مع بدء سلسلة جديدة من التصريحات العدائية بين حزب الله في لبنان ودولة الاحتلال الإسرائيلي، على خلفية مقتل القيادي في حركة حماس الفلسطينية صالح العاروري داخل الأراضي اللبنانية، ثار قلق أمريكي حول اعتزام إسرائيل فتح جبهة حرب جديدة في لبنان.
صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية نقلت، في تقرير لها، قلق مسؤولين في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من شن إسرائيل حملة عسكرية واسعة على جماعة حزب الله في لبنان، بهدف استقرار وضع رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو لإنقاذ مسيرته السياسية.
قلق أمريكي
المسؤولون الأمريكيون أبدوا قلقهم، وفق الصحيفة من أن يرى "نتنياهو" أن القتال الموسع في لبنان هو مفتاح بقائه السياسي، وسط انتقادات داخلية لفشل حكومته في منع هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي، الذي أسفر عن مقتل ما يقدر بنحو 1200 شخص واحتجاز نحو 240 رهينة.
وبحسب الصحيفة، فإن الرئيس بايدن أرسل كبار مساعديه إلى الشرق الأوسط لمنع اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية المسلحة، فيما أوضحت إسرائيل أنها ترى أن تبادل إطلاق النار المنتظم بين قواتها وحزب الله على طول الحدود أمر لا يمكن الدفاع عنه، وأنها قد تشن قريبًا عملية عسكرية كبيرة في لبنان.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت: "نحن نفضل طريق التسوية الدبلوماسية المتفق عليها، لكننا نقترب من النقطة التي ستنقلب فيها الساعة الرملية"، بينما حذرت الإدارة الأمريكية في محادثات خاصة دولة الاحتلال من تصعيد كبير في لبنان، وإذا فعلت ذلك، فإن تقييمًا سريًا جديدًا صادرًا عن وكالة الاستخبارات الدفاعية (DIA) وجد أنه سيكون من الصعب على قوات الدفاع الإسرائيلية أن تنجح في ذلك لأن أصولها ومواردها العسكرية ستكون منتشرة بشكل ضئيل للغاية نظرًا للصراع في غزة، وفق الصحيفة.
حزب الله يريد تجنب التصعيد
وترى الصحيفة الأمريكية، أن حزب الله، والذي يمتلك مقاتلين مدربين تدريبًا جيدًا وعشرات الآلاف من الصواريخ والقذائف، يريد تجنب تصعيد كبير، وفق مسؤولين أمريكيين يقولون إن زعيم الجماعة، حسن نصر الله، يسعى إلى الابتعاد عن حرب أوسع نطاقًا، فيما تعهد نصر الله في خطاب ألقاه بالرد على العدوان الإسرائيلي، مع تلميحه في الوقت ذاته إلى أنه قد يكون منفتحًا على المفاوضات بشأن ترسيم الحدود مع إسرائيل.
المتحدث باسم وزير الخارجية أنتوني بلينكن، مات ميلر، قال: "ليس من مصلحة أحد لا إسرائيل، ولا المنطقة، ولا العالم أن ينتشر هذا الصراع إلى ما هو أبعد من غزة، لكن هذا الرأي لا يتم تبنيه بشكل موحد داخل الحكومة الإسرائيلية".
مسؤولون أمريكيون قالوا إن الإسرائيليين بحثوا شن هجوم وقائي على حزب الله، وهو ما لاقى معارضة أمريكية مستمرة بسبب احتمالية جر إيران، التي تدعم كلا المجموعتين، والقوات الوكيلة الأخرى إلى الصراع، وهو احتمال قد يجبر الولايات المتحدة على الرد عسكريًا نيابة عن إسرائيل.
ضحايا الحرب
وقال بلال صعب، الخبير في الشؤون اللبنانية في معهد الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث في واشنطن: "قد يتراوح عدد الضحايا في لبنان بين 300 ألف و500 ألف، الأمر الذي يستلزم إخلاءً واسع النطاق لشمال إسرائيل بأكمله، وقد يضرب حزب الله إسرائيل بشكل أعمق من ذي قبل، فيضرب أهدافًا حساسة مثل مصانع البتروكيماويات والمفاعلات النووية، وقد تقوم إيران بتنشيط الميليشيات في جميع أنحاء المنطقة، لا أعتقد أن الأمر سيقتصر على هذين الخصمين".
الصحيفة الأمريكية نقلت عن مسؤول أمريكي قال: "إن حزب الله يشكل تهديدًا مشروعًا لإسرائيل، وإن للدولة اليهودية الحق في الدفاع عن نفسها".
وقال مسؤولون في البيت الأبيض ووزارة الخارجية إن خطر قيام إسرائيل بشن هجوم طموح على حزب الله لم يختف أبدًا، ولكن كان هناك قلق أوسع بشأن التصعيد في الأسابيع الأخيرة، وخاصة أن إسرائيل أعلنت انسحابًا مؤقتًا لعدة آلاف من القوات من غزة، في الأول من يناير الجاري، وهو القرار الذي قد يفتح المجال أمام عملية عسكرية في الشمال.