الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

علاقات روسيا وإسرائيل تصل أدنى مستوياتها منذ سقوط الاتحاد السوفيتي

  • مشاركة :
post-title
بوتين ونتنياهو

القاهرة الإخبارية - محمد سالم

وصلت العلاقات الروسية الإسرائيلية أدنى مستوياتها، بسبب الموقف الروسي المؤيد للفلسطينيين، الذي أدى إلى تأجيج التوترات وتسليط الضوء على التحول في العلاقات منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية.

وتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هاتفيًا مع بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، ديسمبر الجاري، في أول محادثة بينهما منذ أسابيع، ولم يتعاملا كشريكين بل على خلفية التوترات التاريخية، بحسب تحليل نشرته "الجارديان". 

الدبلوماسي الروسي السابق في طهران، والأستاذ المشارك في جامعة طقر، نيكولاي كوزانوف، يقول إن العلاقات بين البلدين وصلت أدنى مستوياتها على الإطلاق منذ سقوط الاتحاد السوفيتي. 

روايات متناقضة

وترى فيرا ميشلين شابير، من جامعة كينجز كوليدج في لندن والمسؤولة السابقة بمجلس الأمن القومي الإسرائيلي والمتخصصة في السياسة الخارجية الروسية، أن الروايات المتناقضة التي نشرها الجانبان بعد مكالمة 10 ديسمبر، أعطت نظرة ثاقبة على العلاقات المتوترة. 

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، إنه أعرب خلال حديثه مع بوتين، عن استيائه من المواقف المناهضة لإسرائيل، التي اتخذها مبعوث موسكو في الأمم المتحدة، إلى جانب رفضه الشديد لتعاون روسيا الخطير مع "إيران". 

وضع كارثي

وفي الوقت نفسه؛ سلط الكرملين الضوء على الوضع الإنساني "الكارثي والمفجع" في قطاع غزة، مؤكدًا أن الرد العسكري لإسرائيل لا يجب أن يؤدي إلى مثل هذه العواقب الوخيمة على المدنيين. 

وقالت ميشلين شابير، إن هذه المرة لم يكن الأمر مجرد حوار، بل طرح الزعيمان مواقفهما. 

قبل يوم واحد من محادثة نتنياهو وبوتين، أيدت موسكو قرار الأمم المتحدة الداعي لوقف إطلاق النار في غزة، وقالت إن الولايات المتحدة متواطئة في المذبحة الوحشية التي ارتكبتها إسرائيل، في إشارة غير مباشرة لقتلها نحو 21 ألف مدني في غزة منذ بدء الحرب. 

مواقف الكرملين

قال كوزانوف إن نهاية الوفاق المُعقد بين روسيا وإسرائيل، سلط الضوء على تحول عالمي أكبر كان يحدث في مواقف الكرملين بشأن الشرق الأوسط، منذ الحرب الروسية الأوكرانية، إذ أدركت روسيا بسرعة أن العلاقات مع الغرب تضررت منذ فترت طويلة. 

وأضاف أن روسيا بدأت بعد بداية الحرب في البحث عن طرق لتقوية علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع الدول العربية، في ظل تقارب قوي مع إيران، التي كانت تقدم قذائف مدفعية وطائرات دون طيار وصواريخ لروسيا. 

وفي رحلة نادرة، استغرقت يومًا واحدًا، أبرزت العلاقات الدافئة التي يتمتع بها الرئيس الروسي مع لاعبين رئيسيين في الشرق الأوسط، إذ زار بوتين في وقت سابق من هذا الشهر، الإمارات والسعودية، وتلقى ترحيبًا كبيرًا، رغم وضعه كمطلوب للعدالة من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. 

زيارة بوتين للشرق الأوسط

وكتبت صحيفة "إزفستيا" المؤيدة للكرملين، أن زيارة بوتين إلى الشرق الأوسط أكدت الضجيج الفارغ في الكلمات حول عُزلة روسيا. 

