بعد يوم السابع من أكتوبر الماضي، الذي اندلعت بعده حربًا لا تزال مستمرة ليومها الـ109، تعيش اليوم دولة الاحتلال الإسرائيلي صدمة جديدة وصفها العديد من المسؤولين في إسرائيل بـ"العملية المؤلمة"، وذلك بعد مقتل 21 جنديًا من قوات الاحتياط الإسرائيلي في مخيم المغازي بقطاع غزة في ضربة واحدة.
ألغام أرضية
وبحسب النتائج الأولية التي كشف عنها جيش الاحتلال، فقد وقعت العملية العسكرية خلال قيام القوات الإسرائيلية بزرع ونشر ألغام أرضية لهدم عدد من المنازل الفلسطينية الواقعة أمام الحدود مع إسرائيل.
ووفق صحيفة "يديعوت أحرنوت"، فقد توزع 19 من الجنود الذين قتلوا في المبنيين، وبينما كانوا في مرحلة متقدمة من العملية استعدادًا لتفجير المنازل، وعندما استعد المقاتلون لمغادرة المباني للتفجير، خرجت خلية تابعة لحماس من المزارع وأطلقوا صواريخ آر بي جي على المبنيين اللذين أصيبا على الفور وانهارا نتيجة الألغام، حيث كان هناك جنود داخل المبنيين المقيدين بالأسلاك الموصلة للتفجير، فيما استبعد الجيش وجود آبار أنفاق في منطقة الحادث.
استهداف دبابة
وأضافت الصحيفة العبرية: "تم تأمين القوات الموجودة في المباني المجاورة من قِبل المشاة والمقاتلين المدرعين، وتعرفت قوة موجودة في دبابة قريبة بإصابة المنزلين، لكن مقاتلي حماس كان لديهم الوقت لإطلاق صاروخ آخر مضاد للدبابات على الدبابة، ما أسفر عن مقتل اثنين آخرين من الجنود، ولم يصب الجنود الذين كانوا في المباني المجاورة بأذى".
وتابعت الصحيفة، أنه "لم يتم القضاء على المجموعة المنفذة من حماس، الذين تمكنوا من الفرار، واستهدفوا الجنود من مسافة عشرات الأمتار من المباني، ومن المتوقع أن يتناول أحد محاور التحقيق وجود جنود أثناء الاستيلاء على المباني، وعدد الجنود الذين يجب أن يكونوا فيها ومتى".
رسالة صعبة
وصل رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ظهر اليوم الثلاثاء، إلى مكان انهيار المبنيين وسط قطاع غزة، وأجرى تحقيقًا أوليًا في مكان الحادث، وقال: "استيقظت إسرائيل هذا الصباح على رسالة صعبة ومؤلمة، نشاطر أهالي 21 قتيلًا الحزن على الخسارة الفادحة، ونعلم أن الألم أكبر من أن نتحمله".
"هاليفي" أضاف: "سوف نحقق في الحادثة بعمق ونتعلم الدروس أثناء القتال، حتى لا يحدث مثل هذا الحادث مرة أخرى، وسيكون القتال طويلًا وقد تم إعداد العديد من التحديات أمامنا، نحن نقوم بتجديد القوات وتغيير أساليب القتال، نحن منتبهون لكل ما هو مطلوب منهم، وفي هذا اليوم الصعب، من المهم أن نقول، إننا نقاتل منذ 108 أيام لا ننسى 7 أكتوبر، ولا ننسى لماذا ذهبنا إلى الحرب".
التدمير الجوي مكلف
وأوضحت الصحيفة أن السبب وراء عدم مهاجمة تلك المنازل من الجو، تقرير الجيش الإسرائيلي بالتحول إلى ألغام، لأن التدمير الجوي لا يكون كاملًا دائمًا وأنه مكلف للغاية، فإذا قصفنا كل بيوت المنطقة من الجو حتى الدمار، فلن تبقى أسلحة لمهاجمة العدو أثناء مناورات القوات".
وتابعت "أن الأسئلة التي سيتعين على الجيش الإجابة عليها والتحقيق فيها بعمق مختلفة هي؛ هل تعلمت حماس طريقة عمل جيش الدفاع الإسرائيلي؟.. وهل كان مثل هذا التركيز للجنود في مكان واحد ضروريًا؟.. سيتعين على الجيش الإسرائيلي أن يتعلم الدروس من الحادث وأن يقلل (حتى لو لم يكن من الممكن منعه) عدد الضحايا نتيجة لمثل هذا الحادث".
أصعب الأيام
وأعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن أسفه لهذا الحادث، وقال في بيان نشره على حسابه في منصة إكس، اليوم الثلاثاء، إن "الجيش يحقق في المأساة التي وقعت وأن بلاده ستتعلم منها لحماية أرواح الجنود، وأن البلاد مرت أمس بأحد أصعب الأيام منذ اندلاع الحرب في غزة"، معربًا عن حزنه على سقوط الجنود.
وأكد أن "الجيش الإسرائيلي فتح تحقيقًا في الكارثة"، مشددًا على وجوب استخلاص العِبَر اللازمة مما حصل للحفاظ على حياة الجنود، وختم بإعادة تأكيد أن بلاده لن توقف القتال حتى القضاء على حركة حماس.
المصادفة
وأعلن دانيال هاجاري، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أن جنود احتياط كانوا يعدون متفجرات لهدم منزلين في وسط غزة، أمس الاثنين، عندما أطلق مسلح قذيفة صاروخية على دبابة قريبة، ما أدى إلى تنشيط العبوات الناسفة وانفجارها، ما أسفر عن انهيار المبنيين المكونين من طابقين على الجنود وهم بداخلهما.
ووقعت عملية التفجير في المنطقة العازلة على بُعد نحو 600 متر من سياج غزة بمنطقة مخيم المغازي للاجئين، وفق ما أفادت هيئة البث الإسرائيلية.
بهذا الحادث يرتفع عدد قتلى الجيش الإسرائيلي منذ بدء الهجوم البري على القطاع في 27 أكتوبر الماضي إلى نحو 218، أما عدد قتلاه منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، فبلغ حسب إحصاءات إسرائيلية رسمية 535 جنديًا وضابطًا.