أكد أيمن الصفدي، وزير الخارجية الأردني، أن ما تفعله إسرائيل لا يقتل الفلسطينيين الأبرياء فحسب، ولا يدمر سبل عيشهم فحسب، ولا يدمر غزة فحسب، وإنما تجعلها غير صالحة للسكن، وتقتل الإيمان بالسلام، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الأردنية "بترا".
وأضاف "الصفدي"، خلال ندوة حوارية نظمها مركز ويلسون للأبحاث في واشنطن: "إذا أجريت استطلاعًا للرأي في المنطقة، وسألت الناس هل ما زالوا يعتقدون أن السلام مع إسرائيل قابل للحياة، فإن الأغلبية ستقول لا، وبالتالي فإن إسرائيل عانت حقًا من هزيمة استراتيجية في هذه الحرب".
وأشار إلى أن إسرائيل كشفت عن السياسات التي كانت تطبقها بشكل منهجي حتى قبل الحرب في الضفة الغربية، ما أدى إلى قتل أي أفق للتوصل إلى تسوية سلمية لهذا الصراع، من خلال توسيع المستوطنات، ومصادرة الأراضي، وحتى السماح للمتطرفين بتحديد مستقبل الفلسطينيين، مع أشخاص مثل بن جفير وسموترتش في مواقع صنع القرار في الوقت الحالي، الذين كانوا يدعون علنًا إلى محو الشعب الفلسطيني من على وجه الأرض، وينكرون أن لديهم أي حقوق، وحتى رئيس الوزراء الإسرائيلي قال إنه سيخنق أي طموح فلسطيني للدولة.
وشدد وزير الخارجية الأردني، على أن استخدام الغذاء كسلاح هو "جريمة حرب أخرى" يجب أن تتحمل إسرائيل المسؤولية عنها.
وقال "الصفدي": إن ما يحدث على الأرض في غزة، أعني أن هذه الحرب حطمت كل الأرقام القياسية؛ بقتل أكبر عدد من الصحفيين والمسعفين وموظفي الأمم المتحدة، وتدمير المستشفيات.
وتابع: القانون يطبق بشكل انتقائي، وموقف العديد من شركائنا وأصدقائنا الغربيين في هذا الجزء من العالم لا يرتقي إلى مستوى الالتزام القانوني أو الأخلاقي بوقف هذه المذبحة التي تقع ضمن نطاق القانون الدولي، والتعريف القانوني للإبادة الجماعية في هذه المرحلة والخطر يكمن في المستقبل وليس في الوقت الحالي فقط.
ودعا وزير الخارجية الأردني إلى الوقوف لجانب السلام ولحق جميع شعوب المنطقة في العيش بسلام، لأن هذه الحرب لن تجلب الأمن لإسرائيل، ما لم يتمتع الفلسطينيون بالأمن أيضًا، ولن تساعد كذلك إسرائيل من خلال مواصلة العدوان الذي سيطارد المنطقة بأكملها لسنوات عديدة مقبلة.
ولفت إلى أن ما يحدث في الضفة الغربية هو حرب هادئة تجري أيضًا، لافتًا إلى وقوع أكثر من 300 هجوم إرهابي للمستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ بدء النزاع في 7 أكتوبر، وأن المعدل اليومي يبلغ 6 هجمات إرهابية يقوم بها المستوطنون على الفلسطينيين.
وأشار إلى إن إسرائيل أعلنت قبل يومين عن توسعة استيطانية جديدة ستفصل القدس الشرقية عن جنوب الضفة الغربية، وكان ذلك قبل ثلاثة أيام فقط، ومرة أخرى يخرج السياسيون الإسرائيليون قائلين إنهم لن يعترفوا بحقوق الفلسطينيين، ويستمر تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم. لذا أعتقد أن ما نواجهه هنا ليس مجرد تحدٍ لما يحدث في غزة.
استطرد: حتى الآن، لم نشهد سوى أعمال انتقامية قاسية تستهدف المدنيين، وإسرائيل نفرض الواقع المروع على كل من الضفة الغربية وغزة الآن فقط بمزيد من الدمار، والمزيد من الموت والمزيد من الألم، وتهجير الفلسطينيين من الشمال، وتدمير المباني، مثل المجلس التشريعي في غزة. وخلص "الصفدي" إلى أن الهدف الاستراتيجي الإسرائيلي هو إرسال رسالة إلى الفلسطينيين مفادها بأنه لن يُسمح لكم بالعودة أبدًا.
وقال عندما يتم دفع جميع سكان غزة إلى أقل من 56% من مساحة القطاع، بلا مستشفيات أو مدارس أو صرف صحي أو مياه، لفرض واقع يدفع الناس إلى الخروج، الأمر الذي يرفضه الأردن ومصر، وجميع الدول العربية، ولن ندعم ذلك أبدًا، أو نسمح أبدًا بتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.
وبيّن وزير الخارجية الأردني أن إسرائيل تشن عدوانًا غير قانوني وغير أخلاقي وغير إنساني ضد الفلسطينيين، وهي تخلق واقعًا مروعًا، والعالم صامت، مؤكدًا أن الفشل في دعم الدعوة إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية هو بمثابة تأييد لمزيد من القتل للفلسطينيين، والمزيد من انتهاك القانون الدولي وارتكاب جرائم الحرب، وتعريض مستقبل المنطقة بما في ذلك حياة الإسرائيليين للخطر.