قبل بضعة أسابيع وفي قرية "جنوب" بالضفة الغربية، كان لدى المزارع الفلسطيني صبحي شليدة، وعائلته نحو 500 فدان من أراضي الرعي، التي تضم المئات من أشجار الزيتون المثمرة، ويسرح فيها قطيع كبير من الأغنام، لكنهم بين عشية وضحاها فقدوا مصدر رزقهم وأرضهم.
ويوضح شليدة في حديثه إلى شبكة "سكاي نيوز" البريطانية، أنه في 9 أكتوبر الماضي، بعد يومين من عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها الفصائل في مستوطنات غلاف غزة، اقتحم مستوطنون أراضيهم ودمروا منازلهم.
وقال شليدة: "جاء أكثر من 50 مستوطنًا مسلحين ببنادق وسكاكين ومناجل"، مُردفًا: "اقتحموا منازلنا وأضرموا النار فيها، ثم سرقوا مواشينا".
وأمست الأسرة المكونة من 9 أفراد، من بينهم 7 أطفال، بالإضافة إلى نحو 70 فردًا من عشيرة شليدة، بلا مأوى، ولا يملكون قوت يومهم.
وأضاف "شليدة": "لقد استغل المستوطنون الحرب على غزة، واتخذوها ذريعة لأخذ أراضينا وطردنا منها".
ومع عدم توفر ما يدافعون به عن أنفسهم أو وجود جهة قادرة على حمايتهم، اضطرت الأسرة إلى الفرار من القرية بشكل فوري، كما يقول شليدة.
وبحسب المزارع الذي يمتلك تلك الأراضي منذ عقود بعد أن ورثها عن والده وجده، فإن باب العودة إلى قريتهم لا يزال موصدًا، لافتًا إلى أن جيش الاحتلال وضع حواجز على الطريق تعيق رجوعهم، في حين لا يزال المستوطنون يسيطرون على أراضيهم.
وفي الوقت الحالي، يعيش شليدة مع أفراد عائلته الكبيرة في غرفة واحدة استأجرها بقرية مجاورة، مردفا: "لقد أبلغنا الصليب الأحمر والسلطات الفلسطينية والإسرائيلية بمأساتنا.. ولا نعرف ماذا سيحدث".
وفي وقت سابق، اعترف أحد زعماء المستوطنين، ويدعى يهودا سيمون، أن المزارعين الفلسطينيين في المنطقة القريبة من مكان إقامته في نابلس، يُمنعون من قطف زيتونهم.
وأضاف ذلك المحامي الذي يمثل مستوطنين أمام المحاكم الإسرائيلية في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي": "الجيش توصل إلى استنتاج مفاده أن الفلسطينيين الذين يأتون لقطف الزيتون يجمعون معلومات من أجل تنفيذ هجمات، على غرار ما حدث في 7 أكتوبر".
وتجدر الإشارة إلى أن العام الحالي شهد أحداثًا دامية في الضفة الغربية، إذ استشهد نحو 500 فلسطيني جرّاء اعتداءات المستوطنين أو برصاص جيش الاحتلال، وفقًا لما ذكرت شبكة "سكاي نيوز" البريطانية.
ودعا المجتمع الدولي حكومة الاحتلال لوقف هجمات المستوطنين المتطرفين ضد الفلسطينيين العزل بالضفة الغربية المحتلة.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات، تتمثل بحظر تأشيرات الدخول إليها، على المستوطنين الذين ثبت تورطهم في الاعتداءات على الفلسيطنيين العزل بالضفة المحتلة.
وأخيرًا أعربت أستراليا، بلجيكا، كندا، الدنمارك، الاتحاد الأوروبي، فنلندا، فرنسا، أيرلندا، لوكسمبورج، هولندا، النرويج، إسبانيا، السويد، سويسرا، والمملكة المتحدة، عن قلقها البالغ إزاء العدد القياسي للهجمات التي يشنها المستوطنون المتطرفون ضد المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
ودعت هذه الأطراف - في بيان مشترك أوردته وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية "وفا" حكومة الاحتلال إلى اتخاذ خطوات فورية وملموسة لمعالجة ارتفاع مستويات العنف التي يرتكبها المستوطنون في الضفة الغربية المحتلة.
وجاء في البيان "منذ بداية شهر أكتوبر، ارتكب المستوطنون أكثر من 343 اعتداءً عنيفًا، أسفرت عن استشهاد 8 مدنيين فلسطينيين، وإصابة أكثر من 83 آخرين، وإجبار 1026 فلسطينيًا على ترك منازلهم".
وفي نوفمبر الماضى، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن اعتداءات المستوطنين التي تزداد عنفًا يومًا بعد يوم على القرى في الضفة الغربية الغربية، أجبرت ما لا يقل عن 16 تجمعًا سكانيًا فلسطينيًا، تضم أكثر من ألف شخص على الفرار من منازلهم.