ومن جانبه؛ قال كوزانوف، إن حرب إسرائيل على غزة وفرت لموسكو فرصة نادرة لمغازلة الجنوب العالمي، الذي اتهم النظام الغربي بالنفاق فيما يتعلق بالوفيات في فلسطين، إذ حرص الكرملين على المطالبة بالأرضية الأخلاقية العالية، رغم "سجله في حروب الشيشان وسوريا وأوكرانيا، بحسب "الجارديان". 

وأشار إلى أن روسيا شعرت أن حرب غزة تدفع الجنوب العالمي بعيدًا عن الغرب، ويمكن أن تجعل مواقفه أكثر تعاطفًا مع موسكو. 

طرف نقيض

ويشير التقرير إلى أنه بالرغم من أن روسيا وإسرائيل سعتا على مدى عقدين من الزمن لتحقيق توازن دقيق، إذ وجدا نفسيهما في كثير من الأحيان على طرفي نقيض من الطيف الجيوسياسي. 

وقالت ميشلين شابير: "ما بين روسيا وإسرائيل لم يكن تحالفًا أبدًا، لكن كان هناك تفاهم استرايتجي، إذ إن كلا البلدين يحتاجان لبعضهما البعض، إلا أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، التي جعلت بوتين منبوذًا في معظم أنحاء الغرب وضعت إسرائيل في مأزق.

وقال بنحاس جولدشميت، كبير الحاخامات السابق في موسكو، إن الكثيرين في إسرائيل شعروا بعدم الارتياح إزاء قيام موسكو بمقارنة الحكومة الأوكرانية بألمانيا النازية لتبرير حربها. 

النازيون الجدد

وفي ربيع 2022، امتدت تلك التوترات لأول مرة إلى العلن، عندما اتهم مسؤولون روس إسرائيل بدعم النازيين الجدد في كييف، ليشتعل الخلاف بعد أن أعاد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، طرح نظرية زعم فيها أن أدولف هتلر لديه دماء يهودية، وهو التعليق الذي وصفته إسرائيل بأنه "مشين وغير قابل للتسامح". 

وقال ألكسندر جابويف، مدير مركز كارنيجي روسيا أوراسيا، إنه كان من المنطقي أن تختار موسكو دعم الفصائل الفلسطينية، لأنه الخيار الأكثر فائدة لجهودها الحربي في أوكرانيا، مشيرًا إلى أن الحرب في أوكرانيا أصبحت محركًا أسياسيًا لسياسية بوتين. 

وأضاف: "لهذا السبب لم يكن من الممكن تصور رد فعل الكرملين على هجمات حماس، ثم انتقادات روسيا الحادة لحرب إسرائيل على غزة، لكنه ليس مفاجئًا في 2023". 

وسارع المسؤولون الروس، لإصدار تصريحات عبر وسائل الإعلام، التي تسيطر عليها الدولة، لاتخاذ موقف داعم لفلسطين، والحديث عن الأخطاء العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلة الفادحة، التي تم تقديمها كدليل على الضعف الغربي. 

حرب إسرائيل وحماس

وبحسب الصحيفة، أثبتت الحرب بين إسرائيل وحماس، أنها انتصار لبوتين، من خلال المساعدة في صرف انتباه الغرب عن الحرب في أوكرانيا، في وقت تكافح الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للمضي قدمًا في حزمتي مساعدات حاسمتين تعتبران حيويتين لبقاء كييف على المدى الطويل. 

وأسهم موقف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المتشدد في دعم إسرائيل، في حربها على غزة، وسعيه لمقارنة روسيا بحماس، إلى نفور دور الجنوب العالمي، ما أدى لما يمكن وصفه بضياع أشهر من الجهود الدبلوماسية التي بذلها الغرب وأوكرانيا لتصوير روسيا على أنها منبوذة عالميًا في الجنوب العالمي. 

وقالت ميشلين شابير إن الحرب بين حماس وإسرائيل أتاحت لبوتين فرصة جديدة لفرض نفسه على النظام العالمي.