بدأ الإعلام الأمريكي يسلّط الضوء على الحالة التي يشهدها اقتصاد بلاده، رغم وجود أرقام ومستويات مبشرة تظهر على السطح حول التضخم وفرص العمل، من بين تلك الوسائل، فقد نشرت صحيفة "ناشيونال إنترست" الأمريكية مقالًا للخبير المالي والاقتصادي ونائب مدير صندوق النقد الدولي السابق "ديسموند لاكمان".
نائب مدير صندوق النقد الدولي السابق، قال في مقاله، إنه "على الرغم من أرقام التوظيف والتضخم الجيدة خلال الأشهر القليلة الماضية من عام 2023، فإن الاقتصاد الأمريكي لا يزال في وضع خطير"، مستشهدًا بـ"نكتة قديمة في وول ستريت" تقول: "إن رجلًا قفز من مبنى إمباير ستيت، وعندما سُئل عن أحواله أثناء مروره بالطابق الأربعين، أجاب: حتى الآن جيد جدًا".
هبوط ناعم
كبير استراتيجيات الأسواق الناشئة في "سالومون سميث بارني"، قال: "يتعين علينا أن نتساءل ما إذا كانت هذه النكتة القديمة قد تتكشف الآن في الاقتصاد الأمريكي، وفي حين أن الأرقام الاقتصادية تقدم كثيرًا من الدعم لمؤيدي الهبوط الاقتصادي الناعم، فإن الظروف الأساسية للبلاد أثارت القلق من أن الاقتصاد قد يكون في حالة هبوط اقتصادي حاد في وقت لاحق من هذا العام".
"ديسموند لاكمان" الذي عمل أستاذًا مساعدًا في جامعتي جونز هوبكينز وجورج تاون، قال: "إن هناك خبرًا سيئًا وهو قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بأسرع وتيرة منذ عقود، حيث يمهد ذلك الطريق لجولة أخرى أكثر شراسة من أزمة البنوك الإقليمية من تلك التي شهدناها في بداية العام الماضي مع فشل السياسة النقدية، وإذا حدث ذلك فلابد أن نتوقع من البنوك الإقليمية أن تقلص بشكل جذري الائتمان المقدم للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تشكل ما يقرب من نصف النشاط الاقتصادي وتشغيل العمالة في الولايات المتحدة".
البنوك الإقليمية
ورأى أن "سبب التشاؤم بشأن البنوك الإقليمية ذو شقين، أولاً، تسببت سياسة سعر الفائدة العدوانية التي انتهجها بنك الاحتياطي الفيدرالي في خسائر كبيرة للغاية في محفظة سندات خزانة البنوك، وبالنسبة للقطاع المصرفي ككل، تقدر هذه الخسائر بنحو 600 مليار دولار، ثانيًا، تعاني البنوك الإقليمية من تعرض كبير وغير صحي لقطاع العقارات التجارية المضطرب".
وفي هذا العام، سوف تواجه شركات العقارات صعوبة كبيرة في تجديد القروض المستحقة بقيمة 500 مليار دولار بأسعار فائدة أعلى كثيرًا من تلك التي تم التعاقد بها في الأصل على القروض، وسوف يفعلون ذلك لأنه في أعقاب الوباء، تعرضت هذه الشركات لمعدلات شواغر قياسية وانخفاض حاد في أسعار العقارات، وفق "ديسموند لاكمان".
وسلّطت دراسة أجراها أخيرًا المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية الضوء على خطورة المشكلات التي تواجهها البنوك الإقليمية، ووجدت أنه إذا ظلت أسعار الفائدة قريبة من مستوياتها الحالية وإذا بدأت الشركات العقارية التجارية في التخلف عن سداد قروضها، فقد يفشل نحو 385 بنكًا إقليميًا، وهذا بدوره يستدعي أشباح أزمة الادخار والقروض في أوائل الثمانينيات.
اقتصاد يعاني ديونًا
وهناك سبب آخر وربما أكثر خطورة للقلق، وهو الحالة المزرية التي بلغتها مواردنا المالية العامة، وفي وقت يتسم بالقوة الاقتصادية الدورية، عندما ينبغي لنا أن نحقق فوائض في الميزانية، يتجاوز عجز ميزانيتنا 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن يظل عند هذا المستوى لأبعد ما يمكن أن تراه العين، ومع وجود احتمال ضئيل بأن يعالج الكونجرس المنقسم هذه القضية في أي وقت قريب، يحذر مكتب الميزانية غير الحزبي في الكونجرس من أنه بحلول عام 2030، يمكن أن يصل الدين الوطني بالنسبة لحجم الاقتصاد إلى مستوى مماثل لما حدث في الحرب العالمية الثانية.
ولابد أن يكون من دواعي القلق أن الحكومات الأجنبية الكبرى، مثل تلك الموجودة في الصين واليابان، بدأت تفقد شهيتها لسندات الخزانة الأمريكية، ومن المثير للقلق أيضًا أن وكالات التصنيف تحذر من أن التصنيف الائتماني لحكومة الولايات المتحدة قد ينخفض إذا لم تعمل على إصلاح أساليبها المسرفة في التعامل مع الميزانية، وهذا من شأنه أن يهيئنا لأزمة الدولار في المستقبل، ما يؤدي إلى نوبة تضخمية أخرى، وفق الخبير المالي.