لحشد الدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي لذلك، من خلال تجفيف المانحين الرئيسيين لها.
أما جلعاد إردن، مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة، وخلال المراسم التي أقيمت في اليوم العالمي لإحياء ذكرى الهولوكوست، فقال إنهم يدعون منذ سنوات لحل وكالة الأونروا، وأن اليوم بات من الواضح أنها لا تتعاون مع الإرهاب فحسب بل تقوم بتشغيل "إرهابيين"، متهمًا الأمم المتحدة بالإخفاق في منع وقوع الفظائع بل وأمست جزءًا من ترسانة من يسعون للقضاء على إسرائيل.
وعلى خلفية اتهام إسرائيل لبعض موظفي الوكالة بالضلوع في الهجوم، اتخذت الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وإيطاليا وبريطانيا (في يوم إحياء ذكرى الإبادة الجماعية لليهود) قرار وقف الدعم الغربي للأونروا، في وقت يعاني شعب غزة من خطر حدوث مجاعة، إذ حذر برنامج الأغذية العالمي، من الخطر الذي يهدد عدة مناطق بغزة في ظل وصول كميات قليلة جدًا من المساعدات إلى شمال القطاع.
الصحة العالمية
هجوم إسرائيل ليس على الأونروا وحدها، بل طالت اتهاماتها "الصحة العالمية"، وقالت إنها تتواطأ مع حركة حماس وتغض الطرف عن معاناة الرهائن المحتجزين في غزة.
وقال المدير العام للمنظمة الدكتور تيدروس أدهانوم جيبريسوس، إن ادعاءات إسرائيل كاذبة وضارة ويمكن أن تعرّض موظفيها الذين يخاطرون بحياتهم لخدمة الضعفاء للخطر، مؤكدًا أن "الصحة العالمية" منظمة محايدة تعمل من أجل صحة ورفاهية جميع الناس.
الصليب الأحمر
كذلك لم يسلم الصليب الأحمر من انتقادات إسرائيل، إذ خرجت رئيسة اللجنة الدولية ميريانا سبولجاريك، لترد على الانتقادات الإسرائيلية تجاه المنظمة قائلة إنها تمثل مشكلة للموظفين.
وطوال الحرب على غزة، هاجمت إسرائيل، أي صوت يحاول الحديث عما ترتكبه قواتها من عدوان داخل قطاع غزة، مدعية أن قتل وإصابة نحو 100 ألف شخص وتهجير نحو 2 مليون آخرين، وتدمير نحو 50% من مباني القطاع وكل البنية التحتية وحرمان المدنيين من كل مقومات الحياة من صحة وغذاء وماء وكهرباء، كله مجرد "دفاع عن النفس".