مع دخول الحرب الروسية- الأوكرانية مشارف عامها الثالث، يبدو الرئيس الأوكراني فولديمير زيلينسكي -الذي كان يحظى بدعم وتأييد غربي واسع- في أزمة كبيرة بسبب الموارد التي يتعين عليه توفيرها من أجل الاستمرار في الحرب؛ بينما الكثير من قادة العالم القلقين صاروا ينظرون إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باعتباره منتصرًا.
ويلفت تقرير نشرته شبكة NBC News الأمريكية، إلى أنه قبل عام، وقف زيلينسكي في الكونجرس الأمريكي متحدثًا عن مواجهته لغريمه الروسي، مدعومًا بالوعود ومليارات الدولارات؛ بينما كان خصمه صامتًا يواجه فقدان بعض من الأراضي وعدد من المشكلات الداخلية "لكن الثلاثاء الماضي، وقف بوتين في وزارة الدفاع الروسية متحدثًا بلهجة المنتصرين، بينما وقف زيلينسكي مرتبكا مع قادته في مؤتمر صحفي أقيم على عجل، وكان يبدو كالمهزومين".
بوتين أقوى
قبل ستة أشهر، أشارت تقارير إلى أن الكرملين يضم مشاحنات داخلية حول كيفية تعامل القيادة العسكرية الروسية مع الحرب، والتي بلغت ذروتها في تمرد رئيس مجموعة فاجنر الراحل يفجيني بريجوجين. لكن بعد سحق التمرد، بدأ حلفاء أوكرانيا يشككون في مسار هجومها المضاد.
يقول التقرير: "بدا الزعيم الروسي مبتهجًا عندما كان يروج للمجهود الحربي الروسي في المؤتمر الصحفي، محاطًا بكبار قادته العسكريين.
وينقل التقرير عن مارك جاليوتي، رئيس مؤسسة Mayak Intelligence المعنية بالشأن الروسي، قوله إن إظهار بوتين للثقة ليس مفاجئًا "بوتين الآن في وضع أقوى مما كان عليه في أي وقت منذ الغزو". مضيفًا أن زيلينسكي، في الوقت نفسه، في وضع مختلف تمامًا "إذ يتراجع عن تكتيكه المعتاد، المتمثل في التذرع بالتزام أخلاقي من جانب حلفائه بمساعدة أوكرانيا، بينما بدا وكأنه يوجه طعنة مستترة إلى واشنطن".
وأشار جالوتي إلى أن حديث زيلينسكي عن "عدم خيانة الولايات المتحدة لأوكرانيا" هو جزء من استراتيجية "الابتزاز الأخلاقي" التي نجحت بشكل جيد بالنسبة للزعيم الأوكراني على مدى العامين الماضيين" لكنها لا يمكن أن تذهب إلى أبعد من ذلك، وبدأت تضعف في الغرب" وفق رؤيته. لافتًا إلى أن هذا يعكس حقيقة أن الرئيس الأوكراني لم يشعر بخيبة الأمل من نتيجة رحلته الأخيرة إلى الولايات المتحدة فحسب -حيث لم يحصل على الأموال التي طلبها بايدن من أجله- بل جعله أيضًا يبدو أضعف في الداخل. بينما من المفترض أن يكون صانع المعجزات، الذي يسافر ثم يعود قادرًا على حل هذا النوع من المشاكل.
نجم خافت
مع قرب نهاية العام الثاني من الحرب، خفت سطوع نجم الرئيس الأوكراني، الذي كان ملء السمع والبصر في الغرب باعتباره المقاوم الأول ضد التمدد الروسي في أوروبا. لكن مع مرور الوقت وانحسار الدعم الغربي، وعدم تحقيق القوات الأوكرانية نجاحات قوية أمام الروس، بدأت اضطرابات عدة تعصف بالجبهة الداخلية.
وبينما بدا زيلينسكي على خلاف مع كبير جنرالاته، الذين قالوا إن الحرب "وصلت إلى طريق مسدود"، حاول بوتين الاستفادة من حقيقة تعثر الزخم بالنسبة لكل من أوكرانيا وزيلينسكي، معبرًا عن ثقته بنفسه. كان هذا جليًا في مؤتمر الثلاثاء أمام الصحفيين، عندما قال إن قواته "تمتلك زمام المبادرة في أوكرانيا واكتسبت خبرة عسكرية لا مثيل لها على مستوى العالم". مؤكدًا أن أوكرانيا تعاني "خسائر فادحة" وتبدد احتياطياتها إلى حد كبير.
ودليلًا على إحكام قبضته، منح بوتين في اليوم نفسه أوسمة "بطل روسيا" لبعض قواته وشاركهم الشراب؛ قائلًا إنه "مستعد للمضي قدمًا حتى النهاية في حماية روسيا".
ووفق ما قاله مايكل كلارك، أستاذ دراسات الحرب الزائر في الكلية الملكية بلندن: "لا يمكن إنكار أن الأشهر القليلة الماضية كانت سيئة بالنسبة لأوكرانيا، وأن بوتين -بعد أن نجا من تمرد بريجوزين- أصبح في وضع أفضل بكثير مما بدا عليه في الصيف".
وأضاف كلارك لمحرر التقرير أن زيلينسكي، على الرغم من انخفاض شعبيته "لا يزال مصممًا كما كان دائمًا"، حيث لا يزال أكثر من 60% من الأوكرانيين يدعمونه، وفقًا لاستطلاع للرأي أجري مؤخرًا. بينما كانت النسبة 84% العام الماضي.